هل صحيحٌ أنّ الإمامَ عليّ (عليهِ السلام) قال: إنّ لي شيطاناً يعتريني؟
السلام عليكُم ورحمةُ الله وبركاتُه،
المعروفُ عندَ الفريقين ـ سنّةً وشيعة ـ أنّ هذهِ المقولة (إنَّ لي شيطاناً يعتريني) صدرَت مِن أبي بكرٍ بنِ أبي قحافة وهو يخطبُ على المنبرِ بعدَما تقمّصَ الخلافة، وجاءَتِ المصادرُ مُتّفقةً على ذلك، روى الحافظُ عبدُ الرزّاقِ الصنعانيّ في [المُصنّف ج11 ص336] أنّ أبا بكرٍ خطبَ فقال: « أما واللهِ ما أنا بخيرِكم، ولقد كنتُ لمقامي هذا كارهاً، ولوددتُ لو أنّ فيكُم مَن يكفيني، فتظنّونَ أنّي أعملُ فيكم سنّةَ رسولِ الله (صلّى اللهُ عليه [وآله] وسلم) إذاً لا أقوم لها، إنّ رسولَ اللهِ (صلّى اللهُ عليهِ [وآله] وسلم) كانَ يُعصَم بالوحي، وكانَ معهُ ملكٌ، وإنّ لي شيطاناً يعتريني، فإذا غضبتُ فاجتنبوني، لا أوثرُ في أشعارِكم ولا أبشارِكم، ألا فراعوني، فإن استقمتُ فأعينوني، وإن زغتُ فقوّموني ».
وينظرُ مِن مصادرِ المُخالفين: الطبقاتُ الكُبرى لابنِ سعد ج3 ص212، تاريخُ الطبري ج2 ص460، تاريخُ دمشق ج30 ص303، فوائدُ ابنِ ماسي ص102، شرحُ نهجِ البلاغة ج6 ص20، المنتظمُ في تاريخِ الأمم ج4 ص69، البدايةُ والنهاية ج6 ص334، وغيرُها.
وقد استدلّ علماؤنا الأبرارُ (أنارَ اللهُ برهانَهم) ـ تبعاً لأئمّتنا المعصومينَ (عليهم السلام) ـ بهذهِ الخُطبة على بطلانِ خلافةِ أبي بكرٍ وعدمِ صحّتها، وذكروها في كتبِهم الكلاميّةِ ضمنَ الأمورِ التي تسلبُ عنهُ مؤهّلاتِ الإمامة، نوردُ في المقامِ كلامَ السيّدِ المُرتضى علمِ الهُدى في [الشافي في الإمامةِ ج4 ص121]، فإنّه قالَ بعدَ ذكرها: (يدلُّ على أنّه لا يصلحُ للإمامةِ مِن وجهين:
أحدُهما: أنّ هذه صفةُ مَن ليسَ بمعصوم، ولا يأمنُ الغلط َعلى نفسِه، ومَن يحتاجُ إلى تقويمِ رعيّتِه له إذا واقعَ المعصية، وقد بينّا أنّ الإمامَ لا بدّ أن يكونَ معصوماً مُسدّداً موفّقاً.
والوجهُ الآخر: أنّ هذهِ صفةُ مَن لا يملكُ نفسَه، ولا يضبطُ غضبَه، ومَن هو في نهايةِ الطيشِ والحدّة، والخرقِ والعجلة، ولا خلافَ أنّ الإمامَ يجبُ أن يكونَ منزّهاً عن هذهِ الأوصاف، غيرُ حاصلٍ عليها)، انتهى.
وينظر أيضاً: الإيضاحُ ص129، المسترشدُ ص240، الفصولُ المُختارة ص123، كشفُ المُراد ص507، منهاجُ الكرامة ص99، نهجُ الحقّ ص264، الصراطُ المُستقيم ج1 ص79، إحقاقُ الحقّ ص219، نورُ الأفهام ج1 ص424، دلائلُ الصدق ج7 ص25، وغيرُها.
ـ وأمّا نسبةُ هذه المقولةِ لأميرِ المؤمنينَ (عليهِ السلام) فهوَ وهمٌ وسهوٌ، إذ لا تصحُّ نسبتُها له (عليهِ السلام) بالمرّة، ولا جاءَت بالمصادرِ، والإمامُ عندَنا مؤيّدٌ مُسدّد، معصومٌ مُطهّرٌ بنصِّ آيةِ التطهير، فلا سبيلَ للشيطانِ عليه كما هوَ واضح.
والحمدُ للهِ ربّ العالمين.
اترك تعليق