هل إن علي بن أبي طالب (ع) كان يعرف ما سيحدث للزهراء (ع) بعد وفاة النبي (ص) من هجوم على بيته وحرق بابه وإسقاط جنينه؟
السلام عليكم ورحمة الله
يظهرُ من بعض الرّوايات أنّه كان يعلم بذلك . 1- روى الصّدوق بسنده عن عليّ بن أبي طالب ( عليه السّلام ) ، قال : بينا أنا وفاطمة والحسن والحسين عند رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) ، إذا إلتفتَ إلينا فبكى ، فقلت : ما يُبكيك يا رسول الله ؟ فقال : أبكي ممّا يُصنع بكم بعدي . فقلتُ : وما ذاك يا رسول الله ؟ قال : أبكي من ضربتك على القرن ، ولطم فاطمة خدّها ، وطعنة الحسن في الفخذ ، والسّمّ الذي يُسقى ، وقتل الحسين . قال : فبكى أهل البيت جميعاً ، فقلتُ : يا رسول الله ، ما خلقنا ربّنا إلّا للبلاء ! قال : أبشِر يا عليّ ، فإنَّ الله عزّ وجل قد عهد إليّ أنّه لا يحبّك إلّا مؤمن ، ولا يبغضك إلّا منافق .)) الأمالي للشيخ الصّدوق ص 197 . 2- روى الصّدوق بسنده عن إبن عبّاس ، قال : إنّ رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) كان جالساً ذات يومٍ إذ أقبل الحسن ( عليه السّلام ) ، فلمّا رآه بكى ، ثمَّ قال : إليّ يا بُني ، فما زال يُدنيه حتّى أجلسه على فخذه اليُمنى ، ثمّ أقبل الحسين ( عليه السّلام ) ، فلمّا رآه بكى ، ثمّ قال : إليّ يا بُني ، فما زال يُدنيه حتّى أجلسه على فخذه اليُسرى ، ثمّ أقبلت فاطمة ( عليها السّلام ) ، فلمّا رآها بكى ، ثمّ قال : إليَّ يا بُنيّة ، فأجلسها بين يديه ، ثمّ أقبل أمير المؤمنين ( عليه السّلام ) ، فلمّا رآه بكى ، ثمّ قال : إليّ يا أخي ، فما زال يدنيه حتّى أجلسه إلى جنبه الأيمن ، فقال له أصحابه : يا رسول الله ، ما ترى واحداً مِن هؤلاء إلّا بكيتَ ، أو ما فيهم مَن تُسرُّ برؤيته ! فقالَ ( صلّى الله عليه وآله ) : والذي بعثني بالنّبوّة ، وإصطفاني على جميع البريّة ، إنّي وإيّاهم لأكرمُ الخلق على الله عزّ وجل ، وما على وجه الأرض نسمةٌ أحبُّ إليّ منهم . أمّا عليُّ بن أبي طالب فإنّه أخي وشقيقي ، وصاحب الأمر بعدي ، وصاحب لوائي في الدّنيا والآخرة ، وصاحب حوضي وشفاعتي ، وهو مولى كلّ مسلم ، وإمام كلّ مؤمن ، وقائد كل تقي ، وهو وصيّي وخليفتي على أهلي وأمّتي في حياتي وبعد مماتي ، مُحبّه مُحبّي ، ومُبغضه مبغضي ، وبولايته صارت أمّتي مرحومة ، وبعداوته صارت المخالفة له منها ملعونة ، وإنّي بكيتُ حين أقبل لأنّي ذكرتُ غدر الأمّة به بعدي حتّى إنّه ليُزال عن مقعدي ، وقد جعله الله له بعدي ، ثمّ لا يزال الأمرُ به حتّى يُضربَ على قرنه ضربةً تخضبُ منها لحيته في أفضل الشهور شهر رمضان الذي أنزلَ فيه القرآن هدىً للنّاس وبيّناتٍ من الهدى والفرقان . وأمّا إبنتي فاطمة ، فإنّها سيّدة نساء العالمين منَ الأوّلين والآخرين ، وهي بضعةٌ منّي ، وهو نورُ عيني ، وهي ثمرة فؤادي ، وهي روحي التي بين جنبي ، وهي الحوراء الإنسيّة ، متى قامت في محرابها بين يدي ربّها جلّ جلاله زهر نورها لملائكة السّماء كما يزهر نور الكواكب لأهل الأرض ، ويقول اللهُ عزّ وجل لملائكته : يا ملائكتي ، أنظروا إلى أمَتي فاطمة سيّدة إمائي ، قائمةً بين يدي ترتعدُ فرائصها من خيفتي ، وقد أقبلت بقلبها على عبادتي ، أشهدكم أنّي قد آمنتُ شيعتها من النّار . وإنّي لمّا رأيتُها ذكرت ما يُصنع بها بعدي ، كأنّي بها وقد دخل الذّلُّ بيتها ، وإنتهِكت حرمتها ، وغُصبت حقّها ، ومُنعت إرثها ، وكُسر جنبها ، وأسقطَت جنينها ، وهي تُنادي : يا محمّداه ، فلا تُجاب ، وتستغيث فلا تُغاث ، فلا تزال بعدي محزونةً مكروبةً باكية ، تتذكّر إنقطاع الوحي عن بيتها مرّة ، وتتذكّر فراقي أخرى ، وتستوحش إذا جنّها اللّيل لفقد صوتي الذي كانت تستمع إليه إذا تهجّدت بالقرآن ، ثمّ ترى نفسَها ذليلةً بعد أن كانت في أيّام أبيها عزيزةً ، فعند ذلك يؤنسها الله تعالى ذكره بالملائكة ، فنادتها بما نادت به مريم بنت عمران ، فتقول : يا فاطمة ( إنَّ الله إصطفاكِ وطهّرك وإصطفاكِ على نساء العالمين ) ، يا فاطمة ( إقنُتي لربّك واسجدي واركعي مع الرّاكعين ) . ثمّ يبتدئ بها الوجع فتمرض ، فيبعث الله عزّ وجلّ إليها مريم بنت عمران ، تمرّضها وتؤنسها في علّتها ، فتقول عند ذلك : يا ربّ ، إنّي قد سئمتُ الحياة ، وتبرّمتُ بأهل الدّنيا ، فألحقني بأبي . فيُلحقها الله عزّ وجل بي ، فتكون أوّل مَن يلحقني من أهل بيتي ، فتقدم عليّ محزونةً مكروبةً مغمومةً مغصوبةً مقتولةً، فأقول عند ذلك : اللهمّ إلعن مَن ظلمها ، وعاقِب من غصبها ، وأذلّ من أذلّها ، وخلّد في نارك مَن ضرب جنبها حتّى ألقت ولدها ، فتقول الملائكة عند ذلك : آمين .)) الأمالي - الشيخ الصّدوق - ص 174 - 176 . 3- قال العلّامة المجلسيّ في البحار : ( أقول : وجدتُ بخطّ الشيخ محمّد بن عليّ الجبعيّ نقلاً من خط الشهيد رفعَ الله درجته نقلاً من مصباح الشيخ أبي منصور طاب ثراه قال : رويَ أنّه دخلَ النبيّ صلّى الله عليه وآله يوماً إلى فاطمة عليها السلام فهيّأت له طعاماً مِن تمرٍ وقرصٍ وسمنٍ فاجتمعوا على الأكل هو وعليّ وفاطمة والحسن والحسين عليهم السّلام فلمّا أكلوا سجد رسول الله صلّى الله عليه وآله وأطال سجوده ثمّ بكى ثمّ ضحك ثمّ جلس وكان أجرأهم في الكلام عليّ عليه السّلام فقال : يا رسول الله رأينا منك اليوم ما لم نره قبل ذلك فقال صلّى الله عليه وآله : إنّي لمّا أكلت معكم فرحت وسُررت بسلامتكم وإجتماعكم فسجدتُ لله تعالى شكراً " . فهبط جبرئيل عليه السّلام يقول : سجدتَ شكراً لفرحك بأهلك ؟ فقلتُ : نعم فقال : ألا أخبرك بما يجري عليهم بعدك ؟ فقلتُ : بلى يا أخي يا جبرئيل فقال : أمّا إبنتك فهي أوّل أهلك لحاقاً بك بعد أن تُظلم ويؤخذَ حقّها وتُمنع إرثَها ويُظلم بعلها ويُكسر ضلعها وأمّا إبن عمّك فيُظلم ويمنع حقّه ويُقتل ، وأمّا الحسن فإنّه يُظلم ويمنع حقّه ويقتل بالسمّ ، وأمّا الحسين فإنّه يُظلم ويمنع حقّه وتُقتل عترته وتطؤه الخيول وينهبُ رحله وتسبى نساؤه وذراريه ويدفن مرمّلاً بدمه ويدفنه الغرباء . فبكيتُ وقلت وهل يزوره أحد ؟ قال يزوره الغرباء قلت : فما لمَن زاره من الثّواب ؟ قال : يُكتب له ثواب ألف حجّة وألف عمرة كلّها معك ، فضحك ) بحار الأنوار - العلّامة المجلسيّ - ج 98 - ص 44 4- عن سُليم عن إبن عبّاس أنَّ النّبيّ (صلّى الله عليه وآله) قال لعليّ (عليه السّلام) في كلامٍ طويل : (( ثمّ أقبلَ على عليّ عليه السّلام فقال : يا أخي : إنّ قريشاً ستظاهر عليكم وتجتمع كلمتهم على ظلمكَ وقهرك . فإن وجدتَ أعواناً فجاهدهم وإن لم تجد أعواناً فكُفّ يدك واحقن دمك . أما إنَّ الشّهادة مِن ورائك ، لعن الله قاتلك . ثمّ أقبل على إبنته فقال : إنّك أوّل مَن يلحقني مِن أهل بيتي ، وأنتِ سيّدة نساء أهل الجنة . وسترينَ بعدي ظلماً وغيظاً حتّى تُضربي ويُكسر ضلعٌ من أضلاعك . لعنَة الله قاتلك ولعن الآمر والرّاضي والمُعين والمُظاهر عليك وظالم بعلك وإبنيك . )) كتاب سُليمٍ بن قيس - تحقيق محمّد باقر الأنصاري - ص 427 5- روى إبن قولويه بسنده عن جابرٍ ، عن أبي جعفر ( عليه السّلام ) ، قال : قال أمير المؤمنين ( عليه السّلام ) : زارنا رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) وقد أهدت لنا أمّ أيمن لبناً وزبداً وتمراً ، فقدّمنا منه ، فأكل ثمّ قام إلى زاوية البيت ، فصلّى ركعات ، فلمّا كان في آخر سجوده بكى بكاءً شديداً ، فلم يسأله أحدٌ منّا إجلالاً وإعظاماً له ، فقام الحسين ( عليه السّلام ) وقعد في حجره فقال : يا أبه لقد دخلتَ بيتنا فما سُررنا بشيءٍ كسرورنا بدخولك ثمّ بكيتَ بُكاءً غمّنا ، فما أبكاك ، فقال : يا بني أتاني جبرئيل ( عليه السّلام ) آنفا فأخبرَني أنّكم قتلى وأنَّ مصارعكم شتّى . )) كاملُ الزّيارات ص125 - 126 . 6- روى سليمٌ بنُ قيسٍ الهلاليّ قال : (( لمّا قُتل الحسين بن عليّ عليه السّلام بكى إبنُ عبّاس بكاءً شديداً ، ثمَّ قال : ما لقيَت هذه الأمّة بعد نبيّها اللهمّ إنّي أشهدك أنّي لعليّ بن أبي طالب وليٌّ ولولده ، ومن عدوّه وعدوّهم بريء ، وأنّي أسلّم لأمرِهم . لقد دخلتُ على عليّ عليه السّلام بذي قار ، فأخرج إليَّ صحيفةً وقال لي : يا بن عبّاس ، هذه صحيفة أملاها عليّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وخطي بيدي . فقلتُ : يا أمير المؤمنين ، إقرأها عليَّ فقرأها ، فإذا فيها كلّ شيءٍ كان منذ قُبض رسول الله صلّى الله عليه وآله إلى مقتل الحسين عليه السّلام وكيف يُقتل ومَن يقتله ومَن ينصره ومن يُستشهد معه . فبكى بُكاءً شديداً وأبكاني . فكان فيما قرأه عليّ : كيف يُصنع به وكيف تستشهد فاطمة وكيف يستشهد الحسن إبنه وكيف تغدر به الأمّة . فلمّا أن قرأ كيف يُقتل الحسين ومَن يقتله أكثرَ البكاء ، ثمّ أدرج الصّحيفة وقد بقيَ ما يكون إلى يوم القيامة .)) كتاب سُليم بن قيس - تحقيق محمّد باقر الأنصاري - ص 434 7- البحار للمجلسيّ نقلاً عن كتاب الطُّرف لابنِ طاووس : عن كتاب خصائص الأئمّة للسيّد رضيّ الدين الموسويّ : عن هارون بن موسى ، عن أحمد بن محمّد بن عمّار العجلي الكوفي ، عن عيسى الضرير ، عن الكاظم ( عليه السّلام ) ، قال : قلت لأبي : فما كان بعد خروج الملائكة عن رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) ؟ ! قال : فقال : ثمّ دعا عليّاً وفاطمة ، والحسن ، والحسين ( عليهم السّلام ) ، وقال لمَن في بيته : أخرجوا عنّي . . . إلى أن تقول الرّواية أنّه ( صلّى الله عليه وآله ) قد قال لعليّ : واعلم يا عليّ ، أنّي راضٍ عمَّن رضيَت عنه إبنتي فاطمة ، وكذلك ربّي وملائكته . يا عليّ ويلٌ لمَن ظلمها ، وويلٌ لمَن إبتزّها حقّها ، وويلٌ لمَن هتك حرمتها ، وويلٌ لمَن أحرق بابها ، وويلٌ لمَن آذى خليلها ، وويلٌ لمَن شاقها وبارزها . اللهمّ إنّي منهم بريءٌ ، وهُم منّي بُراء . ثمّ سمّاهم رسولُ الله ( صلّى الله عليه وآله ) ، وضمّ فاطمة إليه ، وعليّاً ، والحسن ، والحسين ( عليهم السّلام ) ، وقال : اللهمّ إنّي لهم ولمَن شايعهم سلمٌ ، وزعيمٌ بأنّهم يدخلون الجنّة ، وعدوٌّ وحربٌ لمَن عاداهم وظلمهم ، وتقدّمهم ، أو تأخّر عنهم وعن شيعتهم ، زعيمٌ بأنّهم يدخلون النّار . ثمّ - والله - يا فاطمة لا أرضى حتّى ترضي . ثمّ - لا والله - لا أرضى حتّى ترضي . ثمّ - لا والله - لا أرضى حتّى ترضي . . . )) بحار الأنوار ج22 ص484 + 485 وغيرُها منَ الرّوايات الناصّةِ أنّ النّبي (صلّى الله عليه وآله) قد أخبرَ أمير المؤمنين (عليه السّلام) بتفاصيلِ مظلوميّةِ الزّهراء (عليها السّلام) .
اترك تعليق