بيانِ حادثةِ الهجومِ على دارِ السيّدةِ الزّهراءِ

هل كانَ الهجومُ على دارِ السيّدةِ الزّهراءِ (عليها السّلام) حالَ كونِ أميرِ المؤمنين (عليهِ السلام) مشغولاً في تغسيلِ النبيّ (صلّى اللهُ عليهِ وآله)؟

: - اللجنة العلمية

الجوابُ:

السلامُ عليكُم ورحمةُ اللهِ وبركاتُه،

لقد أوضحَت جملةٌ منَ الرواياتِ الواردةِ في بيانِ حادثةِ الهجومِ على دارِ السيّدةِ الزّهراءِ (عليها السلام) أنَّ الهجومَ قد وقعَ بعدَ تجهيزِ وتغسيلِ ودفنِ النبيّ الأكرمِ (صلّى اللهُ عليهِ وآله)..

مِن جُملتِها: ما رواهُ سُليمُ بنُ قيس الهلاليّ في [كتابِه ص249]، عن عبدِ اللهِ بنِ عبّاس قالَ: « تُوفّيَ رسولُ اللهِ (صلّى اللهُ عليهِ وآله) يومَ تُوفّي، فلَم يُوضَع في حُفرتِه حتّى نكثَ الناسُ وارتدّوا وأجمعوا على الخِلاف، واشتغلَ عليُّ بنُ أبي طالب (عليهِ السلام) برسولِ الله (صلّى اللهُ عليهِ وآله) حتّى فرغَ مِن غسلِه وتكفينِه وتحنيطِه ووضعَه في حُفرتِه، ثمَّ أقبلَ على تأليفِ القرآن، وشُغلَ عَنهم بوصيّةِ رسولِ الله (صلّى اللهُ عليهِ وآله)، ولم يكُن همّتُه المُلك؛ لمّا كانَ رسولُ الله (صلّى اللهُ عليهِ وآله) أخبرَهُ عن القوم، فافتتنَ الناسُ بالذينَ افتتنوا به منَ الرّجلين، فلم يبقَ إلّا عليٌّ (عليهِ السلام) وبنو هاشم وأبو ذرٍّ والمقدادُ وسلمانُ في أناسٍ معَهم يسير. فقالَ عُمر لأبي بكر: يا هذا، إنَّ الناسَ أجمعين قد بايعوكَ ما خلا هذا الرّجلَ وأهلَ بيتِه، فأقسمَ عليهِ فجلَس، ثمَّ قال: يا قُنفذ، انطلِق فقُل له: أجِب أبا بكر، فأقبلَ قنفذٌ فقالَ: يا عليّ، أجِب أبا بكر، فقالَ عليٌّ (عليهِ السلام)، إنّي لفي شُغلٍ عنه، وما كنتُ بالذي أتركُ وصيّةَ خليلي وأخي وأنطلق إلى أبي بكرٍ وما اجتمَعتم عليهِ منَ الجَور. فانطلقَ قنفذُ فأخبرَ أبا بكر، فوثبَ عُمرُ غضبانَ، فنادى خالدَ بنَ الوليد وقُنفذاً فأمرَهُما أن يحملا حطباً وناراً، ثمَّ أقبلَ حتّى انتهى إلى بابِ عليّ، وفاطمةُ (عليهما السّلام) قاعدةٌ خلفَ البابِ قد عصبَت رأسَها ونحلَ جسمُها في وفاةِ رسولِ الله (صلّى اللهُ عليهِ وآله)... إلى آخرِه ».

ومِنها: ما رواهُ الطبريُّ الإماميّ في [المُسترشد ص381] عن أبي عبدِ الله جعفرٍ الصّادق (عليهِ السلام)، قالَ: « لمّا خرجَ أميرُ المؤمنين عليٌّ (عليهِ السلام) مِن منزلِه، خرجَت فاطمةُ (عليها السلام) والهةً، فما بقيَت امرأةٌ هاشميّةٌ إلّا خرجَت معَها حتّى انتهَت منَ القبر، فقالت: خلّوا عن ابنِ عمّي، فوالذي بعثَ مُحمّداً بالحقِّ لئِن لم تخلّوا عنه، لأنشرنَّ شعري، ولأضعنَّ قميصَ رسولَ الله الذي كانَ عليهِ حينَ خرجَت نفسُه ـ على رأسي، ولأصرخنَّ إلى الله، فما صالحٌ بأكرمَ على اللهِ مِن ابنِ عمّي، ولا الناقةُ بأكرمَ على اللهِ مِنّي، ولا الفصيلُ بأكرمَ على اللهِ منِ ولدي ». نعَم، انتهزَ الغاصبونَ فرصةَ اشتغالِ أميرِ المؤمنينَ (عليهِ السلام) بتجهيزِ النبيّ (صلّى اللهُ عليهِ وآله)، وغصبوا الخلافةَ وأخذوا البيعةَ منَ المُسلمين.

وقد جاءَ في كتابِ [الهجومِ على بيتِ فاطمة ص484ـ 485]: « وأمّا ما توهّمَهُ بعضُ الناسِ مِن وقوعِ الهجومِ حينَ اشتغالِهم بتجهيزِ النبيّ (صلّى اللهُ عليهِ وآله)، فيردُّ عليه:

أوّلاً: تصريحُ ما وردَ في الهجومِ الأوّلِ بكونِه بعدَ دفنِ النبيّ (صلّى اللهُ عليهِ وآله) [الاحتجاج ص73].

ثانياً: احتجاجُ أميرِ المؤمنينَ (عليهِ السلام) على القومِ في الهجومِ الأوّلِ بقولِه: « أفكنتُ أدعُ رسولَ الله مُسجّىً لا أواريهِ وأخرجُ أنازعُ سُلطانَه؟». [الاحتجاج ص74]

ثالثاً: الرواياتُ الدالّةُ على اشتغالِه (عليهِ السلام) حينَ الهجومِ بجمعِ القُرآن. رابِعاً: التصريحُ بمضيِّ أيّامٍ في بعضِ الرّوايات. [الاحتجاجُ ص80] ».