هل الامام علي (ع) مذكور في القرآن الكريم؟ مع الدليل

: الشيخ معتصم السيد احمد

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :مما لا ينبغي الشك والارتياب فيه هو أن القرآن اشتمل على كثير من الآيات التي بينت فضل ومكانة أمير المؤمنين (عليه السلام)، حتى أن عبد الله ابن عباس كان يقول: ما نزل في أحدٍ من كتاب الله تعالى ما نزل في عليّ (عليّه السلام)) [تاريخ الخلفاء للسيوطي، ص، 189]. ويقول أيضاً: (ليست آية في كتاب الله ﴿يا أيُّها الَّذينَ آمَنُوا﴾ إلاّ وعليّ أولها وأميرها وشريفها، ولقد عاتب الله أصحاب محمد (صلى الله عليّه وآله وسلم) ولم يذكر عليّاً إلاّ بخير. أخرجه الطبراني وابن أبي حاتم عن ابن عباس) [نور الاَبصار، ص87]. ونظراً لكثرة الآيات النازلة في حق الإمام علي (عليّه السلام) اهتم قدامى المحدثين والمفسرين بتصنيف مؤلفات خاصة لجمع الآيات النازلة في علي (عليه السلام)، مثل الطبراني وأبي نعيم ومحمد بن مؤمن الشيرازي والحسكاني وأبي الفرج الاصفهاني وأبي إسحاق الثقفي وأبي جعفر القمي والمجاشعي وأبي عبد الله الخراساني وغيرهم كثير. إلا أن البعض يريد أن يقترح على الله طريقة معينة لبيان دينه، فيطالب القرآن بذكر الإمام علي (عليه السلام) باسمه دون صفته، مع أن الجميع قد أجمع على أن الإسلام هو ما جاء في القرآن وبينه رسوله، إلا أنهم يتنكرون على ذلك عندما يتعلق الأمر بإمامة أهل البيت (عليهم السلام)، وبذلك يفرقون بين الله ورسوله فيؤمنون ببعض ويكفرون ببعض، قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَن يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَن يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَٰلِكَ سَبِيلًا)  فالذي يكفر بالسنة النبوية لا نناقشه في الامامة وإنما نناقشه في النبوة، لأن الحجة الشرعية عند الإنسان المسلم ليست مختصرة على القرآن فحسب، وإنما تشمل بيان رسول الله (صلى الله عليه وآله) لهذا القرآن أيضاً، وهذا ما أمر الله به رسوله في قوله تعالى: (وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ) فمن لا يسلم بحجية قول النبي وفعله وتقريره لا يمكن أن يسلم بحجية للإمام، وعليه لابد من الاستدلال بالآيات القرآنية بضميمة الروايات النبوية المفسرة لها سوى كان تفسيراً مباشراً أو غير مباشر، ومن الواضح أن تعنت البعض في قبول هذا المنهج ليس إلا هرباً من التسليم بالأدلة القاطعة على إمامة الإمام علي والأئمة من ذريته (عليهم السلام). ومثال على علاقة القرآن بالاحاديث في ما يخص إمامة الإمام علي (عليه السلام) قوله تعال (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ) فهذا الآية تتحدث عن الولاية، والولاية تعني من له حق التصرف، ولم تكتفي الآية في جعل هذا الحق خاص بالله والرسول وإنما جعلته أيضاً حقاً لمن أقام الصلاة وأتى الزكاة وهو راكع، ولمعرفة الشخص المقصود لابد من الرجوع إلى الروايات التي فسرت ذلك، وحينها سوف نكتشف أن الذي اقام الصلاة واتى الزكاة وهو راكع هو الامام علي (عليه السلام) وبذلك نثبت له الولاية بعد ولاية الله ورسوله. وكذلك الحال في قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ) حيث نجد الآية جعلت حق الطاعة لله وللرسول وأولي الأمر، مما يعني أن الطاعة لا يمكن حصرها في الله والرسول فقط كما يزعم أهل السنة وإنما هناك محور ثالث يجب على الامة طاعته وهم ولاة الأمر، وبالتدبر في الآية نكتشف أن الآية جعلت معياراً خاصاً لمعرفة المقصود بأولي الأمر وهو (العصمة) لكون الآية عطفت طاعة أولي الأمر على طاعة الرسول، وبما أن طاعة الرسول مطلقة فلابد أن تكون طاعة أولي الأمر أيضاً مطلقة، فيثبت بذلك عصمتهم لأن من يوجب الله طاعته على سبيل الجزم والحتم لابد أن يكون معصوماً وإلا يكون الله قد امرنا بطاعة من يصدر منه الخطأ والمعاصي وهذا محال، وإذا أتضح هذا الامر يمكن الرجوع للآيات والروايات لمعرفة ما يمكن أن يكون معصوماً بعد رسول الله (صل الله عليه وآله) وحينها لا نجد غير أهل البيت (عليهم السلام) سوى كان بدلالة آية التطهير في قوله تعالى: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا) التي فسرتها الروايات في أهل الكساء، أو بدلالة حديث الثقلين (أني تارك فيكم ما أن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي ابدا كتاب الله وعترتي أهل بيتي) فعدم افتراق أهل البيت عن القرآن يؤكد عصمتهم. وهكذا الحال في بقية الآيات الدالة على إمامة الامام علي (عليه السلام) مثل آية البلاغ وغيرها من الآيات لابد من الرجوع للروايات والأحاديث النبوية لمعرفة تفسيرها.