لماذا هناكَ وسائطُ في عالمِ الوجود؟
فاطمه مولاتي/: سلامٌ عليكم .. أرجو توضيحَ سؤالٍ لإبني يسألُني أنَّ اللهَ يقولُ للشّيءِ كُن فيكونُ. لماذا يوجدُ لهُ وسائط ملائكةٍ لقبضِ الأرواحِ مثلاً؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
قالَ تعالى: (إنّما أمرُه إذا أرادَ شيئاً أن يقولَ لهُ كُن فيكون) تبيّنُ الآيةُ بأنَّ اللهَ تعالى لا يحتاجُ في إيجادِ شيءٍ ممّا أرادَه إلى التّعلّقِ بأسبابٍ خارجةٍ عن ذاتِه تعالى فهوَ في غنىً عمَّن يعينه أو يدفعُ عنهُ مانعاً يمنعُه، وبالتّالي الآيةُ تتحدّثُ عن قدرةِ اللهِ غير المُتناهية ولا تتحدّثُ عَن طبيعةِ النّظامِ الذي أجراهُ في عالمِ الوجود والخِلقة، أي أنَّ اللهَ القادرَ على كلِّ شيءٍ خلقَ خلقاً لحِكمةٍ أرادَها، ومِن معالمِ هذهِ الحِكمةِ أن تجريَ الأمورُ فيه وفقاً لنظامِ الأسبابِ والمُسبّباتِ حتّى يكونَ للمخلوقِ دورٌ في هذا النّظام. فإذا نظرنا للإنسانِ مثلاً بما هوَ مخلوقٌ عاقلٌ وله إرادةٌ لوجَدنا أنّهُ لا يمكنُه الإستمرارُ في الحياةِ إلّا ضمنَ نظامٍ منَ الخلقِ يتيحُ له الحياةَ ضمنَ خياراتٍ تحقّقُها لهُ العلاقة ُالسببيّةُ بينَ الأشياءِ، وكلُّ هذهِ الإكتشافاتِ العلميّةِ وكلُّ ما أحرزَه الإنسانُ مِن تقدّمٍ لم يكُن لو لم يكُن الوجودُ قائماً على معادلاتٍ تحكمُها قوانينُ دقيقة.
وعليهِ فإنَّ طبيعةَ نظامِ الوجودِ شيءٌ وقدرة اللهِ غيرُ المتناهيةِ شيءٌ آخر، ولا يمكنُنا تقديمُ مُقترحٍ آخر نفترضُ مِن خلالِه نظاماً آخرَ للوجودِ، وبخاصّةٍ أنّهُ النّظامُ الوحيدُ الذي ينسجمُ مع طبيعةِ الإنسانِ كما ينسجمُ مع الدّورِ الذي وجدَ مِن أجلِه، وأيُّ تبديلٍ في هذا النّظامِ لابدَّ أن يسبقَه تبديلٌ في طبيعةِ الإنسانِ نفسِه، فالسّؤالُ الذي يقولُ لماذا لا يمكنُ الإستغناءُ عَن نظامِ الأسبابِ والوسائطِ يتجاهلُ بأنَّ ذلكَ هوَ إلغاءٌ للإنسانِ منَ الأساس.
اترك تعليق