هل هناك فلسفة للموت عند الملحدين؟ وما موقف الإلحاد من الموت والانتحار؟

: الشيخ معتصم السيد احمد

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :

إذا لم يتمكن الإلحاد من تقديم تصور فلسفي عن بداية الوجود والحياة، فكيف نتوقع أن يكون له فلسفة خاصة لما بعد هذه الحياة؟ فمن لا يفهم من أين اتى لا يمكن أن يفهم إلى أين يمضي، والذي لا يفهم الحياة لا يفهم الموت، ومع أن الموت هو المصير المحتوم لكل إنسان إلا ان الملحد يتعامل بغباء مع هذه الحقيقية المصيرية، وهذا في حد ذاته سلبية قاتلة، فالملحد لا يموت مرة واحدة وإنما يموت في كل ساعة ألف مرة؛ لأن موت الإنسان بموت قيمته، وقيمة الإنسان بقيمة حياته، وقيمة الحياة بما تحمله من أهداف وغايات، والهدف لا يكون إلا إذا كانت هناك فلسفة وراء خلق الإنسان ووجوده، فالكلام عن القيمة لا يستقيم له معنى مالم يكن هناك كلام عن الغاية السامية التي يسعى لها الإنسان، فالذي كان مجيئه من العدم وذهابه إلى العدم فقيمته العدم ايضاً. وفي اعتقادي أن الملحد ويل بروفاين، بروفيسور التاريخ وعلم الأحياء كان أكثر شجاعة في تعبيره عن النتيجة الحتمية للإلحاد عندما قال: "إذا آمنت بالتطور فلا يمكنك أن تأمل في وجود أي إرادة حرة، ليس هناك أدنى أمل في وجود أي معنى عميق في الحياة الإنسانية، نعيش، ونموت، ونفنى، نفنى بشكل نهائي حين نموت"[1]. وبالتالي الإلحاد حالة من المعانة الدائمة ففي كل لحظة ينتهك الملحد كرامته ويسخر من إنسانيته؛ لأنه استسلم للمادة وسار خلف حتميتها فاعدم بذلك إنسانيته عندما أعدم عقله، وحطم بذلك شخصيته عندما حطم إرادته، فكان حاله كحال البهيمة المربوطة همها علفها، تكترش من أعلافها، وتلهو عما يراد بها. 

 

ينقل الشهيد مطهري عن وليم جيمس في كتابه العدل الإلهي وصفه لشعور بعض الفلاسفة الملحدين بقوله: "إن كلمات مارك أورل ذات مرارة تنبع من جذور الهم والانقباض، وصوته الحزين يشبه صوت الخنزير الذي يضجع تحت السكين. والوضع الروحي لنيتشه وشوبنهاور عابس، ويرى من سلوكهم الخلقي الانحراف ممزوجاً بالمرارة. وصوت هذين الكاتبين يتميز بمرارة يذكرنا بصوت الجرذان وهي في حالة نزاع. ولا يرى المعنى والمفهوم الصافي العذب الذي يعطيه الدين لمشاكل الحياة ومشتقاتها في تضاعيف سطور هذين الكتابين"[2] 

 

 وبالتالي فشل المُلحدون في استيعاب فكرة الموت، وفشلوا عما ستكون الحياة بعد الموت؟ وعجزوا عن استيعاب أن الموت هو القنطرة التي تقلنا إلى الحياة الأبدية، وانزعجوا جدًا من مواجهة الموت، فشوبنهاور الذي ادعى الشجاعة وقال إن الحل الوحيد لمشاكل الإنسان هو الانتحار، لم يجرؤ على الانتحار، بل عندما انتشرت الكوليرا في برلين أسرع بالفرار منها وهاجر بعيدًا.

 

وعليه مشكلة الموت مشكلة عويصة بالنسبة للملحد مع أن هناك من يكابر ويزعم أن الإلحاد أجدر في مقابلة الموت من الإيمان، لأن المؤمن يخاف من مصيره بينما الملحد يعلم أن مصيره العدم، وهذه رؤية حمقاء تتجاهل المصير ليس إلا.

 

أما بالنسبة للإلحاد وعلاقته بالانتحار فقد تكفلت كثير من الدراسات بالتأكيد على حقيقة انتشار الانتحار وسط الملحدين، فمثلاً نشرت مجلة الطب النفسي الامريكية (The American Journal of Psychiatry) دراسة سنة 2004م تثب وجود علاقة بين الالحاد والانتحار كما اوصت الدراسة بالدين كعلاج لهذه الظاهرة.[3]

 

1- نسبة الانتحار لدى الملحدين أعلى ما يمكن!

2- نسبة الانتحار كانت أعلى لدى غير المتزوجين!

3- نسبة الانتحار قليلة بين مَن لديهم أطفال أكثر!

4- الملحدون أكثر عدوانية من غيرهم!

5- الإنسان المؤمن أقل غضباً وعدوانية واندفاعاً!

6- الدين يساعد على تحمل أعباء الحياة والإجهادات ويقلل فرص الإصابة بالاضطرابات النفسية المختلفة

7- الملحدون كانوا أكثر الناس تفككاً اجتماعياً، وليس لديهم أي ارتباط اجتماعي لذلك كان الإقدام على الانتحار سهلاً بالنسبة لهم!

8- ختمت الدراسة بتوصية: إن الثقافة الدينية هي علاج مناسب لظاهرة الانتحار! 

 

[1] - ميليشيا الإلحاد، عبد الله العجيري، تكوين للدراسات والبحوث، الطبعة الثانية، 2014م ، ص 175

[2] - العدل الإلهي، الشهيد مطهري، ترجمة محمد عبد المنعم الخاقاني، ص 98

[3] - http://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?55000