قولِ السيّدةِ فاطمة ع : ( يابنَ الخطّابِ , أتراكَ مُحرِقاً عليَّ بابي ؟ ))

814ـ السلامُ عليكم.. ما معنى قولِ عُمرَ بعدَ قولِ السيّدةِ فاطمة ع : ( يابنَ الخطّابِ , أتراكَ مُحرِقاً عليَّ بابي ؟ )) .  (قالَ : نعم ، وذلكَ أقوى فيما جاءَ به أبوك) ما معنى وذلكَ أقوى فيما جاءَ به أبوكِ؟ 

: السيد عبدالهادي العلوي

السّلامُ عليكُم ورحمةُ اللهِ وبركاتُه، 

هذهِ الروايةُ نقلَها المُحدّثُ البلاذريّ في [أنسابِ الأشرافِ ج1 ص586]: « المدائنيُ، عن مسلمةَ بنِ محارب، عن سليمانَ التيميّ، عن ابنِ عون: انّ أبا بكرٍ أرسلَ إلى عليٍّ يريدُ البيعةَ، فلم يُبايع، فجاءَ عُمر ومعهُ فتيلة، فتلقّتهُ فاطمةُ على الباب، فقالَت فاطمة: يا ابنَ الخطّابِ، أتراكَ مُحرّقاً عليّ بابي؟ قالَ: نعم، وذلكَ أقوى فيما جاءَ بهِ أبوكِ، وجاءَ عليٌّ فبايعَ.. ».   

وأوردَه السيّدُ المُرتضى في [الشافي في الإمامةِ ج3 ص241] عن البلاذريّ، ثمَّ قال: « وهذا الخبرُ قد روَتهُ الشيعةُ من طرقٍ كثيرةٍ، وإنّما الطريفُ أن نرويهِ بروايةٍ لشيوخِ مُحدّثي العامّةِ، ولكنّهم كانوا يروونَ ما سمعوا بالسّلامة، وربّما تنبّهوا على ما في بعضِ ما يروونَه عليهم، فكفّوا عنه، وأيُّ اختيارٍ لمَن يُحرَقُ عليهِ بابُه حتّى يبايع؟ ».  

وظاهرُ عبارةِ: « وذلكَ أقوى فيما جاءِ بهِ أبوكِ » أنّ هذا الإحراقَ والهجومَ على بيتِ الوحيّ لإخراجِ أميرِ المؤمنينَ (عليهِ السّلام) للبيعةِ فيه تقويةٌ للدّينِ والإسلامِ الذي جاءَ بهِ رسولُ الله (صلّى اللهُ عليهِ وآله).. ومثلُ هذا الكلامِ يقعُ في سياقِ تلكَ الدّعاياتِ التي أشاعوها بينَ المُسلمين؛ من اهتمامِهم بمصالحِ المُسلمينَ وأنّهم تعجّلوا بنصبِ خليفتِهم غصباً قبلَ دفنِ رسولِ اللهِ (صلّى اللهُ عليهِ وآله) لئلا يتفرّقَ المُسلمونَ، وأشباهُ ذلك، فصبغوا انقلابَهم على أميرِ المؤمنينَ (عليهِ السلام) بالشرعيّةِ واتّهموا أهلَ البيتِ (عليهم السّلام) ـ الذينَ هُم أصحابُ الحقِّ والشرعيّةِ ـ بأنّهُم يفرّقونَ المُسلمينَ ويمزّقونَ صفَّهم بعدمِ البيعةِ والقبولِ بخلافتِهم الغصبيّة!!   

ويُحتملُ أن يكونَ معنى العبارةِ: أنّ هذا الانقلابَ الذي قُمنا به وهذا الهجومَ أقوى ممّا فعلهُ رسولُ اللهِ (صلّى اللهُ عليهِ وآله) مِن نصبِ عليٍّ (عليهِ السّلام) للخلافةِ وإبرازِ شأنِه وشأنِكم بالقولِ والفعل، فإنّ هذا الانقلابَ بتنصيبِ الخليفةِ عمليّاً والهجومِ على بيتِكم أقوى مِن صنيعِ رسولِ اللهِ (صلّى اللهُ عليهِ وآله)، أو أنّ هذا الانقلابَ الذي دبّرناهُ بقطعِ الطريقِ أمامَ خلفاءِ رسولِ الله (صلّى اللهُ عليهِ وآله) والحدّ من استمراريّةِ اتّصالِ الناسِ بهم أقوى منَ الدعوةِ التي جاءَ بها النبيّ (صلّى اللهُ عليهِ وآله)؛ إذ سنقوّضُ هذهِ الدعوةَ بما خطّطنا له ودبّرناهُ مِن سلبِ الخلافةِ وتحريفِ الدينِ والصّدِّ عن سبيلِ الله. ويناسبُ ذلكَ أن تكونَ العبارةُ هكذا: « أقوى ممّا جاءَ به أبوك ».