كيفَ استشهدَت السيّدةُ فاطمةُ بنتُ الإمامِ الحُسينِ العليلة؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
لا نعلمُ شيئاً عن حياةِ السيّدةِ فاطمةَ العليلةِ بنتِ الإمامِ الحُسين (عليهِ السّلام)، التي بقيَت في المدينةِ المنوّرة، وليسَت هيَ فاطمةُ زوجةُ الحسنِ المُثنّى، فإنّها كانَت حاضرةً في كربلاء، ومِن سبايا الرّكبِ الحُسيني.
روى الشيخُ الصّدوقُ بسندِه عن عبدِ اللهِ بنِ الحسنِ المُثنّى ، عن أمِّه فاطمةَ بنتِ الحُسينِ ( عليهِ السّلام ) ، قالت : دخلَت الغاغةُ علينا الفسطاط ، وأنا جاريةٌ صغيرةٌ ، وفي رجليَّ خلخالانِ مِن ذهب ، فجعلَ رجلاً يفضُّ الخلخالينِ مِن رجلي وهوَ يبكي ، فقلتُ : ما يُبكيكَ ، يا عدوَّ الله ؟ ! فقالَ : كيفَ لا أبكي وأنا أسلبُ ابنةَ رسوِل الله ! فقلتُ : لا تسلبني . قالَ : أخافُ أن يجيئَ غيري فيأخذَه . قالت : وانتهبوا ما في الأبنيةِ حتّى كانوا ينزعونَ الملاحفَ عن ظهورِنا. الأماليّ للصّدوق، ص229).
وهذا نصٌّ على أنّ السيّدةَ فاطمةَ بنتَ الحُسين (ع) زوجةُ الحسنِ المُثنّى قد حضرَت كربلاء.
والسيّدةُ فاطمةُ العليلةُ لم تحضُر في كربلاء، لأنّها كانَت مريضةً.
وفاطمةُ بنتُ الحسينِ (ع) زوجةُ الحسنِ المُثنّى، توفّيَت سنةَ 110 هـ أو بعدَها. (الكاشفُ للذهبي: 2 / 515)
وعليهِ: فما ذُكرَ مِن تاريخِ وفاةِ السيّدةِ فاطمةَ العليلةِ بأنّه سنةَ 110 هـ - كما جاءَ في بعضِ المواقعِ - فهوَ غلطٌ قطعاً وجزماً.
والنتيجةُ: لا نعلمُ عن حياةِ السيّدةِ فاطمة العليلةِ شيئاً غيرَ الخبرِ المعروفِ الذي رواهُ الشيعةُ والسنّةِ بالإسنادِ إلى المُفضّلِ بنِ عُمرَ الجُعفي، عن جعفرٍ بنِ مُحمّدٍ الصّادق، عن أبيه، عن عليٍّ بنِ الحُسين عليهم السّلام قالَ: لمّا قُتلَ الحُسينُ بنُ عليٍّ جاءَ غرابٌ فوقعَ في دمِه ثمَّ تمرّغَ ثمَّ طارَ فوقعَ بالمدينةِ على جدارِ فاطمةَ بنتِ الحُسين ابنِ عليٍّ عليهما السّلام وهيَ الصُّغرى فرفعَت رأسَها فنظرَت إليه فبكَت بكاءً شديداً وأنشأت تقول :
نعبَ الغرابُ فقلتُ من ** تنعاهُ ويلكَ يا غراب
قالَ الإمامُ فقلتُ مَن ؟ ** قالَ الموفّقُ للصّواب
قلتُ الحُسينَ فقالَ لي ** حقّاً لقد سكنَ التراب
إنَّ الحُسينَ بكربلا ** بينَ الأسنّةِ والضِّراب
فابكِ الحُسينَ بعبرةٍ ** تُرضي الإلهَ معَ الثواب
ثمَّ استقلَّ بهِ الجناح ** فلم يُطِق ردَّ الجواب
فبكيتُ ممّا حلَّ بي ** بعدَ الوصيّ المُستجاب
قالَ مُحمّدٌ بنُ عليّ : فنعتَتهُ لأهلِ المدينةِ فقالوا : قد جاءَتنا بسحرِ عبدِ المُطّلبِ فما كانَ بأسرع أن جاءَهم الخبرُ بقتلِ الحُسينِ بنِ عليٍّ عليهما السّلام . بحارُ الأنوار ج45 ص172 ، تاريخُ مدينةِ دمشقَ لابنِ عساكر ج70 ص24 ، بُغيةُ الطلبِ في تاريخِ حلب لابنِ العديم ج6 ص2647 ، مقتلُ الحُسينِ للخورازمي ، الفصلُ الثاني عشر .
اترك تعليق