ما هو اسمَ السفيانيّ ؟ هل صحيح ما جاءَ في الرواياتِ أنّ اسمَه هوَ عثمانُ بنُ عنبسة أو عُيينة؟
السلامُ عليكُم ورحمة الله وبركاته،بدايةً تنبغي الإشارةُ إلى أنّ أصلَ خروجِ السفياني منَ العلاماتِ الحتميّةِ التي لا بدّ مِن تحقّقِها قبلَ قيامِ الإمامِ المهدي (عجّلَ اللهُ فرجَه)، وقد جاءَت في ذلكَ جملةٌ منَ الرّوايات، منها: ما رواهُ الشيخُ الكلينيّ في [الكافي ج8 ص310] بإسنادٍ صحيحٍ عن عُمرَ بنِ حنظلة قالَ: سمعتُ أبا عبدِ الله (عليهِ السلام) يقولُ: «خمسُ علاماتٍ قبلَ قيامِ القائم: الصّيحةُ، والسّفيانيّ، والخسفُ، وقتلُ النفسِ الزكيّة، واليمانيّ ». وجاءَ في بعضِ الرواياتِ تشخيصُ سماتِ السفيانيّ الجسميّة وصفاتِه البدنيّة ـ ككونِه رجلاً ربعةً، وحشَ الوجهِ، ضخمَ الهامةِ، بوجهِه أثرُ جدري إذا رأيتَه حسبتَه أعور ـ، كما أوضحَت موضعَ خروجِه وحدودَ مُلِكه وحروبه وشنائعه ـ كخروجِه منَ الوادي اليابسِ واستيلائِه على الكورِ الخمس ـ. ثمّ إنّ بعضَ الرواياتِ تعرّضَت إلى تعيينِ اسمِه ونسبِه، ينبغي ذكرُها ثمَّ التعليقُ عليها: 1ـ روى الشيخُ الصّدوقُ في [كمالِ الدين ص651] بإسنادِه عن عمرَ بنِ أذينة، قالَ: قالَ أبو عبدِ الله (عليهِ السلام): « قالَ أبي (عليهِ السلام): قالَ أميرُ المؤمنينَ (عليهِ السلام): يخرجُ ابنُ آكلةِ الأكبادِ منَ الوادي اليابس.. اسمُه عثمان، وأبوهُ عنبسة، وهوَ مِن ولدِ أبي سفيان ». 2ـ روى الشيخُ الخصيبيّ في [الهدايةِ الكُبرى ص397] بإسنادِه عن أبي عبدِ الله (عليهِ السلام)، قالَ عندَ حديثِه حولَ الصّيحةِ الثانية: « .. فإذا زالت الشمسُ إلى الغروبِ صرخَ صارخٌ مِن مغاربِها: يا معشرَ الخلائقِ، لقد ظهرَ ربُّكم منَ الوادي اليابسِ مِن أرضِ فلسطين، وهوَ عثمانُ بنُ عنبسةَ الأمويّ، مِن ولدِ يزيد بنِ معاوية (لعنَهم الله)، فاتّبعوهُ تهتدوا، ولا تخالفوهُ فتضلّوا ». 3ـ نقلَ السيّدُ ابنُ طاوس في [التشريفِ بالمِننِ ص296]: أنّ أميرَ المؤمنين (عليهِ السلام) سُئِلَ عن تمييزِ قومِ السفيانيّ، فقالَ (عليهِ السلام): « هوَ مِن بني أميّة، وأخوالُه كلبٌ، وهوَ عنبسةُ بنُ مرّة بنِ كليبٍ بنِ سلمةَ بنِ عبدِ اللهِ بنِ عبدِ المُقتدر بنِ عثمانَ بنِ معاوية بنِ أبي سفيان بنِ حرب بنِ أميّة بنِ عبدِ شمس ». 4ـ روى المقدسيّ في [عقدِ الدررِ في أخبارِ المُنتظر ص90] عن أميرِ المؤمنينَ (عليهِ السلام)، « فقالَ رجلٌ: ما اسمُه يا أميرَ المؤمنين؟ فقال: هو حربٌ بنُ عنبسةَ بنِ مرّةَ بنِ كلبٍ بنِ سلمةَ بنِ يزيد بنِ عثمان بنِ خالدٍ بنِ يزيد بنِ معاوية بنِ أبي سفيان بنِ صخرٍ بنِ حربٍ بنِ أمية بنِ عبدِ شمس ». 5ـ روى ابنُ حمّادَ المروزيّ في [الفتنِ ص166] بإسنادِه عن أميرِ المؤمنينَ (عليهِ السلام) قالَ: « السفيانيُّ مِن ولدِ خالدٍ بنِ يزيد بنِ أبي سفيان.. ». 6ـ روى الشيخُ الطوسي في [الغيبةِ ص444] عن الإمامِ السجّادِ (عليهِ السلام) قالَ: « ثمَّ يخرجُ السفيانيّ الملعونُ منَ الوادي اليابسِ، وهوَ مِن ولدِ عُتبة بنِ أبي سفيان.. ». أقولُ: يُلاحظُ أنّ هذهِ الرّوايات ـ معَ أنّها غيرُ نقيّةِ السندِ ـ مُختلفةٌ فيما بينَها في تعيينِ اسمِه ونسبِه على أنحاء، تارةً هو (عثمانُ بنُ عنبسة)، وأخرى هو (حربٌ بنُ عنبسة)، وثالثةً (عنبسةُ بنُ مرّة)، ثمّ تارةً هوَ مِن ولدِ (يزيدَ بنِ معاوية بنِ أبي سفيان)، وأخرى مِن ولدِ (يزيد بنِ أبي سفيان)، وثالثةً مِن ولد (عثمانَ بنِ معاوية بن أبي سفيان)، ورابعةً مِن ولدِ (عتبةَ بنِ أبي سفيان). ويحتملُ أنَّ بعضَ هذهِ الاختلافات ناشئةٌ مِن حصولِ اختلالٍ في النقلِ بوقوعِ سقطٍ أو تصحيفٍ ونحوه، أو ناشئةٌ مِن تعدّدِ أسمائِه، أو غيرِ ذلك، وتفصيلُ الكلامِ في ذلكَ لهُ مجالٌ آخر. ويظهرُ ممّا تقدّم: عدمُ إمكانِ الوثوقِ والاعتمادِ على أنّ السفيانيَّ اسمُه (عثمانُ بنُ عنبسة) أو غيرُه جزماً بهذهِ الأخبارِ المُتقدّمة؛ فإنّها ـ معَ عدمِ سلامةِ أسانيدِها ـ مختلفةٌ فيما بينَها، وربّما أمكنَ تقويةُ كونِ اسمِه (عثمان) بالأخبارِ الواردةِ في بيانِ الصّيحةِ الثانية. على كلٍّ، التحقيقُ في شأنِ تحديدِ الاسمِ ليسَ لهُ أهميّةٌ كبيرةٌ بقدرِ أهميّةِ البحثِ حولَ المنهجِ والمُعتقداتِ والسّيرةِ والعلاماتِ ونحوِها، وقد روى الشيخُ الصدوقُ في [كمالِ الدين ص651] بإسنادِه عن عبدِ اللهِ بنِ أبي منصور البجلي، قالَ: « سألتُ أبا عبدِ اللهِ (عليهِ السلام) عن اسمِ السفياني، فقالَ: وما تصنعُ باسمِه؟ إذا ملكَ كورَ الشامِ الخمس: دمشق، وحمص، وفلسطين، والأردن، وقنسرين، فتوقّعوا عندَ ذلكَ الفرج.. ». الحاصلُ: الرّواياتُ الواردةُ في تعيينِ اسمِ السفياني ونسبِه مُختلفةٌ، ولا يمكنُ الجزمُ باسمٍ مُعيّن، وإن أمكنَ تقويةُ أنّ اسمَه (عثمان) مِن ولدِ (أبي سفيان)، وتحديدُ الاسمِ ليسَ بتلكَ الأهميّةِ كما أشارَت الروايةُ الصادقيّة. والحمدُ للهِ ربِّ العالمين.
اترك تعليق