هل كلُّ ما وصلَكم مِن تراثِ أهلِ البيتِ الذينَ انتقلوا إلى رحمةِ الله (أحاديثُهم) يُعدُّ حجّةً مِن دونِ المعصوم (ع)؟
السلامُ عليكُم ورحمةُ الله،في بادئِ الأمرِ لا بُدَّ أن يعرفَ السائلُ أنّ سؤالهُ المطروحَ يشوبُه بعضُ الغموض، ولذا سنجيبُ عنه بناءً على ما فهمناهُ مِن خلالِ طرحِ احتمالين، أحدُهما: أن يكونَ مقصوده: أنّ تراثَ أهلِ البيت، وهيَ (أحاديثُهم) الواصلة إلينا، هل تُعدُّ حجّةً مِن دونِ المعصومِ (ع)؟ والاحتمالُ الآخر: أن يكونَ مقصودُه ما هو موجودٌ في الرسائلِ العمليّةِ لفقهائِنا ومراجعِنا العظامِ الذينَ يُفتون فيها بالحلالِ والحرام وغيرِها منَ الأحكام، مِن دونِ ذكرِ المعصوم؟ فعلى الاحتمالِ الأوّل، فيجبُ أن يعلمَ السائلُ بأنّ تراثَنا الواصلَ إلينا لا يكونُ حُجّةً إلّا بوجودِ المعصومينَ عليهم السلام، لأنّ الحُجّةَ في الأحكامِ هيَ ما تصدرُ منَ المعصوم (ع)، وليسَ التي تصدرُ مِن غيره، وهذا معروفٌ مِن أتباعِ مدرسةِ أهلِ البيت قديماً وحديثاً، فهذهِ كتبُهم الروائيّةُ تشهدُ على ذلك، ككتابِ الكافي الشريفِ للكلينيّ (ره)، وكتابِ مَن لا يحضرُه الفقيه للصّدوق (ره)، وكتابِ التهذيب للطوسي (ره) وغيرِها منَ الكتبِ المُعتبرة، إذ ما مِن بابٍ مِن أبوابِ هذهِ الكُتب، إلّا وقد حوى الرواياتِ التي تنتهي إلى أحدِ المعصومينَ عليهم السلام، ثمَّ تقرّرَ في علمِ أصولِ الفقهِ أنّ الحُجّةَ في الأحكامِ بعدَ القرآنِ العظيم هيَ سُنّةُ المعصومينَ عليهم السلام المُستفادةُ منَ الرواياتِ الواردةِ عنهم. وعلى الاحتمالِ الآخر، فإنّ فتاوى علمائِنا الأعلام ومراجعِنا العظامِ في كتبِهم ورسائلِهم العمليّةِ إنّما هيَ حصيلةُ ما استفادوه منَ الرواياتِ الواردةِ عن المعصومينَ عليهم السلام في الكُتبِ المُشارِ إليها آنفاً، فساقوا فتاواهم مِن دونِ ذكرِ المعصومِ عليهِ السلام، لأنّ اللغةَ التي أفتوا بها وعبّروا بها عن مقصودِهم هي ما فهموهُ مِن كلامِ المعصوم (ع)، التي تناسبُ هذا العصرَ، ليسهُلَ تداولُها بينَ المُسلمين. خصوصاً أنّ كثيراً منَ المُسلمين يهمُّهم النتيجةُ وليسَت مقدّماتُها، وهُم على كلِّ حالٍ، يثقونَ بمراجعِهم الذينَ يأخذونَ منهم الفتاوى، لأنّهم عُرفوا إجمالاً بالسؤالِ والمُتابعةِ الحثيثة، كيفَ يصلُ المرجعُ منهم إلى إصدارِ الفتوى. ودمتُم سالِمين.
اترك تعليق