قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ) عِنْدَ المُخَالِفِينَ أَيْضًا تَعْنِي (إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى).

سيفو القره غولي:      شُكْرًا لَكُمْ عَلَى سَعَةِ صُدُورِكُمْ لِتَقَبُّلِ الأَسْئِلَةِ الدِّينِيَّةِ وَالإِجَابَةِ عَلَيْهَا لِتَعْلِيمِنَا أُمُورَ دِينِنَا وَدُنْيَانَا...... أَمَّا بَعْدُ.. مِمَّا لَا شَكَّ فِيهِ أَنَّ القُرْآنَ الكَرِيمَ كِتَابُ اللهِ فِيهِ آيَاتٌ وَاضِحَاتٌ يَذْكُرُ اللهُ فِيهِ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لِيَتَعَلَّمُوا مِنْهَا وَيَهْتَدُوا بِهَدْيِهَا...... فَلِمَاذَا إِذَنْ لَمْ يَتِمَّ الإِتِّفَاقُ عَلَى تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: (فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ)، فَحَسَبَ تَفْسِيرِ ابْنِ كَثِيرٍ وَالعُلَمَاءِ الآخَرِينَ يَقُولُونَ بِمَعْنَى المُهُورِ، أَيْ (مُهُورُ النِّسَاءِ) قَبْلَ الزَّوَاجِ، أَمَّا إِذَا اعْتُمِدَتْ تَفَاسِيرُ المَذْهَبِ فَيَتَبَيَّنُ أَنَّ الآيَةَ تَتَكَلَّمُ عَنْ مَا يَسَمَّى بِ (زَوَاجِ المُتْعَةِ). أَفَتُونِي فِي أَمْرِي أَيُّهُمَا أَصَحُّ مَعَ الأَدِلَّةِ وَالبَرَاهِينِ الوَاضِحَةِ مِنَ القُرْآنِ وَالسُّنَّةَ... مَعَ الشُّكْرِ؟ 

: اللجنة العلمية

      الأَخُ سيف المُحْتَرَمُ.. السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ.

     1- ابْنُ كَثِيرٍ وَغَيْرُهُ مِنْ مُتَشَدِّدِي العَامَّةِ، بَلْ أَطْبَقَ مُتَأَخِّرُوا عُلَمَاءِ مَذْهَبِ أَهْلِ السُّنَّةِ عَلَى مُخَالَفَةِ الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالأَخْذِ بِرَأْيِ وَفَتْوَى عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ دُونَهُمَا فِي هَذِهِ المَسْأَلَةِ.

     2- لَوْ اتَّبَعْنَا الدَّلِيلَ وَالحُجَّةَ وَالبُرْهَانَ لَوَجَدْنَا أَنَّ الحَقَّ مَعَ الشِّيعَةِ فِي هَذِهِ المَسْأَلَةِ، كَيْفَ وَقَدْ صَرَّحَ الكَثِيرُ مِنَ الصَّحَابَةِ عَلَى فِعْلِ المُتْعَةِ فِي زَمَنِ رَسُولِ اللهِ (ص) وَفِي زَمَنِ أَبِي بَكْرٍ وَشَطْرٍ مِنْ حُقْبَةِ عُمَرَ، وَلَكِنْ حَصَلَ حَادِثٌ وَقِصَّةٌ اسْتَدْعَتْ مِنْ عُمَرَ أَنْ يَنْهَى عَنْ المُتْعَةِ وَيُحَرِّمُهَا وَيَتَوَعَّدَ عَلَيْهَا، وَلَيْسَ ذَلِكَ النَّهْيُ صَادِرًا حَقِيقَةً عَنْ رَسُولِ اللهِ (ص).

     فَقَدْ رَوَى مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ (4 / 131): (عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ يَقُولُ: كُنَّا نَسْتَمْتِعُ بِالقَبْضَةِ مِنَ التَّمْرِ وَالدَّقِيقِ الأَيَّامَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) وَأَبِي بَكْرٍ حَتَّى نَهَى عَنْهُ عُمَرُ فِي شَأْنِ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ).

      3- وَرَدَ عَنْ عُمَرَ نَفْسِهِ أَنَّهُ هُوَ مَنْ نَهَى عَنْ مُتْعَتَيْنِ وَلَمْ يَنْسِبْ ذَلِكَ النَّهْيَ وَالتَّحْرِيمَ لِرَسُولِ اللهِ (ص)، فَقَدْ رَوَى أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ (3 / 325) عَنْ جَابِرٍ قَالَ: (مُتْعَتَانِ كَانَتَا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) فَنَهَانَا عَنْهُمَا عُمَرُ فَانْتَهَيْنَا) وَفِي لَفْظٍ: (فَلَمْ نَعُدْ إِلَيْهَا). وَعِنْدَ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ فِي سُنَنِهِ (1 / 218) وَالبَيْهَقِيِّ فِي سُنَنِهِ الكُبْرَى (7 / 206) عَنْ أَبِي قلابَةَ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ: مُتْعَتَانِ كَانَتَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) أَنَا أَنْهَى عَنْهُمَا وَأُعَاقِبُ عَلَيْهِمَا، مُتْعَةُ النِّسَاءِ وَمُتْعَةُ الحَجِّ.

     4- وَرَدَ تَفْسِيرُ هَذِهِ الآيَةِ الكَرِيمَةِ فِي كُتُبِ القَوْمِ المُعْتَبَرَةِ كَالمُسْتَدْرَكِ لِلحَاكِمِ (2 / 305): أَنَّ أَبَا نَضْرَةَ قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ: (فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً) قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: (فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى) قَالَ أَبُو نَضْرَةَ :فَقُلْتُ: مَا نَقْرَأُهَا كَذَلِكَ! فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: (وَاللهِ لأَنْزَلَهَا اللهُ كَذَلِكَ). هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ وَلَمْ يُخْرِجَاهُ. 

     فَهَذِهِ الرِّوَايَةُ وَغَيْرُهَا يُبَيِّنُ مَعْنَاهَا الحَقِيقِيَّ، وَلَكِنَّ يَدَ التَّعَصُّبِ هِيَ مَنْ عَمَدَتْ إِلَى تَحْرِيفِ الحَقَائِقِ وَعِنَادِ شَرْعِ اللهِ تَعَالَى وَاتِّبَاعِ الشَّيْطَانِ وَالهَوَى، نَعُوذُ بِاللهِ مِنْ الخُذْلَانِ.