ما معنى العرجونِ القديم؟
السلامُ عليكُم ورحمةُ الله،هذا اللفظُ شُبِّهَ بهِ القمرُ في قولِه تعالى: {وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ} [يس: 39]، والمرادُ بالعرجونِ أصلُ عِذق النخلة، والعذقُ، هو الكباسةُ، والكباسةُ هو عنقودُ النخلِ، فهاهُنا تشبيهٌ بديعٌ للهلال، فإنّ العرجونَ إذا قدمَ دقَّ، وانحنى واصفرّ، وهيَ وجوهُ الشبهِ بينَ الهلالِ والعرجون، فهو يُشبّهُ في رأي العينِ في الدقّة، لا في المقدارِ والتقوّس والاصفرار. [ينظر: إعرابُ القرآنِ الكريمِ وبيانُه لمُحي الدين الدرويش ج6/ص329]. وفي تفسيرِ مجمعِ البيان، (ج /ص274)، قالَ: (كالعرجونِ القديم) أي: عادَ في آخرِ الشهرِ دقيقاً كالعذقِ اليابسِ العتيق، ثمَّ يخفى يومينِ آخرَ الشهر، وإنّما شبّهَه سُبحانَه بالعذق، لأنّه إذا مضَت عليهِ الأيّامُ جفَّ وتقوّسَ، فيكونُ أشبهَ الأشياءِ بالهلال . وقيلَ: إنّ العذقَ يصيرُ كذلكَ في كلِّ ستّةِ أشهر. قُلنا: إنّ مقصودَ الطبرسيّ (ره) بأنّ العذقَ يجفُّ ويتقوّسُ في كلِّ ستّةِ أشهر، تؤيّدُه رواياتٌ عن أهلِ بيتِ العصمةِ (سلامُ اللهِ عليهم) في ذلكَ، فمِنها: ففي الإرشادِ للشيخِ المُفيد ( ره ) (ص107): وقضى عليٌّ - عليهِ السّلام - في رجلٍ وصّى فقالَ : أعتقوا عنّي كلَّ عبدٍ قديمٍ في مُلكي . فلمّا ماتَ ، لم يعرف الوصيُّ ما يصنع . فسألهُ عن ذلكَ ، فقالَ : يعتقُ عنهُ كلُّ عبدٍ له في مُلكِه ستّةَ أشهر . وتلا قولهُ : «والْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ حَتَّى عادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ». وفي تفسيرِ عليٍّ بنِ إبراهيم ( 2/215 ) : حدّثني أبي ، عن داودَ بنِ محمّدٍ النّهديّ قالَ: دخلَ أبو سعيدٍ المكاريّ - وكانَ واقفيّاً - على أبي الحسنِ الرّضا - عليهِ السّلام - فقالَ له : أبلغَ مِن قدرِك أن تدّعي ما اِدّعاهُ أبوك ؟ ! فقالَ له الرّضا عليهِ السّلام: مالكَ؟! أطفأ اللَّهُ نورَك! وأدخلَ الفقرَ بيتَك! أمّا علمتَ أنَّ اللَّه - عزَّ وجلّ - أوحى إلى عمرانَ أنّي واهبٌ لكَ ذكراً، فوهبَ لهُ مريم، ووهبَ لمريمَ عيسى - عليهِ السّلام؟! فعيسى مِن مريم ومريمُ مِن عيسى ومريمُ وعيسى شيءٌ واحد وأنا مِن أبي وأبي منّي وأنا وأبي شيءٌ واحد. فقالَ لهُ أبو سعيدٍ: فأسألكَ عَن مسألة.قالَ : سَل، ولا أخالُكَ تقبلُ منّي، ولستَ مِن غنمي ولكِن هاتها. فقالَ له : ما تقولُ في رجلٍ قالَ عندَ موتِه : كلُّ مملوكٍ لي قديم ، فهوَ حرٌّ لوجهِ اللَّه؟ قالَ : نعم ما كانَ له ستّةُ أشهر ، فهوَ قديمٌ، وهوَ حرّ . لأنّ اللَّهَ - عزّ وجلّ - يقوُل : « والقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ حَتَّى عادَ كَالْعُرْجُونِ القَدِيمِ » . فما كانَ لستّةِ أشهرٍ ، فهوَ قديمٌ حر. قالَ : فخرجَ مِن عندِه ، وافتقرَ ، وذهبَ بصرُه . ثمّ مات - لعنَه اللَّه - وليسَ عندَه مبيتُ ليلة . ودمتُم سالِمين.
اترك تعليق