هل منَ المُمكنِ إعدادُ منهاجٍ مهدويٍّ يخاطبُ عقولَ طلبةِ الجامعاتِ لزيادةِ الوعي العقائدي؟
السلامُ عليكم ورحمة الله وبركاته : ممّا لا شكَّ فيه أنَّ شريحةَ الشبابِ وبخاصّةٍ طلبةَ الجامعاتِ مِن أهمِّ الركائزِ الاجتماعيّة، ممّا يجعلُ الاهتمامَ بهم عقائديّاً وفكريّاً وثقافيّاً منَ الضروراتِ المُلحّة، فحمايةُ هذه الشريحةِ منَ الانحرافِ هوَ حمايةٌ للمُجتمعِ منَ الانهيارِ والتفكّك، وما يصعّبُ هذه المهمّةَ هوَ كثرةُ الوسائلِ التي تعملُ على حرفِ الشبابِ دينيّاً وأخلاقيّاً، مُضافاً لحالةِ الإحباطِ التي يعيشُها الشبابُ في العالمِ العربيّ والإسلاميّ بسببِ التردّي السياسيّ والاقتصاديّ، ومعالجةُ ذلكَ تتمُّ مِن خلالِ تصحيحِ الواقعِ الذي وصلَت إليهِ الأمّةُ الإسلاميّةُ بحيثُ يصبحُ لها حضارتُها الخاصّةُ القائمةُ على قيمِها الدينيّة، وبما أنَّ ذلكَ خيارٌ صعبٌ فلابدَّ حينَها منَ العملِ على تحصينِ الشبابِ فكريّاً ونفسيّاً تجاهَ هذا الواقعِ المُنحرف. ومنَ المؤسفِ أنَّ هناكَ تقصيراً كبيراً تجاهَ هذهِ المسؤوليّة، فالقليلُ جدّاً منَ المؤسّساتِ الدينيّةِ التي تتبنّى العملَ الشبابيَّ، وفي المقابلِ هناكَ الكثيرُ منَ المُنظّماتِ والمؤسّساتِ الدوليّةِ والمحليّة التي تستهدفُ الشبابَ الإسلاميَّ بخطّةٍ مدروسةٍ ومُنظّمة، ناهيكَ عن الآلةِ الإعلاميّةِ الضخمةِ التي تعملُ ليلاً ونهاراً على إشاعةِ الفاحشةِ في وسطِ الشباب، ومِن هُنا تتضاعفُ مسؤوليّتُنا لإنقاذِ ما يمكنُ إنقاذُه منَ الشباب، والطريقُ المُتاحُ هو تحصينُهم عقائديّاً وفكريّاً مِن خلالِ تفعيلِ المؤسّساتِ العلميّةِ والثقافيّة التي تعملُ على ترميمِ الخطابِ الإسلاميّ وسدِّ كلِّ الثغراتِ التي تستغلّها التيّاراتُ غيرُ الدينيّة. والاعتقادُ بالإمامِ المهديّ ودولتِه القادمةِ يعدُّ الأساسَ لمشروعِ المواجهةِ مع كلِّ أنواعِ الفسادِ والانحراِف، ولولا إيمانُ الإنسانِ بأنَّ الانتصارَ النهائيَّ حليفُ الحقِّ لما وجدَ في نفسِه الدافعَ لمواجهةِ الباطلِ ومُبارزتِه، فاللهُ لم يخلِق الدّنيا لتكونَ موطِناً للظلمِ والفسادِ والانحراف، وإنّما جعلَها لإقامةِ القسطِ والعدلِ تحتَ قيادةِ عبادِه الصالحينَ، وإنَّ الصّراعَ بينَ الحقِّ والباطلِ لابدَّ أن ينتهي بانتصارِ الحقِّ وهزيمةِ الباطل، قالَ تعالى: (يُرِيدُونَ لِيُطفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفوَاهِهِم وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَو كَرِهَ الكَافِرُونَ) وهذا هوَ وعدُ اللهِ الذي قطعَه على نفسِه عندَما قال: (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُم وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَستَخلِفَنَّهُم فِي الأَرضِ كَمَا استَخلَفَ الَّذِينَ مِن قَبلِهِم وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُم دِينَهُمُ الَّذِي ارتَضى لَهُم وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِن بَعدِ خَوفِهِم أَمناً يَعبُدُونَنِي لا يُشرِكُونَ بِي شَيئاً وَمَن كَفَرَ بَعدَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الفاسِقُونَ)، وبذلكَ يمكنُنا القولُ أنَّ العقيدةَ المهدويّةَ هيَ أساسُ الإسلامِ وغايتُه النهائيّة، كما أنّها أساسُ الإيمانِ وروحُه التي تحرّكُه. ويبدو أنّه لا تنقصُنا المناهجُ العلميّةُ فهناكَ الكثيرُ منَ الكُتبِ والدراساتِ، مُضافاً إلى وجودِ المؤسّساتِ ومواقعِ الانترنت التي تنشرُ المقالاتِ ذاتِ الصلةِ بالقضيّةِ المهدويّة، إلّا أنَّ الذي ينقصُنا هوَ العملُ الميدانيُّ داخلَ الجامعات، وهذا يتوقّفُ على تأسيسِ هيئاتٍ منَ الشبابِ المؤمنِ تقومُ بدورِ التحصينِ المُباشرِ والاحتكاكِ اليوميّ مع طلّابِ الجامعة، ويتوقّفُ ذلكَ على وجودِ جهةٍ ترعى هذا العملَ لوجستيّاً وتنظيميّاً.
اترك تعليق