هل يجبُ على الفقيهِ أن يكونَ مُلمّاً بما يجري مِن أحداث على الساحةِ السياسيّةِ المحليّةِ والعالميّة ويعلّقَ عليها؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : الإجابةُ على هذا السؤالِ تتوقّفُ على توضيحِ المقصودِ مِن كلمةِ الوجوب، فقد يكونُ بمعنى الوجوبِ الشرعيّ الذي يعدُّ تركُه معصيةً للهِ تعالى، وهذا النوعُ منَ الوجوبِ يتوقّفُ على وجودِ نصوصٍ صريحةٍ منَ القرآنِ والسنّة، ولا وجودَ لمثلِ هذه النصوصِ التي توجبُ على الفقيهِ الإحاطةَ بالأحداثِ السياسيّةِ وإبداءَ الرأي فيها، وما هوَ موجودٌ منَ النصوصِ مثلَ قولِ الإمامِ الصّادقِ (عليهِ السلام): (العالمُ بزمانِه، لا تهجمُ عليهِ اللوابس) أو قولِ أميرِ المؤمنينَ (عليهِ السلام): (حسبُ المرءِ مِن عرفانِه، علمُه بزمانِه)، فإنَّ هذهِ النصوصَ أوّلاً عامّةٌ وليسَت خاصّةً بالفقهاءِ، وثانياً ليسَ فيها دلالةٌ على الوجوبِ كما هو واضحٌ مِن عباراتِها. أمّا إذا كانَ المقصودُ منَ الوجوبِ هوَ الوجوبُ بالمعنى العُرفي، حيثُ يوجبُ العُرفُ بعضَ الأمورِ على نحوِ الأفضليّةِ والرجحان، كأن نقولَ مثلاً يجبُ على التلميذِ أن يقفَ لمُعلّمِه، فإذا لم يقِف التلميذُ يكونُ قد خالفَ الآدابَ المطلوبةَ عُرفاً ولكنّه لا يكونُ قد ارتكبَ حراماً شرعيّاً، وعلى هذا المعنى لا شكَّ أنَّ معرفةَ الفقيهِ بالأوضاعِ السياسيّة وما يقعُ في العالمِ مِن أحداثٍ يُعدُّ أمراً راجِحاً على عدمِه، إلّا أنَّ درجةَ المعرفةِ والإحاطة التي يرجّحُها العرفُ والعُقلاء ليسَ على نحوِ المعرفةِ التفصيليّةِ التخصصيّةِ وإنّما يكتفي العرفُ بالمقدارِ الذي يجعلهُ في الصّورةِ على نحوِ الإجمال، ويبدو أنَّ هذا المقدارَ مُتحقّقٌ عندَ مُعظمِ الفُقهاء.
اترك تعليق