مَن الذي حاولَ قتلَ رسولِ اللهِ (صلّى اللهُ عليهِ وآله وسلم) بصخرة؟

: السيد عبدالهادي العلوي

السلامُ عليكُم ورحمةُ اللهِ وبركاته،روى المؤرّخونَ أنَّ الذي حاولَ قتلَ النبيّ الأكرمِ (صلّى اللهُ عليهِ وآله) بالصخرةِ هوَ عمرو بنُ جحاش بنِ كعب، أحدُ رؤساءِ اليهودِ الذينَ كانوا يعادونَ النبيّ (صلّى اللهُ عليهِ وآله)، وعلى إثرِ هذه الحادثةِ حدثَت غزوةُ بني النضير، وأُخرجوا منَ المدينة، فذهبوا إلى الشامِ وبعضُهم إلى خيبر، ونزلَت بعضُ الآياتِ الكريمة. ففي [تفسيرِ القمّي ج2 ص358ـ359]: « كانَ بالمدينةِ ثلاثةُ أبطنٍ منَ اليهود: بنو النضيرِ وقريظةُ وقينقاع، وكانَ بينَهم وبينَ رسولِ الله (صلّى اللهُ عليهِ وآله) عهدٌ ومدّة، فنقضوا عهدَهم، وكانَ سببُ ذلكَ مِن بني النضير في نقضِ عهدِهم: أنّه أتاهُم رسولُ اللهِ (صلّى اللهُ عليهِ وآله) يستسلفُهم ديّةَ رجلين قتلَهما رجلٌ مِن أصحابِه غيلةً - يعني يستقرض ـ، وكانَ قصدَ كعبَ بنَ الأشرف، فلمّا دخلَ على كعبٍ قالَ: مرحباً يا أبا القاسمِ وأهلاً، وقامَ كأنّهُ يضعُ لهُ الطعام، وحدّثَ نفسَه أن يقتلَ رسولَ اللهِ (صلّى اللهُ عليهِ وآله)، ويتّبعَ أصحابَه، فنزلَ جبرئيلُ (عليهِ السلام) فأخبرَه بذلك، فرجعَ رسولُ الله (صلّى اللهُ عليهِ وآله) إلى المدينةِ، وقالَ لمحمّدٍ بنِ مسلمة الأنصاريّ: اذهَب إلى بني النضير، فأخبِرهم أنّ اللهَ (عزّ وجلّ) قد أخبرَني بما هممتُم به منَ الغدر.. إلى آخره ». ونقلَ المؤرّخُ الطبريّ في [التاريخِ ج2 ص223] عن ابنِ إسحاق: « خرجَ رسولُ الله (صلّى اللهُ عليهِ [وآله] وسلّم) إلى بنى النضيرِ يستعينُهم في ديّةِ ذينكَ القتيلين مِن بني عامر، اللذينِ قتلَ عمرو بنُ أميّةَ الضمريّ، للجوارِ الذي كانَ رسولُ اللهِ (صلّى اللهُ عليهِ [وآله] وسلّم) عقدَ لهما، وكانَ بينَ بني النضيرِ وبينَ بنى عامرٍ حلفٌ وعقد، فلمّا أتاهُم رسولُ الله (صلّى اللهُ عليهِ [وآله] وسلّم) يستعينُهم في ديّةِ ذينكَ القتيلين، قالوا: نعَم يا أبا القاسمِ، نعينُك على ما أحببتَ ممّا استعنتَ بنا عليه، ثمّ خلا بعضُهم ببعضٍ، فقالوا: إنّكم لن تجدوا هذا الرجلَ على مثلِ حالِه هذه، ورسولُ اللهِ (صلّى اللهُ عليهِ [وآله] وسلّم) إلى جنبِ جدارٍ مِن بيوتِهم قاعدٌ، فقالوا: مَن رجلٌ يعلو على هذا البيتِ، فيُلقى عليهِ صخرةً، فيقتلهُ بها، فيريحُنا منه؟ فانتدبَ لذلكَ عمرو بنُ جحاش بنِ كعب أحدَهم، فقالَ: أنا لذلكَ، فصعدَ ليُلقيَ عليهِ الصّخرةَ كما قال، ورسولُ اللهِ (صلّى اللهُ عليهِ [وآله] وسلم) في نفرٍ مِن أصحابِه ـ فيهم أبو بكرٍ وعُمر وعلي ـ، فأتى رسولَ اللهِ (صلّى اللهُ عليهِ [وآله] وسلّم) الخبرَ منَ السّماءِ بما أرادَ القوم، فقامَ وقالَ لأصحابِه: لا تبرحوا حتّى آتيكم، وخرجَ راجِعاً إلى المدينة، فلمّا استلبثَ رسولُ اللهِ (صلّى اللهُ عليهِ [وآله] وسلّم) أصحابَه قاموا في طلبِه، فلقوا رجلاً مُقبِلاً منَ المدينة، فسألوه عنه، فقالَ: رأيتُه داخِلاً المدينةَ، فأقبلَ أصحابُ رسولِ الله (صلّى اللهُ عليهِ [وآله] وسلّم) حتّى انتهوا إليه، فأخبرَهم الخبرَ بما كانَت يهودٌ قد أرادَت منَ الغدرِ به ». ونقلَ الطبريُّ في [التاريخِ ج2 ص224] عن الواقديّ: « أنّ بني النضير لمّا تآمروا بما تآمروا به مِن إدلاءِ الصخرةِ على رسولِ الله (صلّى اللهُ عليهِ [وآله] وسلّم نهاهُم عن ذلكَ سلامٌ بنُ مشكم، وخوّفَهم الحربَ، قال: وهوَ يعلمُ ما تريدون، فعصوه، فصعدَ عمرو ابنُ جحاش ليدحرجَ الصخرة، وجاءَ النبيُّ (صلّى اللهُ عليهِ [وآله] وسلّم) الخبرَ منَ السماء، فقامَ كأنّهُ يريدُ حاجةً، وانتظرَه أصحابُه، فأبطأ عليهم، وجعلَت يهودٌ تقول: ما حبسَ أبا القاسم! وانصرفَ أصحابُه، فقالَ كنانةُ بنُ صوريا: جاءَه الخبرُ بما هممتُم به، قالَ: ولمّا رجعَ أصحابُ رسولِ الله (صلّى اللهُ عليهِ [وآله] وسلّم) انتهوا إليه وهوَ جالسٌ بالمسجدِ، فقالوا: يا رسولَ الله، انتظرناكَ ومضيتَ، فقالَ: همَّت يهودٌ بقتلي، وأخبرنيهِ اللهُ (عزّ وجلّ) ».