أينَ ذهبَ واختفى تابوتُ العهدِ أو تابوتُ السّكينة؟ وهل سيأتي بهِ المهديُّ المُنتظَر (عجّلَ اللهُ تعالى فرجَه) عندَ ظهورِه المُبارك؟
السلامُ عليكُم ورحمةُ اللهِ وبركاتُه، قبلَ الجوابِ عن السؤالينِ ينبغي توضيحُ بعضِ الأشياءِ حولَ التابوت، فنقول: إنَّ (التابوتَ) في بني إسرائيل يُعدُّ مِن أماراتِ النبوّةِ وعلاماتِها، يدورُ حيثَما تدورُ النبوّةُ والمُلك، فمَن صارَ التابوتُ عندَه كانَ نبيّاً، قالَ اللهُ تباركَ وتعالى: {وَقَالَ لَهُم نَبِيُّهُم إِنَّ آَيَةَ مُلكِهِ أَن يَأتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِن رَبِّكُم وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آَلُ مُوسَى وَآَلُ هَارُونَ تَحمِلُهُ المَلَائِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لَكُم إِن كُنتُم مُؤمِنِينَ} [سورة البقرة: 248]. وقد وردَت في ذلكَ رواياتٌ وفيرةٌ، ذكرَها المُحدّثونَ في تصانيفِهم، مِنها: ما رواهُ الشيخُ الصفّارُ في [بصائرِ الدرجات ج1 ص352] بالإسنادِ عن الإمامِ الباقرِ (عليهِ السلام) قال: « إنَّ السّلاحَ فينا كمثلِ التابوتِ في بَني إسرائيل، كانَ حيثُما دارَ التابوتُ فثَمَّ المُلك، وحيثُما دارَ السلاحُ فثَمّ العلمُ »، ومِنها: ما رواهُ أيضاً في [بصائرِ الدرجات ج1 ص248] بالإسنادِ عن الإمامِ الصّادقِ (عليهِ السلام): « ومَثلُ السلاحِ فينا مَثلُ التابوتِ في بني إسرائيل، كانَت بنو إسرائيلَ أيّ أهلِ بيتٍ وقفَ التابوتُ على بابِ دارِهم أوتوا النبوّةَ، كذلكَ ومَن صارَ إليه السلاحُ مِنّا أوتيَ الإمامة ». ويحتوي التابوتُ ـ كما نصَّت الآيةُ الكريمة ـ على سكينةٍ منَ اللهِ تعالى، وعلى آثارِ آلِ موسى وآلِ هارون، وفي روايةٍ نقلها الشيخُ الكُلينيّ في [الكافي ج8 ص317] أنَّ الإمامَ الباقرَ (عليهِ السلام) سُئلَ عن الآيةِ الكريمة، فقالَ: « رضراضُ الألواحِ فيها العلمُ والحكمة »، وفي روايةٍ أخرى نقلَها الكُلينيّ في [الكافي ج3 ص472] بالإسنادِ عن الإمامِ الرّضا (عليهِ السلام): « تلكَ السكينةُ في التابوت، وكانَت فيه طشتٌ تُغسَلُ فيها قلوبُ الأنبياء، وكانَ التابوتُ يدورُ في بني إسرائيلَ معَ الأنبياء ». أمّا بالنسبةِ للسّؤالِ الأوّل ـ وهوَ اختفاءُ التابوت ـ: فقد أشارَت الآيةُ الكريمةُ المُتقدّمةُ إلى اختفاءِ التابوتِ وظهورِه على يدِ طالوت تحملهُ الملائكة، قيلَ: إنّ اللهَ انتزعَه مِن أيدي الأعداءِ الذينَ نَهبوه، وقيلَ: كانَ في بريّةِ التيه، خلّفَه هناكَ يوشعُ بنُ نون. [ينظر: تفسيرُ التبيان ج2 ص292، عيونُ أخبارِ الرّضا ج1 ص223]. وأمّا بالنّسبةِ للسّؤالِ الثاني ـ وهوَ علاقةُ التابوتِ بالإمامِ المهدي (عجّلَ اللهُ فرجه) ـ: فقَد ظهرَ مِمّا تقدّمَ أنّ التابوتَ منَ الأمورِ التي يتوارثُها الأنبياءُ، وقد جاءَت الرواياتُ تُبيّنُ أنّ الأئمّةَ المعصومينَ (عليهم السلام) عندَهم مواريثُ الأنبياء (عليهم السلام) ـ ومِن جُملتها التابوت ـ. وقد عقدَ الشيخُ الصفّارُ في [بصائرِ الدرجاتِ ج1 ص347] باباً بعنوان: « بابُ ما عندَ الأئمّةِ (عليهم السلام) مِن سلاحِ رسولِ الله (صلّى اللهُ عليهِ وآله) وآياتِ الأنبياء، مثلَ: عصا موسى، وخاتمِ سُليمان، والطّستِ، والتابوتِ، والألواحِ، وقميصِ آدم وجميعِ الأنبياء (عليهم السلام) »، أوردَ فيه سبعاً وخمسينَ رواية، مِنها: ما رواهُ في [الصفحة 349] عن أبي عبدِ اللهِ الصّادق (عليهِ السلام) قالَ: « .. وإنّ عندي التابوتَ التي جاءَت به الملائكةُ تحملهُ، ومثلُ السلاحِ فِينا مثلُ التابوتِ في بني إسرائيل، كانَت بنو إسرائيلَ أيُّ أهلِ بيتٍ وقفَ التابوتُ على بابِ دارِهم أُوتوا النبوّةَ، كذلكَ ومَن صارَ إليه السلاحُ مِنّا أُوتيَ الإمامة » ولا ريبَ أنّ ما كانَ عندَ الأئمّةِ (عليهم السلام) قد اجتمعَت عندَ صاحبِ العصرِ والزمان (عجّلَ اللهُ فرجَه)، وقد وردَ في بعضِ الأخبارِ أنّ الإمامَ (عجّلَ اللهُ فرجَه) يظهرُ ومعهُ التابوت: مِنها ما نقلَه الحسنُ بنُ سُليمانَ الحِلّيّ في [مُختصَرِ بصائرِ الدرجاتِ ص201] مِن خُطبةٍ لأميرِ المؤمنينَ (عليهِ السلام) تُسمّى المخزون، وردَ فيها: « .. ويسيرُ الصدّيقُ الأكبرُ برايةِ الهُدى، والسيفِ ذي الفقار، والمَخصَرةِ حتّى ينزلَ أرضَ الهجرةِ مرّتين وهيَ الكوفة، فيهدمُ مسجدَها ويبنيهِ على بنائِه الأوّل، ويهدمُ ما دونَه مِن دورِ الجبابرةِ، ويسيرُ إلى البصرةِ حتّى يُشرِفَ على بحرِها، ومعهُ التابوت، وعصا موسى.. ». وروى المِروزيّ في [الفِتن ص220]، والسيّدُ ابنُ طاووس في [الملاحمِ والفِتن ص142] عن كعبٍ قال: « المهديُّ يُبعَثُ بعثاً لقتالِ الرّوم، يُعطى فقهَ عشرةٍ، يستخرجُ تابوتَ السكينةِ مِن غارِ أنطاكية، فيه التوراةُ التي أنزلَ اللهُ على موسى، والإنجيلُ الذي أنزلَ اللهُ على عيسى، يحكمُ بينَ أهلِ التوراةِ بتوراتِهم وبينَ أهلِ الإنجيلِ بإنجيلهم ».وروى المِروزيّ في [الفتنِ ص223]، وابنُ طاووس في [الملاحمِ والفِتن ص150] عن سُليمانَ بنِ عيسى، قالَ: « بلغني أنّه على يدي المَهدي يظهرُ تابوتُ السكينةِ مِن بُحيرةِ طبريّة، حتّى يُحمَلَ فيوضع بينَ يديه ببيتِ المَقدس، فإذا نظرَت إليهِ اليهودُ أسلمَت إلّا قليلٌ مِنهم.. ».
اترك تعليق