كم استغرق رجوع الإمام السجاد وزينب (ع) من الشام إلى كربلاء؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : المشهورُ والمُتعارفُ عليه عندَ الشيعةِ أنَّ الإمامَ السجّادَ وزينبَ ومَن معَهم منَ السبايا وصلوا إلى كربلاء في يومِ العشرين مِن صفر أي بعدَ مرورِ أربعينَ يوماً مِن استشهادِ الإمامِ الحُسين (عليهِ السلام)، وقد صرّحَ بذلكَ الشيخُ الطوسي في مصباحِ المُتهجّد حيثُ قال: (وفي اليومِ العشرين منه -أي مِن صفر- كانَ رجوعُ حرمِ سيّدنا أبي عبدِ اللهِ الحُسين بنِ علي بنِ أبي طالب عليهما السلام منَ الشامِ إلى مدينةِ الرسولِ صلّى اللهُ عليهِ وآله وهوَ اليومُ الذي وردَ فيه جابرٌ بنُ عبدِ الله بنِ حرام الأنصاري صاحبُ رسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وآله ورضيَ عنه منَ المدينةِ إلى كربلاء لزيارةِ قبرِ أبي عبدِ الله عليهِ السلام فكانَ أوّلَ مَن زارَه منَ الناسِ ويستحبُّ زيارتُه عليهِ السلام فيهِ وهيَ زيارةُ الأربعين)، وقد شكّكَ البعضُ في إمكانيّةِ ذلكَ لصعوبةِ الجمعِ بينَ طولِ المسافةِ وبينَ تحديدِ الوصولِ في العشرينَ من صفر، إلّا أنَّ ذلكَ ليسَ مُستحيلاً فبحسبِ ما سجّلتهُ المصادر مِن تواريخ لحركةِ السبايا مِن كربلاء إلى الكوفةِ ومِن ثمَّ مِنها إلى الشام وبعدَها إلى كربلاء تؤكّدُ إمكانيّةَ ذلك، فمنَ الناحيةِ التاريخيّة كانَ دخولُ السبايا إلى الشام في أوّلِ يومٍ مِن صفر كما رواهُ الكفعميُّ والبهائيّ والمُحدّثُ الكاشاني، وكانَ بقاؤهم في الشامِ خمسةَ أو سبعةَ أيّام، وبالتالي فإنَّ خمسةَ عشرَ يوماً أو ثلاثةَ عشرَ يوماً كافيةٌ للمسافةِ بينَ الشامِ وكربلاء، فبحسبِ المصادرِ التاريخيّة، إنَّ مُدّةَ إقامةِ السبايا في الكوفةِ كانَت ثلاثةَ أيّام، وخروجُ السبايا نحوَ الشامِ كانَ في (15) مُحرّم، ووصولُهم إليها كانَ في الأوّلِ مِن صفر، قالَ الشيخُ عبّاس القُمّي: (قالَ الشيخُ الكفعمي وشيخُنا البهائيّ والمُحدّثُ الكاشاني: في أوّلِ صفر أُدخلَ رأسُ الحُسين عليهِ السلام إلى دمشق، وهوَ عيدٌ عندَ بني أُميّة، وهوَ يومٌ تتجدّدُ فيهِ الأحزان)، وحُكيَ أيضاً عن أبي ريحان في الآثارِ الباقية أنّهُ قالَ: في اليومِ الأوّلِ مِن صفر أُدخلَ رأسُ الحُسين عليه السلام مدينةَ دمشقَ فوضعَه يزيدُ بينَ يديه ونقرَ ثناياهُ بقضيبٍ في يديه.. إلخ) وعليهِ يكونُ قد قطعوا المسافةَ بينَ الكوفةِ والشام في (15) يوماً، ولبثوا في الشامِ مِن (5ـ 8) أيّام، وعليهِ يمكنُ العودةُ إلى كربلاءِ بحوالي (12ـ15) يوماً؛ ويكونُ مجموعُ المُدّةِ الزمنيّةِ (40) يوماً. كما أنَّ اللقاءَ الذي حصلَ بينَ جابرٍ الأنصاري والإمامِ زينِ العابدين (عليهِ السلام) يُثبتُ أنَّ وصولَهم كانَ يومَ العشرين مِن صفر، وقد أكّدَ الشيخُ الجليلُ نجمُ الدينِ جعفرٌ بنُ مُحمّد بنِ جعفر أبي البقاءِ هبةُ اللهِ بنُ نما الحلّي المُتوفّى سنةَ 645 هـ في كتابِه (مثيرُ الأحزان) اللقاءَ بينَ جابرٍ الأنصاري وركبِ الإمامِ زينِ العابدين (عليهِ السلام) حيثُ قال: (ولمّا مرَّ عيالُ الحُسين بكربلاء وجدوا جابراً بنَ عبدِ الله الأنصاريّ رحمَة الله عليهِ وجماعةٌ مِن بني هاشمٍ قدموا لزيارتِه في وقتٍ واحدٍ فتلاقوا بالحُزنِ والاكتئابِ والنوحِ على هذا المُصابِ المُقرّحِ لأكبادِ الأحباب) وقد كانَت زيارةُ جابرٍ الأنصاريّ للإمامِ الحُسين (عليهِ السلام) في العشرينِ مِن صفر، وهذا ما ذكرَه أيضاً السيّدُ عليٌّ بنُ طاووس الحلّي المتوفّى سنةَ 664 هـ في كتابِه اللهوف، حيثُ قال: (ولمّا رجعَ نساءُ الحُسين وعيالُه منَ الشامِ وبلغوا العراقَ قالوا للدّليل: مرَّ بنا على طريقِ كربلاء ووصلوا إلى المصرعِ فوجدوا جابراً بنَ عبدِ الله الأنصاري رحمَه الله وجماعةً مِن بني هاشم قد وردوا لزيارةِ قبرِ الحُسين فوافوا في وقتٍ واحدٍ وتلاقوا بالبُكاءِ والحُزنِ واللطم)، والمُتيقّنُ أنَّ جابراً جاءَ إلى كربلاء في يومِ الأربعين، كما فُصّلَ ذلكَ في كتابِ مصباحِ الزائر، وبشارةِ المُصطفى.
اترك تعليق