هل قاتلُ عُمر أبو لؤلؤة منَ الشيعةِ؟

هل قاتلُ عُمر أبو لؤلؤة منَ الشيعةِ حسبَ كلامِ الأئمّة؟

الجواب :

السلامُ عليكُم ورحمةُ الله،

لقد كتبَ كثيرٌ مِن عُلمائِنا الأبرار، حولَ شخصيّةِ أبي لؤلؤةَ وبيّنوا أنَّ أبا لؤلؤة «فيروز» منَ المُسلمينَ المُخلصين، ومِن شيعةِ أميرِ المؤمنينَ البارزين، ولكنَّ عُلماءَ أهلِ السنّةِ حملَتهم العصبيّةُ على توصيفِه بالمجوسيّ تارةً وبالنصرانيّ تارةً أخرى، لأنّهُ قتلَ خليفتَهم « عُمرَ بنَ الخطّاب » ، ولكن غابَ عنهم أنَّ عثمانَ بنَ عفّان كانَ خليفةً أيضاً وقد قتلَه المسلمونَ بل اشتركَ في قتلِه بعضُ الصّحابة.

وقد قالَ الميرزا عبدُ اللهِ الأفندي في « رياضِ العُلماء » : « أبو لؤلؤةَ فيروز المُلقّبُ ببابا شجاع الدين النهاوندي الأصلِ والمولد ، المدنيّ قاتلُ ابنِ الخطّاب ».

ثمَّ قال : « اعلَم أنَّ فيروزَ هذا قد كانَ مِن أكابرِ المُسلمينَ والمُجاهدينَ بل مِن خُلّصِ أتباعِ أميرِ المؤمنينَ عليهِ السّلام ، وكانَ أخاً لذكوان وهوَ أبو « أبي الزنادِ عبدِ اللهِ بنِ ذكوان » عالمِ أهلِ المدينةِ بالحسابِ والفرائضِ ، والنحوِ والشعر ، والحديثِ والفِقه ، فراجِع الاستيعاب ».

وقالَ الذهبيُّ في كتابِه « المُختصرُ في الرجال » : « عبدُ اللهِ بنُ ذكوان أبو عبدِ الرحمن ، هوَ الإمامُ أبو الزنادِ المدني مولى بني أميّة ، وذكوانُ هوَ أخو أبي لؤلؤة قاتلِ عُمر ، ثقةٌ ثبتٌ ، روى عنهُ مالكٌ والليثُ والسفيانان ، ماتَ فجأةً في شهرِ رمضان سنةَ 131 هـ ».

ثمَّ قالَ صاحبُ الرّياض : « وهذا أجلى دليلٍ على كونِ فيروز المذكورِ منَ الشيعة، وحينئذٍ فلا اعتمادَ بما قالَه الذهبي : « مِن أنّ أبا لؤلؤةَ كانَ عبداً نصرانيّاً لمُغيرةَ بنِ شعبة». وكذا لا اعتمادَ بما قالَه السيوطيُّ في تاريخِ الخُلفاء : « مِن أنّ أبا لؤلؤةَ كانَ عبداً للمُغيرةِ ويصنعُ الأرحاء » ، ثمَّ روى عن ابنِ عبّاس : « أنَّ أبا لؤلؤةَ كانَ مجوسيّاً ». وقد أشكلَ علماؤنا على وصفِ العامّةِ لأبي لؤلؤةَ بالمجوسيّ بإشكالٍ حاصلِه : « أنّ النبيَّ صلّى اللهُ عليهِ وآله وسلّم قد أمرَ بإخراجِ مُطلقِ الكُفّارِ مِن مكّةَ والمدينةِ فضلاً عن مسجديهما ، والعامّةُ قد نقلوا ذلك ، وأذعنوا بصحّةِ الخبرِ الواردِ في ذلكَ الباب. فإذا كانَ أبو لؤلؤةَ نصرانيّاً أو مجوسيّاً كيفَ رخّصَه عُمر في أيّامِ خلافتِه أن يدخلَ مدينةَ رسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وآله وسلّم مِن غيرِ مُضايقةٍ ولا نكير، فضلاً عن مسجدِه ؟! وهذا منهُ ـ أي مِن عُمر ـ إمّا يدلُّ على عدمِ مُبالاتِه في الدينِ ، أو على عدمِ صحّةِ ما نسبوهُ إلى أبي لؤلؤةَ مِن أنّهُ كانَ على غيرِ ملّةِ الإسلام.

ولو تنزّلنا عن ذلكَ نقول : كانَ أوّلَ أمرِه منَ الكُفّارِ والمجوسِ ثمّ تشّرفَ بعد بدينِ الإسلام». انتهى.

وفي مشارقِ أنوارِ اليقينِ للحافظِ البُرسي : إنَّ أميرَ المؤمنينَ عليهِ السّلام قالَ للثاني ـ عمرَ بنِ الخطّاب ـ : « يا مغرورُ إنّي أراكَ في الدّنيا قتيلاً بجراحةٍ مِن عبدِ أمِّ معمر تحكمُ عليهِ جوراً ، فيقتلُكَ توفيقاً ». وهذا يدلُّ على مدحِه أبي لؤلؤة.

وفي الروايةِ المُفصّلةِ الواردةِ في فضلِ التاسعِ مِن ربيعٍ الأوّل.

قالَ حُذيفة : « فاستجابَ اللهُ دعاءَ مولاتي عليها السّلام على ذلكَ المُنافقِ ، وأجرى قتلَه على يدِ قاتلِه رحمةُ اللهِ عليه ... » بحارُ الأنوار 31 : 126 ، ط دارُ الرضا عليهِ السّلام. وذكرَ ابنُ الأثيرِ في الكامل ، وابنُ عبدِ البرّ في الاستيعابِ وغيرُهما مِن أربابِ السير : أنَّ عُبيدَ اللهِ بنَ عُمر قتلَ بأبيه ابنةَ أبي لؤلؤةَ وجفينةَ والهرمزان ، وأشارَ عليٌّ عليهِ السّلام على عثمانَ بقتلِه بهم فأبى.

فهدّدَه الإمامُ عليٌّ عليهِ السّلام بالقتلِ متى ظفرَ عليه ، وقد قتلَه في واقعةِ الصفّين.

ويظهرُ مِن ذلكَ أنّ ابنةَ أبي لؤلؤةَ كانَت مُسلمةً مُؤمنةً ، ولذا طالبَ الإمامُ بقتلِ قاتلِها قصاصاً ، فكيفَ يكونُ والدُها مجوسيّاً أو نصرانيّاً ؟ هذا ما لدينا عن شخصيّةِ أبي لؤلؤة. ودمتُم سالِمين.