هَلْ رَوَى البُخَارِيُّ عَنِ الضُّعَفَاءِ فِي كِتَابِهِ الصَّحِيْحِ؟

عَبْدُ اللهِ /الكُوَيْتُ/ السَّلَامُ عَلَيْكُم: هَلْ رَوَى البُخَارِيُّ عَنِ الضُّعَفَاءِ فِي كِتَابِهِ الصَّحِيْحِ؟

: اللجنة العلمية

الأَخُ عَبْدُ اللهِ المُحْتَرَمُ، السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُه:

إِعْلَم أَخِي أنَّ جُمْهُوْرَ أَهْلِ السُّنَّةِ وَإِنْ اعْتَبَرُوا كِتَابَ البُخَارِيِّ أَصَحَّ كِتَابٍ بَعْدَ كِتَابِ اللهِ تَعَالَى، بِدَعْوَى أنّ البُخَارِيَّ نَفْسَهُ الْتَزَمَ بِأَعْلَى شُرُوْطِ الصِّحَّةِ لِأَحَادِيْثِ كِتَابِهِ مِنْ حَيْثُ اِنْتِقَاءُ الرِّجَالِ، وَخُلُوُ أَحَادِيْثِهِ مِنَ العِلَلِ وَالشُّذُوْذِ، لَكِنَّ هَذِهِ الدَّعْوى لَمْ وَلَنْ تَصْمُدَ عِنْدَ المُنَاقَشَةِ ،لَاسِيَّمَا أَنَّ مَنْ يَدْرُسُ كِتَابَ البُخَارِيِّ دِرَاسَةً مُعَمَّقَةً سَيَرَى بِنَفْسِهِ أَنَّ هُنَاكَ عِدَّةُ إِشْكَالَاتٍ تَرِدُ عَلَى كَثِيْرٍ مِنَ الأَحَادِيْثِ مِنْ حَيْثُ مُخَالَفَتُهَا القُرْآَنَ أَو مِنْ حَيْثُ مُخَالَفَتُهَا العَقْلَ ، مِنْ قَبِيْلِ أَحَادِيْثِ سَهْوِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآَلِهِ) أَو أَحَادِيْثِ أَنَّ النَّبِيَّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآَلِهِ) سُحِرَ حَتَّى كَأَنَّهُ يَفْعَلُ الشَّيْءَ وَلَا يَفْعَلُهُ ، أَوْ مِنْ قَبِيْلِ رِوَايَةِ أَنَّ قِرْدَةً زَنَتْ فَرَجَمَتْهَا بَقِيَّةُ القِرَدَةِ مَعْ أَنَّ الحَيَوَانَاتَ غَيْرُ مُكَلَّفَةٍ كَمَا لَا يَخْفَى، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الأَحَادِيْثِ الَّتِي مَنْ يَتَأَمَّلُ مُتُوْنَهَا سَيَرَى أَنَّ الإِشْكَالَ فِيْهَا ظَاهِرٌ لَا يَرْتَابُ فِيْهِ مُنْصِفٌ. وَأَمّا مِنْ جِهَةِ السَّنَدِ فَإِنَّ البُخَارِيَّ قَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ رَوَى عَنِ الضُّعَفَاءِ، بَلْ رَوَى حَتَّى عَنِ الكَذَّابِيْنَ وَالمُتَّهَمِيْنَ، فَقَدْ رَوَى عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ صَالِحٍ كَاتِبُ اللَّيْثِ بنِ سَعْدٍ وَأَكْثَرُ أَئِمَّةِ الجَرْحِ وَالتَّعْدِيْلِ عَلَى أَنَّهُ ضَعِيْفٌ جِدَّاً، وَهَكَذَا الحَالُ مَعْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ دِيْنَارٍ فِإِنَّهُ ضَعِيْفٌ جِدَّاً، وَرَوَى أَيْضَاً عَنْ أَسِيْدٍ بنِ زَيْدٍ الجَمَّالِ الَّذِي عُرِفَ بِالكَذِبِ عِنْدَ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ نُقَّادِ الحَدِيْثِ وَحَدِيْثُهُ يَفْتَرَضُ أَنْ لَا يُسْتَشْهَدَ بِهِ فِي المُتَابِعَاتِ وَلَا فِي الشَّوَاهِدِ كَمَا هُوَ مُقَرَّرٌ فِي عِلْمِ الحَدِيْثِ، وَهَكَذَا الحَالُ مَعْ إِسْمَاعِيْلِ بنِ أَبِي أُوَيْسٍ المَدَنِيِّ الَّذِي أَكْثَرَ عَنْهُ البُخَارِيُّ فِي الصَّحِيْحِ وَبَقِيَّةُ كُتُبِهِ الأُخْرَى ، مَعْ أَنَّ أَكْثَرَ النُّقَّادَ ذَكَرُوا أَنَّهُ كَانَ كَذَّابَاً أَوْ يَضَعُ الحَدِيْثَ وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنْ كَلِمَاتِ الجَرْحِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ مُدَوَّنٌ فِي كُتُبِ الجَرْحِ وَالتَّعْدِيْلِ كَكِتَابِ تَهْذِيْبِ التَّهْذِيْبِ لِابنِ حَجَرٍ العَسْقَلَانِيِّ وَغَيْرِهِ.

 وَدُمْتُمْ سَالِمِيْنَ.