يَنْبَغِي التَّمْيِيزُ فِي مَرْوِيَّاتِ الأَئِمَّةِ وَشِيعَتِهِمْ بَيْنَ طُرُقِ الخَاصَّةِ وَالعَامَّةِ.

أُمُّ أَحْمَدَ:      السَّلَامُ عَلَيْكُمْ.      أَرْجُو تَوْضِيحَ كَيْفَ أَنَّ إِسْمَاعِيلَ بْنَ أَبَانَ يَرْوِي عَنْ عَائِشَةَ وَهُوَ مِنْ رِجَالِ الشِّيعَةِ الثُّقَاتِ كَمَا قَالَ البُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبَانَ ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ المُبَارَكِ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) قَالَ: لَا نُوَرِّثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةً. البِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ لِابْنِ كَثِيرٍ.

: اللجنة العلمية

     الأَخُت أم أحمد المُحْتَرَمُ.. السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ.

    1- حِينَمَا يَرْوِي المُخَالِفُونَ عَنْ أَئِمَّتِنَا فَضْلًا عَنْ رُوَاتِنَا فَاعْلَمْ أَنَّهُمْ يَنْتَقُونَ مَا يَنْفَعُهُمْ وَلَا يَضُرُّهُمْ، فَلَا يَرْوُونَ عَادَةً عَنْهُمْ مَا يُخَالِفُ مَذْهَبَهُمْ أَوْ مَا يُوَافِقُ مَا يَرْوِيهِ أَتْبَاعُهُمْ وَشِيعَتُهُمْ كَمَا فِي رِوَايَتِهِمْ عَنْ أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ مَثَلًا: غَسْلُ الأَرْجُلِ فِي الوُضُوءِ، وَتَحْرِيمُ المُتْعَةِ، وَتَفْضِيلُ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ عَلَى شَخْصِ وَمَنْزِلَةِ أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ، وَعَدَالَةُ الصَّحَابَةِ، وَعَدَمُ وُجُودِ خِلَافٍ بَيْنَ أَهْلِ البَيْتِ وَمُنَاوِئِيهِمْ وَمَا إِلَى ذَلِكَ مِنْ عَشَرَاتِ بَلْ مِئَاتِ الرِّوَايَاتِ وَالآثَارِ عَنْهُمْ (عَ) فِي الأَحْكَامِ وَالعَقَائِدِ، وَكَذَلِكَ الحَالُ بِالنِّسْبَةِ لِلرُّوَاةِ الشِّيعَةِ، وَلِذَلِكَ تَجِدُ هَؤُلَاءِ القَوْمَ يَرْوُونَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ الوَرَّاقِ هَذَا لِيَسْتَفِيدُوا مِنْ بَعْضِ مَا رَوَوْهُ عَنْهُ مِمَّا يَدْعَمُ مَذْهَبَهُمْ، وَفِي نَفْسِ الوَقْتِ وَضَعُوا عَلَيْهِ خَطًا أَحْمَرَ وَتَحْذِيرًا وَاضِحًا مِنْهُ لِيُضَعِّفُوهُ مَتَى مَا شَاؤُوا حِينَمَا يَرْوِي فَضَائِلَ أَهْلِ البَيْتِ (عَ)، فَرَمَوْهُ بِالتَّشَيُّعِ وَشَنَّعَ البَعْضُ عَلَيْهِ وَضَعَّفَهُ، فَهُمْ يَسْتَطِيعُونَ بِذَلِكَ الإِسْتِفَادَةَ مِمَّا يُرْوَى عَنْهُ حِينَمَا يَكُونُ فِي مَصْلَحَتِهِمْ وَفِي نَفْسِ الوَقْتِ رَدُّ مَا يَرْوِيهِ فِي فَضْلِ أَهْلِ البَيْتِ (عَ) مِمَّا لَا يَرُوقُ لَهُمْ لِكَوْنِهِمْ جَعَلُوهُ شِيعِيًّا غَالِيًا وَمُنْحَرِفًا كَمَا يَصِفُهُ الجَوْزَجَانِيُّ النَّاصِبِيُّ، وَهَكَذَا فَعَلُوا مَعَ كُلِّ الرُّوَاةِ الشِّيعَةِ المُتَّهَمِينَ عِنْدَهُمْ كَيْ يَسْتَفيدوا مِمَّا يَرْوِيهِ فِي مَصْلَحَتِهِمْ وَاحْتِيَاجِهِمْ، وَيَرُدُّوا رِوَايَاتِهِمْ حِينَمَا يَرْوِي مَا لَا يَرُوقُ لَهُمْ لِاحْتِيَاجِهِمْ لِلشِّيعَةِ فِي كُلِّ العُلُومِ، فَلَمْ يَسْتَغْنُوا عَنْهُمْ وَلَمْ يَرْفُضُوهُمْ بِالكُلِّيَّةِ وَلَكِنَّهُمْ جَعَلُوا لَهُمْ مَا يَأْمَنُونَ بِهِ مَعَهُ.

     2- هَذَا الإِسْمُ مُشْتَرَكٌ وَيُوجَدُ مَا يُقَارِبُ أَرْبَعَةً مِنَ الرُّوَاةِ عِنْدَنَا بِهَذَا الإِسْمِ، وَأَحَدُهُمْ فَقَطْ وَثَّقَهُ البَعْضُ وَثَلَاثَةٌ مَجَاهِيلُ، فَلَا يُمْكِنُ البَتُّ وَالتَّأَكُّدُ مِنْ كَوْنِ شَيْخِ البُخَارِيِّ هُوَ نَفْسَهُ الرَّاوِيَ الثِّقَةَ عِنْدَنَا، وَلِذَلِكَ لَا يَرِدُ إِشْكَالٌ فِي رِوَايَتِهِ تِلْكَ المُخَالِفَةِ ظَاهِرًا لِثَوَابِتِ المَذْهَبِ ، لِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ تُفَسَّرَ رِوَايَتُهُ عَلَى أَنَّ الصَّدَقَةَ الَّتِي يَتْرُكُهَا رَسُولُ اللهِ (ص) لَا تُوَرَّثُ، وَلَيْسَ كُلُّ مَا يَتْرُكُهُ رَسُولُ اللهِ (ص) لَا يُوَرَّثُ، وَالفَرْقُ بَيِّنٌ بَيْنَ الأَمْرَيْنِ.

     ثُمَّ مَنْ قَالَ بِأَنَّ هَذَا الرَّجُلَ مِنْ أَصْحَابِنَا فِعْلًا، فَالتَّوْثِيقُ شَيْءٌ وَكَوْنُهُ إِمَامِيًّا شَيْءٌ آخَرُ، وَلِذَلِكَ عَرَّفَ عُلَمَاؤُنَا الحَدِيثَ المُوَثَّقَ بِأَنَّهُ الَّذِي يَقَعُ فِي إِسْنَادِهِ رَجُلٌ مُخَالِفٌ مُوَثَّقٌ عَلَى الأَقَلِّ، بَلْ حَتَّى مَنْ يُقَالُ فِيهِ مِنْ أَصْحَابِ الإِمَامِ الصَّادِقِ أَو البَاقِرِ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ كَوْنُهُ إِمَامِيًّا، بَلْ هُوَ مُجَرَّدُ نَصٍّ عَلَى كَوْنِهِ قَدْ رَوَى عَنِ الإِمَامِ (عِ) فَيُطْلَقُ عَلَيْهِ مَنْ أَصْحَابِهِ وَإِنْ كَانَ مُخَالِفًا لِلإِمَامِ عَقَائِدِيًّا كَأَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ وَسُفْيَانَ ووو المُخَالِفِينَ، وَمَعَ ذَلِكَ وُصِفُوا بِأَنَّهُمْ مِنْ أَصْحَابِ الإِمَامِ الصَّادِقِ (ع).

     وَدُمْتُمْ سَالِمِينَ.