اسئلة القبر
ما هي الأمور التي سوف يسأل عنها الإنسان في القبر؟
الجواب :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
عقدَ مُحمّدٌ بنُ يعقوب الكُليني باباً في الكافي تحتَ عنوان (المسألةُ في القبرِ ومَن يُسألُ ومَن لا يُسأل) وأوردَ تحتَ هذا العنوانِ مجموعةً منَ الأحاديثِ التي تحصرُ عذابَ القبرِ ونعيمَه فيمَن محضَ الكُفرَ أو الإيمان، ومثالٌ لذلكَ عن أبي بكرٍ الحضرمي قالَ: قالَ أبو عبدِ الله (عليهِ السلام): لا يُسألُ في القبرِ إلّا مَن محضَ الإيمانَ محضاً أو محضَ الكُفرَ محضاً والآخرونَ يُلهونَ عنهم). وعن عبدِ اللهِ بنِ سنان، عن أبي عبدِ الله (عليهِ السلام) قالَ: إنّما يُسألُ في قبرِه مَن محضَ الإيمانَ محضاً والكُفرَ محضاً وأمّا ما سِوى ذلكَ فيُلهى عنهم). وعن منصورٍ بنِ يونس، عن ابنِ بكير، عن أبي جعفرٍ (عليهِ السلام) قاَل، إنّما يُسألُ في قبرِه مَن محضَ الإيمانَ محضاً والكُفرَ محضاً وأمّا ما سِوى ذلكَ فيُلهى عنه) (الكافي، ج ٣، ص٢٣٥)
وأوردَ العلّامةُ الحرُّ العاملي في كتابِه (الإيقاظُ منَ الهجعةِ بالبُرهانِ على الرّجعة) عن أبي جعفرٍ (عليهِ السلام) قالَ: لا يسألُ في القبرِ إلّا مَن محضَ الإيمانَ محضاً أو محضَ الكُفرَ محضاً، ولا يسألُ في الرجعةِ إلّا مَن محضَ الإيمانَ محضاً أو محضَ الكُفرَ محضاً، قلتُ: فسائرُ الناس؟ قالَ: يُلهى عنه) (ج1، ص 254)
وقد أكّدَ الشيخُ المُفيدُ ذلكَ في أجوبتِه على المسائلِ السرويّة، وقد نقلَها عنه العلّامةُ المجلسيّ في بحارِه حيثُ قالَ: وقالَ الشيخُ المُفيدُ رحمَه الله في أجوبةِ المسائلِ السروية حيثُ سُئلَ: ما قولهُ أدامَ اللهُ تأييدَه في عذابِ القبرِ وكيفيّتِه؟ ومتى يكون؟ وهل تردُّ الأرواحُ إلى الأجسادِ عندَ التعذيبِ أم لا؟ وهل يكونُ العذابُ في القبرِ أو يكونُ بينَ النفختين؟ الجوابُ:
الكلامُ في عذابِ القبرِ طريقُه السمعُ دونَ العقل.
وقد وردَ عن أئمّةِ الهُدى عليهم السلام أنّهم قالوا: ليسَ يُعذّبُ في القبرِ كلُّ ميّتٍ، وإنّما يُعذّبُ مِن جُملتِهم مَن محضَ الكُفرَ محضاً، ولا يُنعّمُ كلُّ ماضٍ لسبيلِه، وإنّما يُنعّمُ مِنهم مَن محضَ الإيمانَ محضاً، فأمّا ما سوى هذينِ الصّنفينِ فإنّه يُلهى عنهم، وكذلكَ رويَ أنّه لا يُسألُ في قبرِه إلّا هذانِ الصّنفانِ خاصّةً، فعلى ما جاءَ به الأثرُ مِن ذلكَ يكونُ الحكمُ ما ذكرناه..) (بحارُ الأنوار، ج6، ص 272)
وقد وافقَ العلّامةُ المجلسي الشيخَ المُفيدَ بقولِه: (اعلَم أنَّ الذي ظهرَ منَ الآياتِ الكثيرةِ والأخبارِ المُستفيضةِ والبراهينِ القاطعةِ هوَ أنَّ النفسَ باقيةٌ بعدَ الموت، إمّا مُعذّبةٌ إن كانَ ممَّن محضَ الكُفرَ، أو مُنعّمةٌ إن كانَ ممَّن محضَ الإيمان، أو يُلهى عنهُ إن كانَ منَ المُستضعفينَ، ويُردُّ إليهِ الحياةُ في القبرِ إمّا كامِلاً أو إلى بعضِ بدنِه كما مرَّ في بعضِ الأخبار، ويسألُ بعضُهم عن بعضِ العقائدِ وبعضِ الأعمال، ويثابُ ويعاقبُ بحسبِ ذلك، وتضغطُ أجسادُ بعضِهم، وإنّما السؤالُ والضغطةُ في الأجسادِ الأصليّة، وقد يرتفعانِ عن بعضِ المؤمنينَ كمَن لُقَّن كما سيأتي، أو ماتَ في ليلةِ الجُمعةِ أو يومِها أو غيرِ ذلكَ ممّا مرَّ وسيأتي في تضاعيفِ أخبار..)
وبناءً على ذلكَ فإنَّ السؤالَ والعذابَ والنعيمَ في القبرِ خاصٌّ بمَن محضَ الإيمانَ أو محضَ الكُفرَ ولا يشملُ جميعَ الموتى، وبحسبِ الرواياتِ فإنَّ اللهَ يُرسلُ مَلكين لمَن تقعُ عليهِ مسألةُ القبر، يسألانِه عن ربِّه الذي كانَ يعبدُه، ودينِه الذي كانَ يدينُ به، ونبيّه الذي أُرسلَ إليه، وكتابِه الذي كانَ يتلوه، وإمامِه الذي كانَ يتولّاه، وعن صلاتِه وزكاتِه وصومِه وحجِّه، فإن أجابَ بالحقِّ استقبلَته الملائكةُ بالرّوحِ والريحان، وبشّرَته بالجنّةِ والرضوان ِوفسحَت لهُ في قبرِه مدَّ البصر، وإن تردّدَ في الكلامِ وعجزَ عن إحكامِ الجوابِ، أو أجابَ بغيرِ الحقّ، أو لم يدرِ ما يقول، استقبلَته الملائكةُ وبشّرَته بالنار.
وعليهِ فإنَّ المُساءلةَ في القبرِ وما يتّبعُها منَ النعيمِ أو العذابِ، منَ الحقائقِ القطعيّةِ التي لا يجوزُ التشكيكُ فيها، فعن الإمامِ الصّادقِ عليهِ السلام قال: (مَن أنكرَ ثلاثةَ أشياء فليسَ مِن شيعتنا، المعراجُ، والمسألةُ في القبرِ، والشفاعة) (مُستدركُ الوسائِل، ج6، ص223)
وعن الإمامِ الباقرِ عن أبيهِ عليهم السّلام قالَ: (إذا ماتَ المؤمنُ شيّعَه سبعونَ ألفَ ملكٍ إلى قبرِه، فإذا أُدخلَ قبرَه أتاهُ مُنكَرٌ ونَكِيرٌ، فيُقعدانِه ويقولانِ له: مَن ربُّك؟ وما دينُك؟ ومَن نبيُّك؟ فيقولُ: ربّيَ اللهُ ومحمّدٌ نبيّي والإسلامُ ديني، فيفسحانِ لهُ في قبرِه مدَّ بصرِه. ثمَّ قالَ عليهِ السلام: إذا ماتَ الكافرُ شيّعَه سبعونَ ألفاً منَ الزّبانيةِ إلى قبرِه، وإنّه ليناشدُ حامليهِ بصوتٍ يسمعُه كلُّ شيءٍ إلّا الثّقلان، فإذا أُدخلَ قبرَه وفارقَه النَّاسُ أتاهُ مُنكرٌ ونكيرٌ في أهولِ صورة؛ فيقيمانِه، ثمّ يقولانِ له: مَن ربُّك؟ وما دينُك؟ ومَن نبيُّك؟ فيتلجلجُ لسانُه، ولا يقدرُ على الجواب، فيضربانِه ضربةً مِن عذابِ الله، يذعرُ لها كلُّ شيءٍ) (بحارُ الأنوار، ج6، ص222)
وعن الإمامِ الصّادقِ عليهِ السلام قالَ: (يُسألُ الميّتُ في قبرِه عن خمسٍ: عن صلاتِه وزكاتِه وحجِّه وصيامِه وولايتِه إيّانا أهلَ البيت، فتقولُ الولايةُ مِن جانبِ القبرِ للأربع: ما دخلَ فيكنَّ مَن نقصٍ فعليَّ تمامُه) (الكافي، ج3، ص241)
اترك تعليق