ما مصير الطفل والمجنون في يوم القيامة ؟

الجواب :

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:

منَ المعلومِ أنَّ مصيرَ الإنسانِ يومَ القيامةِ مُردّدٌ بينَ دخولِ الجنّةِ أو النار، ولا يكونُ ذلكَ ترجيحاً بلا مُرجّح، فالمؤمنُ يكونُ إيمانُه سبباً لدخولِ الجنّة، والكافرُ يكونُ كُفرُه سبباً لدخولِ النار، والحالُ نفسُه بالنسبةِ لمَن ماتَ طفلاً فهوَ لا يدخلُ الجنّةَ أو النارَ مِن دونِ أن يكونَ هناكَ مُرجّحٌ لأحدِهما، وهذا ما أشارَت إليهِ رواياتُ أهلِ البيت (عليهم السلام) وهوَ أنَّ اللهَ سيمتحنُ مَن سقطَ عنه التكليفُ في الدّنيا كالطفلِ والمجنونِ والأبلهِ بعدَ موتِهم، فمَن نجحَ مِنهم دخلَ الجنّةَ ومَن لم ينجَح دخلَ النار.

ويدلُّ على ذلكَ جملةٌ منَ الأخبار. مِنها ما رواهُ الصدوقُ في الخصالِ عن زرارةَ عن أبي جعفرٍ عليهِ السّلام‌ قالَ: (إذا كانَ يومُ القيامةِ احتجَّ اللّهُ عزَّ وجل على خمسةٍ، على الطفلِ والذي ماتَ بينَ ‌النبيّينَ أي في زمانِ الفترةِ وغلبةِ الجورِ وخفاءِ الحُجّةِ والحق، والذي أدركَ النبيَّ صلّى اللّهُ عليهِ وآله وسلّم ‌وهوَ لا يعقِل، والأبلهُ، والمجنونُ الذي لا يعقِل، والأصمُّ والأبكم، فكلُّ واحدٍ مِنهم‌ يحتجُّ على اللّهِ عزَّ وجل. قالَ فيبعثُ اللّهُ إليهم رسولاً، فيؤجّجُ لهُم ناراً، فيقولُ لهُم ربّكم ‌يأمرُكم أن تثبوا فيها، فمَن وثبَ فيها كانَت عليهِ برداً وسلاماً، ومَن عصى سيقَ إلى النار)

وفي الكافي ومعاني الأخبارِ عن زُرارةَ قالَ سألتُ أبا جعفرٍ عليهِ السلام هل سُئل‌َ رسولُ اللّهِ صلّى اللّهُ عليهِ وآله وسلّم عن الأطفالِ، فقالَ قد سُئلَ فقالَ اللّهُ أعلمُ بما كانوا عاملين.

ثمَّ قالَ يا زُرارة هل تدري ما قولهُ اللّهُ أعلمُ بما كانوا عاملين، قالَ لا، قالَ اللّهُ عزَّ وجل فيهم المشيئة إنّه إذا كانَ يومُ القيامةِ وأُتيَ بالأطفالِ والشيخِ الكبيرِ الذي قد أدركَ النبيَّ صلّى اللّهُ عليهِ وآله وسلّم ولم يعقِل ‌منَ الكبرِ والخرفِ، والذي ماتَ في الفترةِ بينَ النبيّين، والمجنونِ والأبلهِ الذي لا يعقِل، فكلُّ واحدٍ يحتجُّ على اللهِ عزَّ وجل، فيبعثُ اللهُ تعالى إليهم ملكاً منَ الملائكةِ ويؤجّجُ ناراً ويقولُ إنَّ ربّكم يأمرُكم أن تثِبوا فيها، فمَن وثبَ فيها كانَت عليهِ برداً وسلاماً، ومَن عصاهُ‌ سيقَ إلى النار)

وفي الكافي عن أبي عبدِ اللّهِ عليهِ السلام أنّه سُئلَ عمَّن ماتَ في‌ الفترة، وعمَّن لم يُدرِك الحنثَ، والمعتوه. فقالَ يحتجُّ اللّهُ عليهم يرفعُ لهُم ناراً فيقولُ لهم ‌أدخلوها، فمَن دخلَها كانَت عليهِ برداً وسلاماً، ومَن أبى قالَ ها أنتم قد أمرتُكم فعصيتموني.

وروى أيضاً عن العدّةِ عن سهلٍ رفعَه أنّه سُئلَ عن الأطفال، فقالَ: إذا كانَ يومُ القيامةِ جمعَهم اللّهُ وأجّجَ ناراً وأمرَهم أن يطرحوا أنفسَهم فيها، فمَن كانَ في علمِ اللّهِ عزَّ وجل أنّه‌ سعيدٌ رمى نفسَه فيها وكانَت عليهِ برداً وسلاماً، ومَن كانَ في علمِه أنّه شقيٌّ امتنع، فيأمرُ اللّهُ ‌تعالى بهِم إلى النارِ، فيقولونَ يا ربّنا تأمرُ بِنا إلى النّارِ ولم يجرِ علينا القلم، فيقولُ الجبّارُ قد أمرتُكم مُشافهةً فلم تُطيعوني فكيفَ لو أرسلتُ رُسلي بالغيبِ إليكم.

والأخبارُ بهذا المضمونِ كثيرةٌ وكلُّها دالّةٌ على أنَّ اللهَ لا يُدخلُ الأطفالَ الجنّةَ أو النارَ عبثاً وإنّما هناكَ امتحانٌ يُقدّرُه اللهُ تعالى بالشكلِ الذي لا يكونُ معهُ ظُلمٌ على أحد، وبذلكَ ينتفي الإشكالُ منَ الأساس، فمَن نجحَ منَ الأطفالِ في ذلكَ الامتحانِ دخلَ الجنّةَ ومَن لم ينجَح دخلَ النار.