29

"السلام عليكم كيف نثبت إن القرآن الكريم منزل من عند الله عز وجل على رسولنا محمد (صلى الله عليه و على آله و سلم )"

الجوابُ: 

أشَرنا في إجابةٍ سابقةٍ إلى أنَّ نسبةَ القرآنِ للهِ تعالى موقوفٌ على نفي نسبتِه إلى غيرِه، فالأمرُ يدورُ بينَ أن يكونَ القرآنُ نازلاً مِن عندِ الله أو أن يكونَ مِن صُنعِ الإنسان، وعليهِ ينحصرُ البحثُ في إمكانيّةِ مُجاراةِ الإنسانِ للقُرآنِ وقُدرتِه على الإتيانِ بمثلِه، وقد استخدمَ القرآنُ نفسَ هذهِ الطريقةِ عندَما تحدّاهم بأن يأتوا بمثلِ هذا القرآن، فكانَ التحدّي هوَ الذي يقطعُ الريبةَ ويزيلُ الشكوك، فبعجزِهم عن ذلكَ تتمُّ النسبةُ ويتحقّقُ المطلوب، قالَ تعالى: (أَم يَقُولُونَ افتَرَاهُ قُل فَأتُوا بِسُورَةٍ مِثلِهِ وَادعُوا مَنِ استَطَعتُم مِن دُونِ اللَّهِ إِن كُنتُم صَادِقِينَ). وقالَ: (أَم يَقُولُونَ افتَرَاهُ قُل فَأتُوا بِعَشرِ سُوَرٍ مِثلِهِ مُفتَرَيَاتٍ وَادعُوا مَنِ استَطَعتُم مِن دُونِ اللَّهِ إِن كُنتُم صَادِقِينَ). وقالَ (قُل لَئِن اجتمعت الإنس والجنّ على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون) وغيرُها منَ الآياتِ التي تُثبِتُ وقوعَ التحدّي كما أثبتَ التاريخُ والواقعُ عجزَ الإنسانِ عَن مُعارضةِ القرآنِ والإتيانِ بمثلِه وسوفَ يستمرُّ عجزُ البشرِ إلى قيامِ الساعة.

أمّا الأدلّةُ التي تثبتُ تفوّقَ القرآنِ على قُدراتِ البشرِ فكثيرةٌ، وهناكَ كتبٌ ودراساتٌ استعرضَت بشكلٍ مُفصّلٍ مُميّزاتِ القرآن وما تفرّدَ بهِ بحيثُ يستحيلُ على البشرِ مُجاراتُه، وهُنا نوردُ بعضَ النقاطِ بشكلٍ عامٍّ وعابر.

• إنَّ كلَّ الكتبِ التي وضعَتها البشريّةُ لا تخلو منَ الخطأِ والاشتباهِ والسهوِ والنسيان، أمّا كتابُ اللهِ تعالى فإنّه مِن أوّلِه إلى آخرِه ليسَ فيهِ أيُّ نوعٍ منَ الاختلافِ أو الخطأ؛ ممّا يدلُّ على أنّه ليسَ مِن كلامِ البشر قالَ تعالى: (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ القُرآنَ وَلَو كَانَ مِن عِندِ غَيرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اختِلَافًا كَثِيرًا)، وقالَ أيضًا: (لَا يَأتِيهِ البَاطِلُ مِن بَينِ يَدَيهِ وَلَا مِن خَلفِهِ تَنزِيلٌ مِن حَكِيمٍ حَمِيدٍ).

• قدرةُ البشرِ على التعبيرِ وإيصالِ المعاني والمفاهيمِ محدودةٌ، ولذا لم نجِد في طولِ التاريخِ كتاباً أُحكمَت كلماتُه وتناسقَت عباراتُه كما هوَ الحالُ في القرآنِ الكريم، فقد بلغَ القرآنُ الغايةَ في البلاغةِ مِن أوّلِه إلى آخرِه بلا تفاوتٍ، حتّى في ذكرِه للأحكامِ والحدود؛ ممّا يدلُّ على أنّه ليسَ بكلامِ البشر.

• الإعجازُ الباهرُ الذي اشتملَ عليهِ القرآنُ في أمرِ التشريع، حيثُ اشتملَ على كلِّ القيمِ والمبادئِ العُليا التي تحتاجُ إليها البشريّةُ في كلِّ شؤونِ حياتِها، في حينِ لا تجدُ قانونًا مِن وضعِ البشرِ بهذا الإحكامِ وهذهِ العنايةِ والرّعاية. 

• إخبارُ القرآنِ بأمورٍ غيبيّةٍ لا يمكنُ للعقلِ أن يستقلَّ بإدراكِها، ثمَّ أتى العلمُ الحديثُ بإثباتِها على الوجهِ الذي حكاهُ القرآن، وهناكَ بحوثٌ مُتعدّدةٌ تناولَت جانبَ الإعجازِ العِلمي في القرآنِ الكريم.

• ما ذكرَه القرآنُ مِن أمورٍ مُستقبليّةٍ غيبيّةٍ ثمَّ تحقّقَت على الوجهِ الذي ذكرَه القرآن، الأمرُ الذي يُؤكّدُ على أنّهُ منَ اللهِ تعالى.

وللوقوفِ مُفصّلاً على مثلِ هذهِ الأدلّةِ يمكنُ مراجعةُ ما ذكرَه العلّامةُ (رحمةُ اللهِ الهندي) الذي أوردَ إثني عشرَ وجهًا عقليّاً في كونِ القرآنِ كلامَ اللهِ تعالى حقّاً وصِدقاً، وذلكَ في الفصلِ الأوّلِ منَ البابِ الخامسِ مِن كتابِه إظهارُ الحقّ، على هذا الرّابط:

http://www.waqfeya.com/book.php?bid=2467