من هم الزيدية؟

هل يمكننا الحصول على مزيد من المعلومات عن الزيدية؟

: الشيخ عباس الجشعمي

الجوابُ:

أخي السّائلُ الكريم، إنَّ الزيديّةَ فرقةٌ مِن فرقِ الشيعة، سُمّيَت بهذا الاسمِ نسبةً إلى زيدٍ الشهيد رحمَهُ الله وهوَ زيدُ بنُ عليّ بنِ الحُسين بنِ عليّ بنِ أبي طالب عليهم السلام، الذي ثارَ في أيّامِ هشامِ بنِ عبدِ الملك وقتلَهُ هشامٌ ما بينَ سنة 121 ه‍ - 122هـ.

وتعتقدُ الزيديّةُ أنَّ الإمامَ المُفترضَ الطاعةِ هوَ مَن كانَ مِن ولدِ الإمامِ الحسن أو الإمامِ الحُسين عليهما السلام ودعا الناسَ إلى نفسِه.

قالَ القاضي نعمان: قالوا -أي الزيديّة- وكانَ عليٌّ إماماً حينَ دعا الناسَ إلى نفسِه، ثمَّ الحسنُ والحُسين، ثمَّ زينُ العابدين، ثمَّ زيدُ بنُ علي، ثمَّ يحيى بنُ زيد، ثمَّ عيسى بنُ زيد، ثمَّ محمّدُ بنُ عبدِ الله بنِ الحسن [ بنِ الحسنِ بنِ عليٍّ ] بنِ أبي طالب. فهؤلاءِ عندَهم أئمّةٌ قاموا، ودَعَوا الناسَ إلى أنفسِهم.

قالوا: وكلُّ مَن قامَ مِن ولدِ الحسنِ أو ولدِ الحُسين دونَ سائرِ الناسِ فهوَ إمامُ حقٍّ وجائزٌ له أن يخرجَ ويقومَ ويدعو إلى نفسِه، ويدّعي الإمامةَ. شرحُ الأخبارِ - القاضي النعمانُ المغربي –بتصرّف- (3/ 91)

ومنشأ ظهورِ هذهِ الفرقِ يعودُ إلى مسائلَ سياسيّةٍ ودنيويّة. فإنَّ زيدَ بنَ عليٍّ (عليهِ السلام) لمّا قامَ كانَ قيامهُ مأذوناً به شرعاً بحسبِ النصوصِ التي سأنقلها لكم، وكانَ هدفهُ إعطاءُ الإمامةِ إلى أهلِها، لكن لمّا استشهدَ حرّفوا أصلَ الواقعةِ ونسبوا إلى زيدٍ أشياءَ هوَ بريءٌ منها.

روى الكلينيُّ عن عليٍّ بنِ إبراهيم ، عن أبيه ، عن صفوانَ بنِ يحيى ، عن عيص بنِ القاسم قالَ : سمعتُ أبا عبدِ الله ( عليهِ السلام ) يقول : عليكُم بتقوى اللهِ وحدَهُ لا شريكَ له وانظروا لأنفسِكم فواللهِ إنَّ الرجلَ ليكونَ له الغنمُ فيها الرّاعي فإذا وجدَ رجلاً هوَ أعلمُ بغنمِه منَ الذي هوَ فيها يخرجُه ويجيئ ، بذلكَ الرّجلِ الذي هوَ أعلمُ بغنمِه منَ الذي كانَ فيها واللهِ لو كانَت لأحدِكم نفسانِ يقاتلُ بواحدةٍ يجرّبُ بها ثمَّ كانَت الأخرى باقيةً فعملَ على ما قد استبانَ لها ولكن له نفسٌ واحدةٌ إذا ذهبَت ، فقد واللهِ ذهبَت التوبةُ فأنتُم أحقُّ أن تختاروا لأنفسِكم ، إن أتاكم آتٍ منّا ( 1 ) فانظروا على أيّ شيءٍ تخرجون ولا تقولوا خرجَ زيدٌ فإنَّ زيداً كانَ عالماً وكانَ صدوقاً ولم يدعُكم إلى نفسِه إنّما دعاكم إلى الرّضا مِن آلِ محمّد ( عليهم السلام ) ولو ظهرَ لوفى بما دعاكُم إليه إنّما خرجَ إلى سلطانٍ مُجتمعٍ لينقضَهُ فالخارجُ منّا اليوم إلى أيّ شيءٍ يدعوكم إلى الرّضا مِن آلِ محمّد ( عليهم السلام ) فنحنُ نشهدُكم أنّا لسنا نرضى به وهوَ يعصينا اليوم وليسَ معه أحدٌ وهوَ إذا كانَت الراياتُ والألويةُ أجدرُ أن لا يسمعَ منّا إلّا معَ مَن اجتمعَت بنو فاطمةَ معه فواللهِ ما صاحبُكم إلّا مَن اجتمعوا عليه ، إذا كانَ رجبٌ فأقبلوا على اسمِ اللهِ عزَّ وجل وإن أحببتُم أن تتأخّروا إلى شعبان فلا ضير ( 2 ) وإن أحبَبتُم أن تصوموا في أهاليكم فلعلَّ ذلكَ أن يكونَ أقوى لكُم وكفاكُم بالسفيانيّ علامةً . ( الكافي للكُليني: 8 / 264 ).

قالَ الصّدوقُ رحمَه الله: حدّثنا محمّدُ بنُ الحسنِ بنِ أحمد بنِ الوليد رضيَ اللهُ عنه قالَ: حدّثنا محمّدُ بنُ الحسنِ الصفّار عن أحمدَ بنِ أبي عبدِ الله البُرقي عَن أبيه عن محمّدِ بنِ الحسنِ بنِ شمون عن عبدِ الله بنِ سنان عن الفُضيلِ بنِ يسار قالَ: انتهيتُ إلى زيدِ بنِ عليٍّ بنِ الحُسين عليهِ السلام صبيحةَ يوم خرجَ بالكوفة فسمعتُه يقول: مَن يُعينني مِنكم على قتالِ أنباطِ أهلِ الشام؟ فو الذي بعثَ محمّداً بالحقِّ بشيراً ونذيراً لا يُعينني مِنكم على قتالِهم أحدٌ إلّا أخذتُ بيدِه يومَ القيامةِ فادخلتُه الجنّةَ بإذنِ الله عزَّ وجل فلمّا قُتلَ اكتريتُ راحلةً وتوجّهتُ نحوَ المدينةِ فدخلتُ على أبي عبدِ الله عليهِ السلام فقلتُ في نفسي: واللهِ لأخبرنّهُ بقتلِ زيدِ بنِ عليّ فيجزعُ عليهِ فلمّا دخلتُ عليه قالَ: ما فعلَ عمّي زيدٌ؟ فخنقَتني العبرةُ فقالَ: قتلوه؟ قلتُ: أي واللهِ قتلوه قالَ: فصلبوه؟ قلتُ: أي واللهِ فصلبوه قالَ: فاقبلَ يبكي دموعُه تنحدرُ عن جانبيّ خدِّه كأنّها الجمانُ ثمَّ قالَ: يا فُضيل شهدتَ معَ عمّي زيدٍ قتالَ أهلِ الشام؟ قلتُ: نعَم، فقالَ: فكم قتلتَ مِنهم؟ قلتُ: ستّةٌ قالَ: فلعلّكَ شاكٌّ في دمائِهم قلت: لو كنتُ شاكّاً ما قتلتُهم فسمعتُه وهوَ يقول: أشركَني اللهُ في تلكَ الدماءِ ما مضى واللهِ زيدٌ عمّي وأصحابُه إلّا شهداء مثلَ ما مضى عليهِ عليّ بنُ أبي طالب عليهِ السلام وأصحابه. عيونُ أخبارِ الرّضا (ع) - الشيخُ الصّدوق (2/ 255).

ودمتَ في رعايةِ الله. "