ماالذي يميزالامام المهدي عجل الله فرجه عن سائر الحجج المعصومين ولم اصطفاه الله
يمتازُ الإمامُ المهديّ المُنتظرُ الموعودُ عليهِ السلام، بأنّه الإمامُ الذي سيتمُّ على يديهِ إقامةُ دولةِ العدلِ الإلهيّ، التي سيعمُّ الخيرُ فيها ربوعَ الأرض، وسينتشرُ العدلُ مثلما انتشرَ الجورُ في جميعِ المعمورة.
روى الكُلينيّ رحمَهُ الله عن أحمدَ بنِ إدريس، عن محمّدِ بنِ أحمد، عن جعفر بنِ القاسم، عن محمّد بنِ الوليدِ الخزّاز، عن الوليدِ بنِ عُقبة، عن الحارثِ بنِ زياد، عن شعيبٍ، عن أبي حمزةَ قالَ دخلتُ على أبي عبدِ الله عليهِ السلام فقلتُ له: أنتَ صاحبُ هذا الأمر؟ فقال: لا، فقلتُ: فولدُك؟ فقالَ: لا، فقلتُ: فولدُ ولدِك هو؟ قالَ: لا، فقلتُ: فولدُ ولدِ ولدِك؟ فقالَ: لا، قلتُ: مَن هو؟ قالَ: الذي يملأها عدلاً كما مُلئَت ظلماً وجوراً، على فترةٍ منَ الأئمّة، كما أنَّ رسولَ الله صلّى اللهُ عليه وآله بُعِثَ على فترةٍ منَ الرّسل. الكافي للكُليني (1/ 503).
وهنالكَ جملةٌ منَ الرواياتِ مفادُها أنَّ الإمامَ المهديّ المُنتظرَ صلواتُ اللهِ عليه، أفضلُ مِن باقي أئمّةِ الهُدى عليهمُ السلام، سوى الامامِ أميرِ المؤمنينَ والحسنينِ عليهم السلام.
قالَ النعمانيّ رحمَهُ الله: أخبرَنا محمّدُ بنُ همام، قالَ: حدّثنا أبي ; وعبدُ الله بنُ جعفر الحِميري، قالا: حدّثنا أحمدُ بنِ هلال، قالَ حدّثني محمّدُ بنُ أبي عُمير سنةَ أربعٍ ومائتين، قالَ: حدّثني سعيدُ بنُ غزوان، عن أبي بصيرٍ، عن أبي عبدِ الله، عن آبائِه (عليهم السلام) قالَ: " قالَ رسولُ الله (صلّى اللهُ عليهِ وآله): إنَّ اللهَ عزَّ وجل اختارَ مِن كلِّ شيءٍ شيئاً [اختارَ مِنَ الأرضِ مكّة، واختارَ مِن مكّةَ المسجد، واختارَ منَ المسجدِ الموضعَ الذي فيهِ الكعبة ; واختارَ منَ الأنعامِ إناثَها ومنَ الغنمِ الضأن و] اختارَ منَ الأيّامِ يومَ الجُمعة، واختارَ منَ الشهورِ شهرَ رمضان، ومنَ الليالي ليلةَ القدر، واختارَ منَ الناسِ بني هاشم، واختارَني وعليّاً مِن بني هاشم، واختارَ مِنّي ومِن عليٍّ الحسن والحُسين ويكملُه اثني عشرَ إماما مِن ولدِ الحُسين، تاسعُهم باطنُهم وهوَ ظاهرُهم وهوَ أفضلُهم وهوُ قائمُهم. الغيبةُ النّعماني (7/ 13).
وهناكَ أخبارٌ قد يُفهَمُ مِنها أن لا تفاضلَ بينَ الأئمةِ (عليهم السلام) بل هُم جميعاً بمرتبةٍ واحدةٍ وفي الفضلِ سواء.
فقد روى العلّامةُ المجلسيُّ رحمَه اللهُ عَن زَيدٍ الشَّحَّامِ قَالَ قُلتُ لِأَبِي عَبدِ اللَّهِ ع أَيُّمَا أَفضَلُ الحَسَنُ أَمِ الحُسَينُ فَقَالَ إِنَّ فَضلَ أَوَّلِنَا يَلحَقُ بِفَضلِ آخِرِنَا وَ فَضلَ آخِرِنَا يَلحَقُ بِفَضلِ أَوَّلِنَا وَ كلٌّ لهُ فَضلٌ ، قَالَ قُلتُ لَهُ جُعِلتُ فِدَاكَ وَسِّع عَلَيَّ فِي الجَوَابِ فَإِنِّي وَ اللَّهِ مَا سَأَلتُكَ إِلَّا مُرتَاداً فَقَالَ نَحنُ مِن شَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ بَرَأَنَا اللَّهُ مِن طِينَةٍ وَاحِدَةٍ فَضلُنَا مِنَ اللَّهِ وَ عِلمُنَا مِن عِندِ اللَّهِ وَ نَحنُ أُمَنَاؤُهُ عَلَى خَلقِهِ وَ الدُّعَاةُ إِلَى دِينِهِ وَ الْحُجَّابُ فِيمَا بَينَهُ وَ بَينَ خَلقِهِ أَزِيدُكَ يَا زَيدُ قُلتُ نَعَم فَقَالَ خَلقُنَا وَاحِدٌ وَ عِلمُنَا وَاحِدٌ وَ فَضلُنَا وَاحِدٌ وَ كُلُّنَا وَاحِدٌ عِندَ اللَّهِ تَعَالَى فَقَالَ أَخبِرنِي بِعِدَّتِكُم فَقَالَ نَحنُ اثنَا عَشَرَ هَكَذَا حَولَ عَرشِ رَبِّنَا عَزَّ وَ جَلَّ فِي مُبتَدَإِ خَلقِنَا أَوَّلُنَا مُحَمَّدٌ وَ أَوسَطُنَا مُحَمَّدٌ وَ آخِرُنَا مُحَمَّدٌ. بحارُ الأنوار مشكل (114/ 85).
وروى الطوسيّ رحمَه الله عن رسولِ الله صلّى اللهُ عليهِ وآله ( اختارَني مِن أهلِ بيتي، و اختارَ عليّاً و الحسنَ و الحُسين و أختارَكِ، فأنا سيّدُ ولدِ آدم، و عليٌّ سيّدُ العرب، و أنتِ سيّدةُ النساء، و الحسنُ و الحُسين سيّدا شبابِ أهلِ الجنّة، و مِن ذُرّيّتِكما المهديّ، يملأ اللهُ (عزَّ و جلّ ) به الأرضَ عدلاً كما مُلئَت مِن قبلِه جوراً. الأمالي للطوسي (2/ 193).
وكيفَما كان، فلا شكَّ أنَّ الإمامَ المهديّ الموعود عليهِ وعلى آبائِه الأطهار آلافُ التحيّةِ والسلام، يتمتّعُ بصفاتٍ فريدة، لأنّه المُدّخَرُ لإقامةِ دولةِ العدل، ولا شكَّ في أنَّ مَن كانَت هذهِ مُهمّتُه سيتمتّعُ بصفاتٍ خاصّةٍ قد لا توجدُ عند غيرِه.
أمّا بالنسبةِ إلى الشقِّ الآخرِ مِن سؤالِكم وهوَ (ولمَ اصطفاهُ الله)؟
فجوابُه: إنَّ اصطفاءَ اللهِ لبعضِ عبادِه، وايكالَهم بعضَ المهامِّ دونَ مِن سواهم، راجعٌ إلى حكمتِه تباركَ وتعالى، ولا شكَّ أيضاً في دخالةِ ما تمتّعَ به هؤلاءِ المُصطفونَ منَ الصّفاتِ والمميّزات التي لا تتوفّرُ عندَ غيرِهم في اختيارِهم واصطفائِهم دونَ غيرهم.
قالَ تباركَ وتعالى: (اللَّهُ يَصطَفِي مِنَ المَلائِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ).(الحج:76).
قالَ تعالى: (وَقَالَ لَهُم نَبِيُّهُم إِنَّ اللَّهَ قَد بَعَثَ لَكُم طَالُوتَ مَلِكًا قَالُوَا أَنَّى يَكُونُ لَهُ المُلكُ عَلَينَا وَنَحنُ أَحَقُّ بِالمُلكِ مِنهُ وَلَم يُؤْتَ سَعَةً مِّنَ المَالِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصطَفَاهُ عَلَيكُم وَزَادَهُ بَسطَةً فِي العِلمِ وَالجِسمِ وَاللَّهُ يُؤتِي مُلكَهُ مَن يَشَاء وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ). (البقرةُ:248).
وهُنا الآيةُ المُباركةُ تُصرّحُ بأنَّ اختيارَ اللهِ تعالى لطالوتَ قائداً على بني إسرائيل كان لأجلِ ما تمتّع به هذا الرجلُ منَ الكمالِ الروحيّ والبدني.
ودمتَ في حفظِ اللهِ وحُسنِ رعايتِه تعالى.
اترك تعليق