عقوبة الصلب
يخبرُ القرآنُ أنَّ فرعون الذي حكمَ مِصر في زمنِ الفراعنة قالَ: "لأُقَطِّعَنَّ أَيدِيَكُم وَأَرجُلَكُم مِّن خِلاَفٍ ثُمَّ لأُصَلِّبَنَّكُم أَجمَعِينَ." (الأعراف 7: 124 _ الشعراء 26: 49) في حينِ أنَّ الدلائلَ التاريخيّةَ تؤكّدُ أنَّ أوّلَ مَن اخترعَ عقوبةَ الصلبِ وقامَ بها هُم الرومانُ القُدماء قبلَ 700 عام مِن وجودِ المسيحِ أي بعدَ اندثارِ الفراعنةِ بمئاتِ السنين!! وأنَّ الفراعنةَ لم يكونوا قد عرفوا أو استخدموا الصلبَ قط.
الجواب:
أوّلاً: ليسَ مُسلّماً أنّ الرّومانَ هُم مَن اخترعَ عقوبةَ الصّلب، فالكثيرُ منَ المؤرّخينَ يُرجّحونَ أنَّ الصّلبَ بدأ في بلادِ فارِس، حيثُ يروي المؤرّخُ اليونانيّ هيرودوتس (484-425 ق. م.) صلبَ ثلاثةِ آلافِ بابليّ مِن قِبلِ داريوس الأوّل (522-486 ق. م.) ملكِ فارس. مِن هناكَ، تعرّفَ عليهِ الإغريق، فاستعملهُ الإسكندرُ المَقدونيُّ الكبير (356-323 ق. م.) ضدَّ الناجينَ مِن حصارِ صُور في لبنان. ثمَّ اعتمدَه القرطاجيّون، ومِن بعدِ ذلكَ نقلهُ الرّومانيّونَ عنهم.
ثانياً: إذا سلّمنا بوجودِ بحثٍ تاريخيّ يؤكّدُ بأنَّ الرّومانَ هُم أوّلُ مَن بدأ الصّلبَ، فإنَّ ذلكَ لا يعني أنَّ البشريّةَ لم تكُن تعرفُ الصّلبَ قبلَ الرّومان، فكلُّ ما يمكنُ أن يدّعيه هذا البحثُ إن وُجدَ هوَ عدمُ وجودِ وثائقَ تاريخيّةٍ تُؤكّدُ وجودَ الصّلبِ قبلَ الرّومان، وهذا ليسَ كافياً لنفي وجودِ الصلبِ بالمُطلقِ قبلَ الرّومان.
ثالثاً: لا تحتاجُ البشريّةُ لمعرفةِ القتلِ عن طريقِ الصّلبِ لاختراعِ الحضارةِ الرّومانيّة، فالكوامنُ الشريرةُ في الإنسان تقودُه إلى فنونٍ مُتعدّدةٍ للقتل.
اترك تعليق