كيف يعبر القرآن عن الله بأحسن الخالقين في حين أنه لا خالق إلا هو سبحانه وتعالى؟!

يقولُ اللهُ عزّ وجل في الآية (14) مِن سورةِ المؤمنون: {فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحسَنُ الخَالِقِينَ}، فكيفَ عبّرَت الآيةُ عن اللهِ بأنّه أحسنُ الخالقين في حينِ أنّه لا خالقَ إلّا هوَ سُبحانَه وتعالى؟!

: الشيخ علي محمد عساكر

الجواب:

لا شكَّ أنَّ الآيةَ الكريمة تُثبتُ وجودَ خالقينَ آخرين غير الله سُبحانَه وتعالى، وإن كانَت -في الوقتِ ذاتِه- تؤكّدُ أنّه عزّ وجل أحسنُ الخالقين، ولكنَّ هذا لا يتعارضُ معَ ما يدلُّ عليهِ العقلُ والنقلُ مِن حقيقةِ أنَّ الخالقَ الموجدَ لجميعِ المخلوقاتِ والموجوداتِ الإمكانيّةِ هوَ اللهُ عزَّ وجل.

أمّا توضيحُ عدمِ التعارضِ بينَ أنَّ اللهَ هوَ الخالقُ لكلِّ شيء، وبينَ ما تؤكّدُه هذهِ الآيةُ الشريفة مِن وجودِ خالقينَ غيرِه تعالى، فيحتاجُ إلى أن نتعرّفَ على معنى (الخلقِ) في اللغةِ العربيّة ليساعدَنا ذلكَ على فهمِ المعنى المُراد من هذهِ الآيةِ الكريمة.

المعنى الأوّل: الخلقُ بمعنى الإبداعِ على غيرِ مِثال:

يأتي الخلقُ في اللّغةِ العربيّةِ بمعنى ابتداعِ الشيءِ وإيجادِه على غيرِ مثال، ومِن غيرِ الاستعانةِ في ذلكَ بمادّةٍ سابقةٍ له، ومِن غيرِ اقتداءٍ بأحدٍ في تصويرِه وتركيبِه، نقولُ: أبدعَ اللهُ الخلق، أي أوجدَ الخلقَ منَ العدمِ على غيرِ مثال، ومِن دونِ اقتداءٍ ولا استعانةٍ بأحد.

وهوَ ما يشيرُ إليه قولهُ عزّ وجل في الآيةِ (117) مِن سورةِ البقرة: {بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرضِ ۖ وَإِذَا قَضَىٰ أَمرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ}، أي خلقَهُما وأوجدَهُما منَ العدمِ ابتداعاً واختراعاً، مِن غيرِ مادّةٍ، ولا سبقِ مِثال، ولا تقليد، بل ابتدعَهُما وأوجدَهُما بالأمرِ التكوينيّ الذي يستحيلُ أن يتخلّفَ فيه المرادُ عن إرادتِه عزَّ وجل، كما يوضّحُه قولهُ في ختامِ الآية: {وَإِذَا قَضَىٰ أَمرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ} وهو قولٌ مِن غيرِ لفظٍ ولا كلام، بل قولهُ هوَ عينُ إرادتِه التي هيَ عينُ فعلِه سُبحانه.

وقد أوضحَت هذا المعنى خيرَ إيضاحٍ السيّدةُ الزّهراء في خُطبتِها الفدكيّةِ العصماء عليها السلام: (اِبتَدَعَ الأَشَياءَ لا مِن شَيءٍ كانَ قَبلَها، وَأَنشَأَها بِلا احتِذاءِ أَمثِلَةٍ امتَثَلَها، كَوَّنَها بِقُدرَتِهِ، وَذَرَأَها بِمَشِيَّتِهِ، مِن غَيرِ حاجَةٍ مِنهُ إلى تَكوينِها، وَلا فائِدَةٍ لَهُ في تَصويرِها إلاّ تَثبيتاً لِحِكمَتِهِ، وَتَنبيهاً عَلى طاعَتِهِ، وَإظهاراً لِقُدرَتِهِ، وَتَعَبُّداً لِبَرِيَّتِهِ، وإِعزازاً لِدَعوَتِهِ)

وكما أنَّ اللهَ يخلقُ ابتداعاً، أيضاً يخلقُ عن طريقِ مادّةٍ سابقة، لكنّها أيضاً مِن خلقِه وإبداعِه، كما يدلُّ على ذلكَ قولهُ تعالى في الآيةِ (15) مِن سورةِ الرّحمن: {وَخَلَقَ الجَانَّ مِن مَّارِجٍ مِّن نَّارٍ}، وكذا قولهُ في الآيةِ (45) مِن سورةِ النور: {وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِّن مَّاءٍ}، وقولهُ في الآية (2) مِن سورةِ الإنسان: {إِنَّا خَلَقنَا الإِنسَانَ مِن نُّطفَةٍ أَمشَاجٍ نَّبتَلِيهِ فَجَعَلنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا}، والمارجُ الذي هوَ منَ النار، والنارُ، والماءُ، والنّطفةُ الأمشاج، التي خلقَ اللهُ مِنها تلكَ المخلوقات، كلّها مِن خلقِه جلَّت قُدرتُه، ممّا يعني أنّ الخلقَ مِن مادّةٍ هيَ مِن خلقِه تعالى هوَ أيضاً ابتداعٌ على غيرِ مثال.

ولا شكَّ أنَّ الخلقَ بمعنى الإيجادِ منَ العدم، مُختصٌّ به عزَّ وجلّ، كما يؤكّدُ ذلكَ القرآنُ الكريم في العديدِ مِن آياتِه كما في قولِه سبحانَه في الآيةِ (16) مِن سورةِ الرّعد: {قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيءٍ وَهُوَ الوَاحِدُ القَهَّارُ}، وغيرِها مِن آياتٍ بيّنات.

نعم، غيرُه تعالى يخلقُ لا بمعنى أنّه يُوجدُ منَ العدم، ويبتدعُ على غيرِ مِثال، وإنّما بمعنى أنّه يصنعُ بعضَ الأشياءِ تقليداً لِما ابتدعَهُ واستعانةً بما أوجدَهُ عزَّ وجلّ، كما هوَ الحالُ في الذينَ صنعوا الطائراتِ تقليداً للطيورِ التي هيَ مِن خلقِه وإبداعِه تعالى، كما أنَّ جميعَ الموادِّ التي استعانوا بها في صُنعِها إنّما هيَ مِن خلقِه سُبحانَه، وهكذا الحالُ في سائرِ ما صَنعوا وعمِلوا وأوجدوا، إنّما هُم في ذلكَ مُقلّدونَ لإبداعِه، مُستعينونَ بما خلقَ مِن موادَّ أعانَتهم على ذلك، كما أنّه عزَّ وجل هوَ الذي منحَهم العلمَ والقُدرةَ على ذلكَ الصُّنع، وإلّا لما كانَ في إمكانِهم أن يصنعوا شيئاً أبداً وعلى الإطلاق.

وعلى ضوءِ هذا البيان فمتى اعتبَرنا قولَه عزَّ وجل: {فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحسَنُ الخَالِقِينَ} هوَ الخلقُ بمعنى الإيجاد، فليسَ المرادُ هوَ الإيجادُ منَ العدمِ والابتداعُ على غيرِ مثال، وإنّما المرادُ هو (الصّنع) وتكونُ الآيةُ الكريمة في مقامِ المُقابلةِ وتأكيدِ الفرقِ بينَ الخلقِ{صُنعَ اللَّهِ الَّذِي أَتقَنَ كُلَّ شَيءٍ} وبينَ صُنعِ الإنسان الذي هوَ ليسَ إيجاداً منَ العدم، والمُفتقرِ إلى الإتقانِ في كلِّ شيء، وأمّا اعتبارُ صُنعِ غيرِ الله خلقاً فمِن بابِ المجازِ والتوسّعِ في الاستعمالِ، وذلكَ باعتبارِ فعلِه وصُنعِه إحداثاً وإيجاداً، وقد ذكرَ القُرطبي في المُجلّدِ السّادس الجُزءِ الثاني عشر ص102 منَ الجامعِ لأحكامِ القرآن أنّه (لا تُنفى لفظةُ الخلقِ عن البشر في معنى "الصُّنع" وإنّما هيَ منفيّةٌ بمعنى الاختراعِ والإيجادِ منَ العدم).

وفي ج5 ص12 منَ الدُرِّ المنثورِ للسيوطي أخرجَ ابنُ جرير عن مُجاهد في هذهِ الآية قالَ: (يصنعونَ ويصنعُ الله وهوَ خيرُ الصّانعين)، كما نقلَهُ الشيخُ الطبرسيّ في المُجلّدِ الرّابع، الجُزءِ السابع، ص161 مِن مجمعِ البيان عن حُذيفةَ وعلّقَ عليه بقولِه: (وفي هذا دليلٌ على أنَّ اسمَ الخلقِ قد يُطلَقُ على فعلِ غيرِ اللهِ تعالى، إلّا أنَّ الحقيقةَ في الخلقِ للهِ سُبحانَه فقط، فإنَّ المرادَ منَ الخلقِ إيجادُ الشيءِ مُقدّراً تقديراً لا تفاوتَ فيه، وهذا إنّما يكونُ منَ اللهِ سُبحانَه وتعالى، ودليلهُ قولهُ: {أَلَا لَهُ الخَلقُ وَالأَمرُ} الأعرافُ الآية (54)

وهُنا يجبُ أن نلاحظَ أنَّ مرادَ الطبرسيّ مِن أنَّ (الخلقَ هوَ إيجادُ الشيء) إنّما يعني به إيجادَ الشيءِ منَ العدم، لأنَّ إيجادَ شيءٍ مِن شيء هوَ في مقدورِ غيرِ الله عزّ وجل.

كما يجبُ أن نُلاحظَ ما أشارَ إليه أيضاً مِن أنَّ اسمَ الخلقِ قد يُطلقُ على فعلِ غيرِه تعالى، ممّا يدلُّ على أنَّ ما يصدرُ عن غيرِه عزَّ وجلّ في الحقيقةِ هوَ فعلٌ وليسَ خلقاً، وإن صحَّ أن نُطلقَ اسمَ الخلقِ عليهِ توسّعاً ومَجازاً، أمّا الخالقُ على الحقيقةِ فهوَ اللهُ عزّ وجل.

وأيضاً يجبُ ألّا نغفلَ عمّا هوَ منقولٌ عن مُجاهد وحُذيفة مِن أنَّ معنى الآية هوَ: (تصنعونَ ويصنعُ الله وهوَ خيرُ الصّانعين) ممّا يعني أنَّ إطلاقَ (الخلقِ) في {أَحسَنُ الخَالِقِينَ} هوَ إطلاقٌ مجازي ومِن بابِ التوسّعِ في الاستعمال، وذلكَ لوجودِ الفرقِ بينَ (الخلقِ والصُّنع)

والخُلاصة: أنّه لا خالقَ بمعنى الإيجادِ منَ العدم، والابتداعِ على غيرِ مثالٍ إلّا الله، وأمّا غيرُه فهوَ فاعلٌ وصانع، وهوَ مُستعينٌ في صُنعِه وفعلِه بما خلقَه الله، وبتعليمٍ ومددٍ وقُدرةٍ ممنوحةٍ له مِن الله، كما أنَّ فعلَهُ وصُنعَهُ ناقصان، ومُفتقرانِ إلى الإحكامِ والإتقان، ولا يمكنُ أن يُقاسَ لا بخلقِ الله ولا بصُنعِه سُبحانَه بأيّ حالٍ منَ الأحوال، ومِن هُنا أصبحَ اللهُ أحسنَ الخالقين، ولا يلزمُ مِن ذلك أن يكونَ غيرُه خالقاً على الحقيقة، وإن صحَّ أن نُطلقَ اسمَ الخالقِ عليه.

المعنى الثاني: الخلقُ بمعنى التقدير:

المعنى الثاني للخلق هوَ (التقدير) وهوَ ما أشارَ إليه اللغويّونَ في معاجمِهم اللغويّة، ومِنهم ابنُ منظور في ج10ص87 مِن لسانه: (الخلقُ التقدير، وخلقَ الأديمَ يخلقُه خلقاً: قدّرَه لِما يريدُ قبلَ القطع، وقاسَه ليقطعَ منهُ مُرادَه)

والخلقُ بمعنى التقدير كما يجري على يدِ الله عزَّ وجل أيضاً يجري على يدِ غيرِه، ولهذا فكما يصحُّ أن نُسمّي اللهَ خالقاً بمعنى التقدير، كذلكَ يصحُّ أن نُسمّي غيرَه خالقاً بهذا المعنى، تماماً كما هوَ الحال في المسيحِ عيسى بنِ مريم، الذي قالَ لبني إسرائيل كما في الآيةِ (49) مِن سورة: {أَنِّي قَد جِئتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُم ۖ أَنِّي أَخلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيئَةِ الطَّيرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيرًا بِإِذنِ اللَّهِ ۖ وَأُبرِئُ الأَكمَهَ وَالأَبرَصَ وَأُحيِي المَوتَىٰ بِإِذنِ اللَّهِ ۖ وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُم ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لَّكُم إِن كُنتُم مُّؤمِنِينَ}.

وكما نلاحظُ فإنَّ كلَّ ما تشيرُ إليه هذهِ الآية مِن قيامِ عيسى بالخلق، فهوَ -أوّلاً- ليسَ إيجاداً منَ العدم، ولا هوَ ابتداعاً على غيرِ مِثال، وإنّما استعانَ عليهِ السلام فيهِ بمادّةٍ مِن خلقِ الله هيَ (الطين) كما أنّه جعلَهُ على هيئةِ خلقٍ مِن خلقِ الله، وهوَ (الطير) ممّا يعني أنَّ معنى الخلقِ في الآية ليسَ الإيجادَ والابتداع، وإنّما هوَ التقديرُ والتصوير، أي أنّي أقدّرُ وأعملُ لكُم منَ الطين ما هوَ على صورةِ الطيرِ وهيئتِه.

أمّا الذي خلقَ الحياةَ في تلكَ الصورة التي قدّرَها ونفخَ فيها المسيحُ فهوَ الله، وفقط إنّما أجرى هذا الخلقَ على يدِ عيسى، وذلكَ لأنَّ تقديرَ الصورةِ والنفخِ فيها ممّا يقدرُ عليهِ المسيحُ وغيرُه، أمّا خلقُ الحياةِ وإيجادُها سواءٌ في ذلكَ الطيرِ الذي قدّرَه عيسى أو في غيرِه فمِمّا لا يقدرُ عليهِ أحدٌ إلّا الله، ولهذا قالَ المسيحُ عيسى: {فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيرًا بِإِذنِ اللَّهِ} وما هذا الإذنُ في الحقيقةِ إلّا فعلُهُ عزَّ وجل، كما أنّه تعالى المُبرئُ الحقيقيُّ للأكمهِ والأبرص، والمُحييّ الحقيقيّ للموتى، وإن أجرى ذلكَ كلَّه على يدِ المسيحِ عيسى، وهذا هو معنى تعليقِ الأمرِ في ذلكَ كلِّه على إذنِه سُبحانَه وتعالى.

فالآيةُ تتضمّنُ أمرين:

الأوّلُ: خلقٌ بمعنى التقدير، وهذا ما قامَ به عيسى المسيح في خلقِ ذلكَ الطيرِ مِن ذلكَ الطين.

الثاني: خلقٌ بمعنى الإيجاد، وهوَ خلقُ الله للحياةِ في ذلكَ الطير الذي خلقَه عيسى المسيح.

كما منَ المُهمِّ أن نُشيرَ إلى أنَّ الخلقَ بمعنى التقديرِ ليسَ مُختصّاً بعيسى، بل هوَ في مقدورِ كلِّ أحد، فنحنُ أيضاً نعملُ الأشياء ونقدّرُها ونصوّرُها، تماماً كما قامَ عيسى بتقديرِ ذلك الطيرِ منَ الطين، ممّا يعني أنَّ إعجازَ عيسى الحقيقيّ الذي تشيرُ إليه هذهِ الآيةُ المُباركة ليسَ خلقَهُ لذلكَ الطير بمعنى تقديرِه وتصويرِه، وإنّما في الحياةِ التي خلقَها الله في ذلكَ الطيرِ حينَ نفخَ فيه عليهِ السلام.

ولهذا اتّفقَ الجميعُ على أنَّ الخلقَ في قولِه عزَّ شأنه: {فَتَبَارَكَ اللَّهُ َ أحسَنُ الخَالِقِينَ} ليسَ بمعنى الإيجادِ منَ العدم، والإبداعِ على غيرِ مثال، وإنّما ذهبَ البعضُ إلى أنّ المُرادَ هوَ الصنعُ كما سبقَ وبيّنّاه، في حينِ ذهبَ البعضُ الآخر إلى أنَّ المُرادَ هوَ التقدير.

وقد نقلَ غيرُ واحدٍ منَ اللغويّينَ كابنِ منظور في لسانِ العرب، ج10ص84-85، والأزهريّ في ص1093 مِن تهذيبِ اللغةِ قولَ أبي بكرٍ الأنباري: (الخلقُ في كلامِ العرب على وجهين: أحدُهما الإنشاءُ على مثالٍ ابتدعَه، والآخرُ التقدير) كما نقلوا عنهُ قولَهُ في قولِه: {أَحسَنُ الخَالِقِينَ} أي أحسنُ المُقدّرين، وكذلكَ قولهُ في الآية (17) مِن سورةِ العنكبوت: {وَتَخلُقُونَ إِفكًا}، أي: تقدّرونَ كذباً، وقولِه تعالى: {أَنِّي أَخلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ} خلقُه تقديرُه، وليسَ المرادُ أنّه يحدثهُ معدوماً).

وعليهِ فإنَّ الخلقَ بمعنى الإيجادِ منَ العدمِ والإبداعِ على غيرِ مثال، قطعاً هوَ ليسَ المراد منَ الآيةِ الكريمة، وأمّا إن كانَ المرادُ هوَ الصّنع، فيكونُ التعبيرُ بالخلقِ -هُنا- مجازيّاً ومِن بابِ التوسّعِ في الاستعمال، ولا شكَّ أنَّ اللهَ هو أحسنُ الصّانعين، وإن كانَ المرادُ هوَ (التقدير) فالتقديرُ ليسَ مُختصاً بهِ عزَّ وجل، ولكن لا شكَّ أيضاً في أنّه تعالى أحسنُ المُقدّرين.

والحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصلّى اللهُ على مُحمّدٍ وآلِه الطيّبينَ الطاهرين.