معنى زيارة الله تعالى للإمام الحسين (ع)

سؤال: زيارة الله جل وعلا للحسين عليه السلام :ورد في الحديث عن صفوان الجمال ، قال : « قال لي أبو عبد الله ( عليه السلام ) لما أتى الحيرة : هل لك في قبر الحسين ( عليه السلام ) ، قلت : وتزوره جعلت فداك ، قال : وكيف لا أزوره والله يزوره في كل ليلة جمعة يهبط مع الملائكة إليه والأنبياء والأوصياء ، ومحمد أفضل الأنبياء ونحن أفضل الأوصياء ، فقال صفوان : جعلت فداك فنزوره في كل جمعة حتى ندرك زيارة الرب، قال : نعم يا صفوان الزم ذلك يكتب لك زيارة قبر الحسين ( عليه السلام ) ، وذلك تفضيل وذلك تفضيل . كامل الزيارات - جعفر بن محمد بن قولويه - ص 222 – 223 . فما معنى أن الله يزور الحسين ؟ وهل يمكن أن يهبط الله تعالى ؟ وهل يصح منه تعالى الصعود والهبوط ؟

: - اللجنة العلمية

الجواب:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

إنّ الله تبارك وتعالى منزّه عن الجسم وأحكامه وكلّ ما هو من صفات المخلوق؛ لأنّ جريان صفات وأحكام المخلوق عليه يلزمه أن يكون مخلوقاً، والله تعالى هو الخالق.

وما ورد في الآيات القرآنيّة والأحاديث الشريفة من نسبة بعض الأوصاف له جل جلاله – كاليد وغيرها – فلا يُراد بها معانيها التي تجري على المخلوقين كالجارحة؛ لأنّها من أوصاف الجسم وأحكامه، بل يُراد بها معانٍ أخرى خالية عن شائبة التشبيه والتجسيم، كالقوّة والنعمة.

ففي مثل قوله تعالى {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا} [سورة الفجر: 22]، لا يُراد بالمجيء هو الانتقال؛ لاستلزامه التحيّز والحدّ والمكان ونحوها من أحكام المخلوق، بل يراد به معنى آخر، كما ذكر الأئمّة الطاهرون (عليهم السلام)، فقد ورد عن أمير المؤمنين (عليه السلام): « ليس له جيئة كجيئة الخلق » [التوحيد ص266]، وعن الإمام الرضا (عليه السلام) – في تفسير الآية –: « إنّ الله عزّ وجلّ لا يُوصف بالمجيء والذهاب، تعالى عن الانتقال، إنّما يعني بذلك: وجاء أمرُ ربّك والملك صفّاً صفّاً » [التوحيد ص162، وعيون أخبار الرضا ج1 ص115، ومعاني الأخبار ص13]. وقال الشيخ الصدوق: (يعني: وجاء أمرُ ربّك) [الاعتقادات ص24]، وقال الطبرسيّ: ({وَجَاءَ رَبُّكَ}: أي أمر ربّك وقضاؤه ومحاسبته، عن الحسن والجبائيّ. وقيل: جاء أمرُه الذي لا أمر معه، بخلاف حال الدنيا، عن أبي مسلم. وقيل: جاء جلائلُ آياته، فجعل مجيئها مجيئه تفخيماً لأمره. وقال بعض المحقّقين: المعنى: وجاء ظهور ربك لضرورة المعرفة به؛ لأنّ ظهور المعرفة بالشيء يقوم مقام ظهوره ورؤيته، ولمّا صارت المعارف بالله في ذلك اليوم ضروريّة، صار ذلك كظهوره وتجلّيه للخلق، فقيل: جاء ربك، أي زالت الشبهة وارتفع الشكّ، كما يرتفع عند مجيء الشيء الذي كان يُشكّ فيه، جلّ وتقدّس عن المجيء والذهاب؛ لقيام البراهين القاهرة، والدلائل الباهرة، على أنّه سبحانه ليس بجسم) [مجمع البيان ج10 ص353].

وهكذا الكلام بالنسبة إلى ما ورد في فضل زيارة أمير المؤمنين وسيّد الشهداء (عليهما السلام) من زيارة الله تعالى لهما، فإنّ ذلك كناية عن إنزال رحمته الخاصّة ونحوها، لا الهبوط والنزول المكانيّ المستلزم للجسميّة المنفيّة عنه تعالى.

وقد علّق جماعةٌ من العلماء على الرواية المتضمّنة لزيارة الله تعالى لسيّد الشهداء (عليه السلام)، ولا بأس بنقل كلماتهم لما فيها من فوائد:

قال العلّامة المجلسيّ في [بحار الأنوار ج98 ص60]: (زيارتُه تعالى كنايةٌ عن إنزال رحماته الخاصّة عليه وعلى زائريه - صلوات الله عليه -).

وقال الحر العامليّ في [وسائل الشيعة ج14 ص480]: (المراد أنّ زيارة الربّ له مجاز بمعنى زيادة التفضيل له وهو واضح).

وقال العلّامة الأمينيّ في حاشية [كامل الزيارات ص113]: (زيارة الربّ سبحانه: إمّا توجيه عنايته الخاصّة بإسبال فيضه المتواصل عليه، أو إبداء شيء من مظاهر جلاله العظيم الذي تجلّى للجبل فجعله دكّاً وخرّ موسى صعقاً).

والحمد لله رب العالمين