حجية الظن المعتبر في العقائد

هل خبر الواحد والظنّ الحاصل منه، معتبر في المسائل الاعتقادية عند الشيعة أو لا؟

: - اللجنة العلمية

الجواب:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ذكر المحقّقون من الأعلام: أنّ المسائل الاعتقاديّة على قسمين:

القسم الأوّل: أصول العقائد:

وهي المسائل الاعتقاديّة التي يجب على كلّ مكلّف الاعتقاد بها وجوباً مطلقاً – سواء علم بها أم لا –، وعليه: فإنْ علم بها العبد اعتقد بها، وإنْ لم يعلم بها فيجب عليه تحصيل العلم بها مقدّمةً لتحققّ الاعتقاد، وتسمّى بـ(العقائد المنجّزة).

ومثال ذلك: الإيمان بالله تعالى، والإيمان بنبوّة النبيّ (صلى الله عليه وآله)، والإيمان بإمامة الأئمّة (عليهم السلام)، والإيمان بالمعاد الجسمانيّ.

هذا القسم من العقائد يجب فيها تحصيل العلم واليقين، ولا يكفي فيها الظنّ، كما هو المعروف.

قال السيّد أبو القاسم الخوئيّ قدّس سرّه: (لا ينبغي الشكّ في عدم جواز الاكتفاء بالظنّ فيما يجب معرفته عقلاً - كمعرفة الباري جلّ شأنه -، أو شرعاً - كمعرفة المعاد الجسمانيّ -؛ إذ لا يصدق عليه المعرفة، ولا يكون تحصيله خروجاً من ظلمة الجهل إلى نور العلم.. فلابدّ من تحصيل العلم والمعرفة مع الإمكان) [مصباح الأصول ج2 ص236].

القسم الثاني: تفاصيل العقائد:

وهي المسائل الاعتقاديّة التي يجب الاعتقاد بها إذا قام الدليل والحجّة عليها، فلزوم الاعتقاد معلّق ومترتّب على حصول المعرفة. فهذه المسائل لا يجب تحصيل العلم بها، بل ولا يجب تحصيل الظنّ بها، ولكن لو تمّ الدليل عليها فيجب عقد القلب عليه والتسليم له.

وبعبارة أخرى: هي الاعتقادات التي لا تُطلب إلّا ممّن علم بها، وأمّا مَن جهل بها فلا يجب عليه الإيمان بها، وتسمّى بـ(العقائد المعلّقة).

ومثال ذلك: الاعتقاد بنبوّة الأنبياء السابقين (عليهم السلام)، والاعتقاد بالكتب السماويّة، والاعتقاد بتفاصيل القيامة والبرزخ ونحوها.

وفي حجيّة الظنّ في هذا القسم من العقائد خلافٌ بين العلماء، ناشٍ من الخلاف في معنى الحجيّة، وبناءً عليه يرى بعض العلماء عدم الحجيّة، ويرى بعضٌ آخر وجوب الاعتقاد.

وممّن يرى حجيّة الظنون المعتبرة في هذه المسائل: السيّد أبو القاسم الخوئيّ قدس سرّه، فإنّه أفاد: (إنْ كان الظنُّ متعلّقاً بما يجب التباني وعقد القلب عليه والتسليم والانقياد له - كتفاصيل البرزخ، وتفاصيل المعاد، ووقائع يوم القيامة، وتفاصيل الصراط والميزان، ونحو ذلك - ممّا لا تجب معرفته، وانّما الواجب عقد القلب عليه والانقياد له على تقدير إخبار النبيّ - صلى الله عليه وآله - به، فإنْ كان الظنّ المتعلق بهذه الأمور من الظنون الخاصّة الثابتة حجّيّتها فهو حجّة، بمعنى أنّه لا مانع من الالتزام بمتعلّقه وعقد القلب عليه؛ لأنّه ثابت بالتعبّد الشرعيّ، بلا فرقٍ بين أن تكون الحجّيّة بمعنى جعل الطريقيّة كما اخترناه، أو بمعنى جعل المنجزيّة والمعذريّة كما اختاره صاحب الكفاية) [مصباح الأصول ج2 ص238].

وفي المقام تفصيلات لا يسع المجال لذكرها، ونحيل مَن يرغب بالتوسّع أكثر إلى ما أفاض به اثنان من فضلاء الحوزة العلميّة، الأوّل: دعائم الإيمان، تقرير محاضرات للشيخ علي الجزيريّ، والثاني: حجية الظن في المسائل الاعتقادية، تقرير دروس السيّد منير الخبّاز.

والحمد لله رب العالمين