عليّ (ع) وليد الكعبة

من فضلكم نبذة عن تاريخ ولادة إمام علي سمعنا أنه ولد في داخل الكعبة هل هذا صحيح؟

: سيد حسن العلوي

الجواب:

المشهور والمعروف بين جميع المسلمين أن سيدنا ومولانا الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام ولد في جوف الكعبة، كما نصّ على ذلك كبار العلماء، ونظمه الشعراء، ورواه المحدثون.

وسنشير إلى بعض النقولات والروايات في ولادة أمير المؤمنين (ع) في الكعبة المشرفة، من مصادر أبناء العامة.

قال الشاعر عبد الباقي العمري (ت 1279 هـ):

أنتَ العليُّ الذي فوقَ العُلا رُفعا * ببطنِ مكّةَ عندَ البيتِ إذ وُضِعا

(ديوان عبد الباقي العمري ص٩٧، والباقيات الصالحات ص٥٦).

كلمات بعض علماءهم

قال الحاكم النيسابوري (ت 405 هـ) :

فقد تواترت الأخبار أن فاطمة بنت أسد ولدت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه في جوف الكعبة .( المستدرك على الصحيحين : ٣ / ٤٨٣ . وبمثله الذهبي في التلخيص ، والدهلوي في إزالة الخفا).

وقال ابو الثناء الالوسي صاحب تفسير روح المعاني (ت 1270 هـ) :

وفي كون الأمير كرم الله وجهه ولد في البيت أمر مشهور في الدنيا ، وذكر في كتب الفريقين السنة والشيعة - ثم ذكر رواية الفصول المهمة وقال - ولم يشتهر وضع غيره كرم الله وجهه كما اشتهر وضعه ، بل لم تتفق الكلمة عليه ، وما أحرى بإمام الأئمة أن يكون وضعه فيما هو قبلة للمؤمنين ، وسبحان مَن يضع الأشياء في مواضعها وهو أحكم الحاكمين . (سرح الخريدة الغيبية في شرح القصيدة العينية ص١٥)

بعض الروايات من مصادرهم

روى ابن المغازلي ( ت 483 هـ) بسنده عن محمد بن سعيد الدارِمي قال : حدّثنا موسى بن جعفر ، عن أبيه ، عن محمد بن علي ، عن أبيه علي بن الحسين قال : كنت جالساً مع أبي ونحن زائران قبرَ جدّنا عليه السّلام وهناك نِسوان كثيرة ، إذ أقبلَت امرأة منهنّ فقلت لها : من أنت يرحمك الله ؟ قالت : أنا زيدة بنت قريبة بن العجلان من بني ساعدة ، فقلت لها : فهل عندك شيء تُحدّثينا ؟ فقالت : إي والله ، حدّثتني أُمّي أُمّ عمارة بنت عُبادة بن نَضلَة بن مالك بن العَجلان الساعدي انّها كانت ذات يوم في نساء من العرب إذ أقبل أبو طالب كئيباً حزيناً ، فقلت له : ما شأنك يا أبا طالب ؟

قال : إنّ فاطمة بنت أسد في شدّة المخاض ، ثمّ وضع يديه على وجهه . فبينا هو كذلك ، إذ أقبل محمّد صلّى الله عليه وسلّم فقال له : ما شأنك يا عمِّ ؟ فقال : إنّ فاطمة بنت أسد تشتكي المَخاضَ ، فأخذ بيده وجاء وهي معه فجاء بها إلى الكعبة فأجلسها في الكعبة ، ثمّ قال : اجلسي على اسم الله ! قال : فَطُلِقَت طَلقةً فولدت غلاماً مسروراً نظيفاً منُظّفاً لم أر كَحُسنِ وجهه فسمّاه أبو طالب علياً . وحَمله النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) حتّى أدّاه إلى منزلها .

قال علي بن الحسين (عليهما السلام) : فوالله ما سمعتُ بشيء قطُّ إلاّ وهذا أحسنُ منه . (مناقب علي (ع) لابن المغازلي ص ٢٩ - ٣٠).

- ورواه ابن الصباغ المالكي في الفصول المهمة ج١ ص١٧٣ عن كتاب المناقب لأبي المعالي الفقيه المالكي ،

وعنه ابو الثناء الآلوسي في سرح الخريدة الغيبية في شرح القصيدة العينية ص١٥ ، والنعمان الالوسي في غالية المواعظ ج٢ ص٨٩ .)

وروى الكنجي الشافعي (ت ٦٥٨ هـ) بسنده عن جابر بن عبد اللّه الأنصاري قال: سألت رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن ميلاد علي بن ابي طالب عليه السلام فقال: لقد سألتني عن خير مولود ولد في شبه المسيح ، إن الله تبارك وتعالى خلق علياً من نوري وخلقني من نوره، وكلانا من نور واحد، ثم إن اللّه عز وجل نقلنا من صلب آدم عليه السّلام في اصلاب طاهرة الى ارحام زكية، فما نقلت من صلب إلا ونقل علي معي، فلم نزل كذلك حتى استودعني خير رحم وهي آمنة، واستودع عليا خير رحم وهي فاطمة بنت أسد.

و كان في زماننا رجل زاهد عابد يقال له المبرم بن دعيب بن الشيقبان، قد عبد اللّه تعالى مائتين وسبعين سنة لم يسأل اللّه حاجة، فبعث الله إليه ابا طالب فلما ابصره المبرم قام إليه وقبل رأسه وأجلسه بين يديه، ثم قال له من أنت؟ فقال: رجل من تهامة، فقال: من أي تهامة؟ فقال: من بني هاشم، فوثب العابد فقبل رأسه ثانية، ثم قال له: يا هذا إن العلي الأعلى ألهمني إلهاما . قال: ابو طالب وما هو؟ قال: ولد يولد لك من ظهرك وهو ولي اللّه عز وجل فلما كان الليلة التي ولد فيها عليّ اشرقت الأرض، فخرج ابو طالب و هو يقول: أيها الناس ولد في الكعبة ولي اللّه عز وجل، فلما اصبح دخل الكعبة وهو يقول:

يا رب هذا الغسق الدجي * والقمر المنبلج المضي

بين لنا من أمرك الخفي * ماذا ترى في اسم هذا الصبي

قال: فسمع صوت هاتف وهو يقول:

يا اهل بيت المصطفى النبي * خصصتم بالولد الزكي

إن اسمه من شامخ العلي * علي اشتق من العلي. (كفاية الطالب في مناقب علي بن ابي طاب للكنجي الشافعي ص٤٠٥).

وقال سبط ابن الجوزي : ورويَ انّ فاطمة بنت اسد كانت تطوف بالبيت وهي حامل بعلي (ع) فضربها الطلق ففتح لها باب الكعبة فدخلت فوضعته فيها . (تذكرة الخواص ص٢٠)

وقال الزرندي والجويني : رويَ أنه لما ضربها المخاض أدخلها أبو طالب الكعبة بعد العشاء فولدت فيه علي بن ابي طالب . (نظم درر السمطين ص٧٦ ، فرائد السمطين : ١ / ٤٢٥)

وأسعد الله أيامكم بولادة أمير المؤمنين (ع) .

والحمد لله رب العالمين.