الأشهر الحرم

السؤال: في قوله تعالى: (فإذا انسلخ الأشهر الحرم..)، ما هي الأشهر الحرم؟ وهل هي متتابعة أو متفرقة؟

: - اللجنة العلمية

الجواب:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

إنّ الأشهر الحرم هي الأشهر التي حرّم العربُ القتال فيها لتعظيمهم لها، وهي ثلاثة أشهر متوالية: ذو القعدة وذو الحجّة والمحرّم، وواحد فرد: وهو شهر رجب.

ولهذه الأشهر فضيلة وأحكام خاصّة في الإسلام، منها: حرمة القتال فيها إلّا مع مَن استحلّ القتال فيها، ومنها: تغليظ صيام كفارة القتل فيها، ومنها: تغليظ دية القتل فيها، ومنها: استحباب صيام الخميس والجمعة والسبت منها.

وقد وقع خلافٌ بين المفسّرين في المراد بـ: {الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ} في قول الله تعالى: {فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ...} [سورة براءة: 5] على قولين:

أحدهما: أنّ المراد هو الأشهر الأربعة التي جعل الله للمشركين أن يسيحوا فيها آمنين في قوله: {فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ}، وجعلها أجلاً مضروباً للمشركين لا يتعرّض لحالهم، فالألف واللام في {الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ} للعهد الذكريّ، أي الأشهر المذكورة سابقاً، ويبدأ احتساب هذه الأشهر من يوم الإنذار الحاصل في يوم الحجّ الأكبر وهو قوله: {وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ}، ثمّ يقول: {فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ...}، فمبدأ احتساب الأشهر الأربعة هو يوم الحجّ الأكبر، فتكون هذه الأشهر الحرم متّصلة متوالية. وهذا القولُ مرويّ عن الإمام الباقر (عليه السلام)، كما سيأتي.

وقد وقع خلافٌ أيضاً في تحديد (يوم الحجّ الأكبر) – الذي هو مبدأ احتساب الأشهر الأربعة –، والمرويّ عن الإمام الباقر (عليه السلام) أنّه يوم النحر، وهو العاشر من ذي الحجّة، فتكون الأشهر الأربعة هي: عشرون يوماً من ذي الحجّة، وشهر المحرّم، وشهر صفر، وشهر ربيع الأوّل، وعشر أيّام من ربيع الآخر. روى زرارة بن أعين عن أبي جعفر (عليه السلام) - في قول الله : {فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} - قال: « هي يوم النحر إلى عشر مضين من شهر ربيع الآخر » [تفسير العياشي ج2 ص77]، ونحوه عن جابر عن الباقر (عليه السلام) [الأصول الستة عشر ص74].

والقول الآخر: أنّ المراد هو الأشهر الحرم المعروفة عند العرب، وهي شهر فرد وثلاثة سرد – التي تقدّم الكلام حولها في صدر الجواب -، وبما أنّ الإنذار حصل يوم الحجّ الأكبر فيحمل انسلاخ الأشهر الحرم في الآية: {فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ} على انسلاخ ذي القعدة وذي الحجة والمحرّم لأنّ شهر رجب قد تقدّم زمانه، فيكون الانسلاخ بانتهاء شهر المحرّم.

والحمد لله ربّ العالمين