أبو سفيان في القرآن
هل ورد في ذمّ أبي سفيان بن حرب آياتٌ في القرآن الكريم؟
الجواب بسم الله الرحمن الرحيم اعلم – أيدك الله - أنّ أبا سفيان صخر بن حرب بن أمية، من أسرةٍ معروفةٍ بالكفر بالله تعالى والعداء للنبيّ الأكرم وأهل بيته (عليهم السلام)، وقد نزلت في (بني أميّة) آياتٌ قرآنيّةٌ عديدةٌ. ويعـدّ أبو سفيان من أبرز رجالات قريش المعروفة بالشرك والكفر وعبادة الأوثان في الجاهليّة، وكان من كبار المنافقين الذين اعتنقوا الإسلام خوفاً ورهبةً، وقد نزلت في ذّمه آيات من القرآن الكريم، نذكر بعضاً منها: 1ـ قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ} [الأنفال: 36]. روى ابن سعد والطبريُّ وابن أبي حاتم وغيرهم بالإسناد عن سعيد بن جبير قال: «نزلت في أبي سفيان بن حرب، استأجر يوم أحد ألفين من الأحابيش من كنانة، فقاتل بهم النبيَّ (صلى الله عليه [وآله] وسلم)» [الطبقات الكبرى ج1 ص78، تاريخ الطبري ج11 ص171، تفسير ابن أبي حاتم ج5 ص1697]. وروي هذا عن عبد الرحمن بن أبزى، والحكم بن عتيبة، وقتادة، والسدي، ومجاهد، وغيرهم [ينظر: تفسير الطبري ج11 ص171ـ172]. 2ـ قوله تعالى: {فَقَاتِلُواْ أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لاَ أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنتَهُونَ} [التوبة: 12]. روى ابن أبي حاتم بالإسناد عن ابن عمر وسعيد بن جبير في قول الله {فَقَاتِلُواْ أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لاَ أَيْمَانَ لَهُمْ} أنّهما قالا: «أبو سفيان بن حرب منهم» [تفسير ابن أبي حاتم ج6 ص1761]. وروى الطبريُّ بالإسناد عن قتادة، ومجاهد: «أنَّ أئمة الكفر هم: أبو جهل بن هشام، وأمية بن خلف، وعتبة بن ربيعة، وأبو سفيان، وسهيل بن عمرو، وهم الذين همّوا بإخراجه» [تفسير الطبريّ ج11 ص363ـ364]. 3ـ قوله تعالى: {مَثَلُ مَا يُنْفِقُونَ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} [آل عمران: 117]. ورد في بعض المصادر: «أنها نزلت في أبي سفيان وأصحابه يوم بدر عند تظاهرهم على رسول الله (صلى الله عليه [وآله] وسلم)» [ينظر: العجاب ج2 ص739، النكت والعيون ج1 ص418]. 4ـ قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ} [آل عمران: 149]. روى ابن جرير الطبريُّ وابن أبي حاتم بالإسناد عن السديّ: «قوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا} أبا سفيان بن حرب، يردكم كفاراً» [تفسير ابن أبي حاتم ج3 ص211 تفسير الطبريّ ج6 ص125]. 5ـ قوله تعالى: {أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ * فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ * وَلا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ * فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَن صَلاتِهِمْ سَاهُونَ * الَّذِينَ هُمْ يُرَاؤُونَ * وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ *} [الماعون: 1ـ7]. قال ابن جريج: «نزلت في أبي سفيان، كان ينحر جزورين في كل أسبوع، فأتاه يتيمٌ فسأله لحماً فقرعه بعصاه» [تفسير الرازيّ ج23 ص301، روح المعاني ج15 ص476]. 6ـ قوله تعالى: {سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُواْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ} [آل عمران: 151]. روى الطبريُّ بالإسناد عن السدي، قال: «لما ارتحل أبو سفيان والمشركون يوم أحد متوجهين نحو مكة، انطلق أبو سفيان حتى بلغ بعض الطريق، ثم إنهم ندموا فقالوا: بئس ما صنعتم، إنكم قتلتموهم، حتى إذا لم يبق إلا الشرير تركتموهم، ارجعوا فاستأصلوهم، فقذف الله عز وجل في قلوبهم الرعب، فانهزموا، فلقوا أعرابيَّاًّ، فجعلوا له جعلًا، وقالوا له: إن لقيت محمدا فأخبره بما قد جمعنا لهم! فأخبر الله عز وجل رسوله صلى الله عليه و[وآله] سلم، فطلبهم حتى بلغ حمراء الأسد، فأنزل الله عز وجل في ذلك، فذكر أبا سفيان حين أراد أن يرجع إلى النبيّ (صلى الله عليه [وآله] وسلم) وما قذف في قلبه من الرعب، فقال: {سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُواْ بِاللَّهِ} [تفسير الطبريّ ج6 ص126]. وروى ابن أبي حاتم بالإسناد عن ابن عباس قال: «يعني قوله: {سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرُّعْبَ} قال: قذف الله في قلب أبي سفيان فرجع إلى مكة فقال النبي (صلى الله عليه [وآله] وسلم): إن أبا سفيان قد أصاب منكم طرفاً وقد رجع وقذف الله في قلبه الرعب» [تفسير ابن ابي حاتم ج3 ص785]. 7ـ قوله تعالى: {وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ} [آل عمران: 140]. روى الطبريُّ بالإسناد عن ابن عباس، قال: «لما كان قتال أحد، وأصاب المسلمين ما أصاب، صعد النبيُّ (صلى الله عليه [وآله] وسلم) الجبل، فجاء أبو سفيان، فقال: يا محمد، يا محمد، ألا تخرج، ألا تخرج؟ الحرب سجالٌ، يومٌ لنا، ويومٌ لكم. فقال رسول الله (صلى الله عليه [وآله] وسلم) لأصحابه: أجيبوه، فقالوا: لا سواء لا سواء، قتلانا في الجنة، وقتلاكم في النار، فقال أبو سفيان: لنا عزى، ولا عزى لكم، فقال رسول الله (صلى الله عليه [وآله] وسلم): " قولوا: الله مولانا ولا مولى لكم ". فقال أبو سفيان: اعل هبل فقال رسول الله (صلى الله عليه [وآله] وسلم)، وقولوا: الله أعلى وأجلّ. فقال أبو سفيان: موعدكم وموعدنا بدر الصغرى، قال عكرمة: وفيهم أنزلت: {وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ}» [تفسير الطبريّ ج6 ص84]. 8ـ قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ} [الأحزاب: 1]. قال الواحديُّ: «نزلت في أبي سفيان وعكرمة بن أبي جهل وأبي الأعور عمرو بن سفيان السلميّ قدموا المدينة بعد قتال أحد، فنزلوا على عبد الله بن أبي، وقد أعطاهم نبيُّ الله (صلى الله عليه [وآله] وسلم) الأمان على أن يكلموه...» [أسباب النزول ص351]. 9ـ قوله تعالى: {اشْتَرَوْاْ بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلاً فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِهِ إِنَّهُمْ سَاء مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} [التوبة: 9]. روى ابن ابي حاتم والطبريُّ بالإسناد عن مجاهد قوله {اشْتَرَوْاْ بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلاً} قال: «أبو سفيان بن حرب أطعم حلفاءه وترك حلفاء محمد (صلى الله عليه [وآله] وسلم)» [تفسير ابن أبي حاتم ج6 ص 1759، تفسير الطبري ج11 ص360]. 10ـ قوله تعالى: {وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلاً} [البقرة: 41]. ذكر ابن كثير أقوالاً منها: «أنها نزلت في أبي سفيان، فإنه أنفق مالاً كثيراً على المشركين يوم بدر وأحد في عداوة النبيّ (صلى الله عليه [وآله] وسلم)» [تفسير ابن كثير ج8 ص168]. نكتفي بهذا القدر والحمد لله أولاً وآخراً
اترك تعليق