دعاء العديلة؟

ما هو رأيكم بدعاء العديلة؟

: الشيخ نهاد الفياض

الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم

اعلم ـ عزيزي السائل ـ أنَّ المراد من دعاء (العديلة) هو الدعاء المعروف الذي يبدأ بقول: «بسم الله الرحمن الرحيم شهد الله أنَّه لا إله إلَّا هو والملائكة وألو العلم، قائماً بالقسط لا إله إلَّا هو العزيز الحكيم ... الدعاء»، والمراد من العديلة هي العدول من العقيدة الحقَّة إلى العقيدة الباطلة عند الموت؛ ولذلك سمِّي بهذا الاسم.

إذا بان هذا ينبغي الكلام في عدَّة جهات:

الجهة الأولى: في مصدر الدعاء:

لعلَّ أقدم من نقل إلينا نصَّ الدعاء الكامل هو كتاب (مفتاح الجنان) المطبوع مع كتاب (زاد المعاد) للعلَّامة المجلسي (طاب ثراه)، وكتاب (مفاتيح الجنان) للشيخ عبَّاس القمِّي (طاب ثراه) [يُنظر: مفتاح الجنان ص422، مفاتيح الجنان ص142].

نعم، وردت الإشارة إلى بعض فقراته في كتاب (الشافي في شرح الكافي) للمولى خليل القزويني [ت1089هـ]، مما يدلُّ على أنَّ وجوده أسبق من ذلك [يُنظر: الشافي ج2 ص479].

الجهة الثانية: في النسبة إلى المعصوم:

إنَّ الدعاء المنقول في الكتابين المتقدِّمين لم يصرَّح بكونه من إنشاء المعصوم (عليه السلام)؛ ولذلك فلا دليل على كونه منسوباً له، بل صرَّح بعض العلماء بكونه من إنشاء بعض الأعلام وليس من المعصوم (عليه السلام)، منهم:

1ـ الميرزا النوريّ (طاب ثراه)، ونصُّه: (أمَّا دعاء العديلة المعروف فهو من مؤلَّفات بعض أهل العلم، ليس بمأثورٍ ولا موجودٍ في كتب حملة الأحاديث ونقَّادها) [مستدرك الوسائل ج1 ص93].

2ـ العلَّامة الطهرانيُّ (طاب ثراه)، ونصُّه: (دعاء العديلة: المبدوء بآية الشهادة ـ إلى ـ إنَّ الدين عند الله الإسلام، هو من إنشاء بعض العلماء، قد شرح فيه العقائد الحقَّة مع الاقرار بها والتصديق بحقِّيتها، وفصَّل فيه ما أجمل ذكره في دعاء الوصية والعهد الذي رواه الكليني في الكافي، وأوَّله (اللَّهم فاطر السماوات والأرض ـ إلى ـ إنّي أعهد إليك في دار الدنيا) وضمَّنه بعض فقرات دعاء الاعتقاد المروي في مهج الدعوات الذي رواه علي بن مهزيار عن موسى بن جعفر (عليه السلام)، فدعاء العديلة المشهور لم يكن بعين هذه الألفاظ المركَّبة المرتَّبة كذلك مأثوراً، ولا في كتب حملة الأحاديث على هذا النهج مسطوراً) [الذريعة ج8 ص192].

3ـ العلَّامة الآمليّ (طاب ثراه)، ونصُّه: (قراءة دعاء العديلة المعروفة، مما ذكره فخر المحققين (قدِّس سرُّه) من أنَّ من أراد أنْ يسلم من وسوسة الشيطان وتشكيكه عند الموت فليستحضر أصول الايمان وأدلَّتها القطعية ويودعها عند الله سبحانه، لكي يردَّها إليه وقت موته، وأمَّا نفس هذا الدعاء فهي بهذه العبارة غير مأثورة بل هي من تأليف بعض العلماء) [مصباح الهدى ج5 ص359].

الجهة الثالثة: في صحَّة الدعاء:

من الواضح لمن طالع ألفاظ الدعاء يراها مشتملةً على جملةٍ من المفاهيم الصحيحة والعقائد الحقَّة، بل تقدَّم في كلمات العلَّامة الطهرانيّ (طاب ثراه) أنَّه عبارة عن شرح وتفصيل لدعاء الوصية والعهد الوارد في الكافي.

مضافاً إلى اهتمام جملةٍ من العلماء بهذا الدعاء، وذلك بكتابة الشروح والبيانات عليه، أمثال: كتاب (السعادات النجفيَّة في شرح دعاء العديلة) للشيخ أسد الله بن محمود الجرفادقانيّ [يُنظر: الذريعة ج12 ص189]، وكتاب (شرح دعاء العديلة) للميرزا إبراهيم الحكيم، وكتاب (شرح دعاء العديلة) - بالعربيَّة والفارسيَّة - للمولى حبيب الله بن علي مدد الساوجيّ الكاشانيّ، وكتاب (شرح دعاء العديلة) للمولى علي خداورديّ التبريزيّ، وغيرها من الشروح [يُنظر: الذريعة ج13 ص ٢٥٧ـ ٢٥٨].

وعلى هذا الأساس المذكور يجوز للداعي أنْ يدعو الله تعالى بهذا الدعاء، ولكن من دون الجزم بنسبته لأئمَّة أهل البيت (عليهم السلام)، كما هو واضح، لأنَّ المدار في قبول الدعاء هو صحَّة مضمونه ومعناه، كما صرَّح بذلك بعض الأعلام [يُنظر: استفتاءات مكتب السيِّد السيستانيّ دام ظلُّه ص479].

والنتيجة المتحصَّلة من كلِّ ذلك، أنَّ دعاء (العديلة) من إنشاء بعض العلماء وأنَّ مضمونه مضمونٌ صحيح ومقبول.. والحمد لله ربِّ العالمين.