سبب تسمية سيف الأمير بذي الفقار
السؤال: ما هو الوجه والسبب في تسمية سيف أمير المؤمنين (عليه السلام) ذي الفقار بهذا الاسم؟
الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم
لا بأس أنْ يُعلم بأنَّ سيف "ذو الفقار" من أسياف النبيّ (صلَّى الله عليه وآله) نزل به جبرئيل (عليه السلام) من السماء في معركة بدرٍ أو أحد، كما بينَّاه في جوابٍ آخر تحت عنوان (حديث لا فتى إلَّا عليّ، ولا سيف إلَّا ذو الفقار). ومن بعد ما كُسر سيف أمير المؤمنين (عليه السلام) في تلك المعركة أعطاه إياه رسول الله، فقاتل به أشدَّ القتال حتَّى سمع منادياً من السماء يقول: لا سيف إلَّا ذو الفقار ولا فتى إلَّا علي، وهو من مواريث النبوَّة المودعة عند صاحب العصر والزمان (عليه السلام) بحسب ما ورد في الأخبار.
إذا بان هذا عزيزي السائل فاعلم بأنَّ المذكور في وجه التسمية ما يأتي:
أوَّلاً: ما ورد في تراث العامَّة، من أنَّ السبب في تسميته بهذا الاسم هو وجود حفرٍ وفِقَارٍ صغيرة فيه، ولذلك سمِّي بهذا الاسم.
1ـ قال ابن الآبار القضاعيّ: (ذو الفَقار، يُروى بفتح الفاء، جمع فَقَارة وبكسرها، جمع فَقْرة، سمِّي بذلك لفَقرات كانت في وسطه، وكان محلَّى قائمة من فضَّة، ونعله من فضَّة، وفي ما بين ذلك حلقٌ من فضَّة) [معجم أصحاب القاضي ص165].
2ـ وقال محبُّ الدين الطبريّ: (ذو الفقار: اسم سيف النبيّ (صلَّى الله عليه [وآله] وسلَّم) قال أبو العبَّاس: سُمِّي بذلك؛ لأنَّه كانت فيه حفرٌ صغار، والفقرة: الحفرة التي فيها. قال أبو عبيد: والمفقَّر من السيوف الذي في متنه حزوز) [الرياض النضرة ج3 ص156].
ثانياً: ما ورد في تراث الشيعة، من أنَّ السبب في إطلاق هذا الاسم عليه، هو لوجود خطٍّ مستقيمٍ في السيف، شبيهٌ بالعمود الفقريّ عند الانسان، أو لأنَّ مَن ضُرب به افتقر عن أهله وولده، وافتقر عن الجنَّة.
1ـ روى الشيخ الصدوق (طاب ثراه) عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: «إنما سُمِّي سيف أمير المؤمنين ذا الفقار، لأنَّه كان في وسطه خطٌٌّ في طوله، فشُبِّه بفقار الظهر، فسمِّي ذا الفقار بذلك، وكان سيفاً نزل به جبرئيل (عليه السلام) من السماء، وكانت حلقته فضَّة، وهو الذي نادى به منادٍ من السماء: لا سيف إلَّا ذو الفقار ولا فتى إلَّا عليّ» [علل الشرائع ج1 ص١٦٠].
2ـ وروى (طاب ثراه) أيضاً بسنده عن أبي حمزة الثماليّ قال: «سألتُ أبا جعفر محمَّد بن علي الباقر (عليه السلام) يا بن رسول، الله لم سمِّي علي (عليه السلام) أمير المؤمنين وهو اسم ما سمِّي به أحدٌ قبله ولا يحلُّ لأحدٍ بعده؟ قال: لأنَّه ميرة العلم، يمتار منه ولا يمتار من أحدٍ غيره، قال: فقلت: يا بن رسول الله، فلم سمِّي سيفه ذا الفقار؟ فقال (عليه السلام): لأنَّه ما ضَرب به أحداً من خلق الله إلَّا افقره من هذه الدنيا، من أهله وولده، وأفقره في الآخرة من الجنَّة» [علل الشرائع ج1 ص١٦٠].
أقول: ولا تنافي بين الروايتين، إذِ الرواية الأولى تُشير إلى وصفه الماديّ، من أنَّه سيفٌ يحتوي على خطٍّ في طوله، بينما الثانية تُشير إلى وصفه المعنويّ، وأنَّه سيفٌ ما ضُرب به أحدٌ إلَّا وهلك في الدنيا والآخرة.
والنتيجة المتحصَّلة من جميع ما تقدَّم، أنَّ الوجه المقبول في تسمية بهذا الاسم هو ما روي عن الأئمَّة (عليهم السلام)، إذْ هم الورثة لهذا السيف، كما أسلفنا سابقاً .. والحمد لله ربِّ العالمين.
اترك تعليق