ممكن توضيح الخلاف في تزويج عمر من أمّ كلثوم

نريد بحثاً بشأن كذبة زواج عمر من ام كلثوم وكذلك بحث عن جمع القران

: السيد رعد المرسومي

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:

تزويج أمّ كلثوم من عمر بن الخطاب من القضايا التاريخيّة التي أثارت جدلا واسعا بين الشيعة وأهل السنّة في أصل الوقوع وكيفيّته ودوافعه. فبعض أهل السنّة أكّد وقوع الزواج ورأى أنّ ذلك دلالة واضحة على عدم وجود خلاف فيما بين الإمام عليّ (ع) وعمر. ونفت بعض مصادر الشيعة أصل الزواج وأسقطت اعتبار الروايات القائلة به. وفي مقابل هذا الرأي، أجاب بعض علماء الشيعة أنّه لو سلّمنا وقوع هذا الزواج فإنّه كان عن إكراهٍ، وأُرْغِمَ الإمام عليّ (ع) على القبول بهذه المصاهرة ، فدلّت روايات عديدة من مصادر الحديث الشيعيّة على ذلك.

وفيما يلي بيان الآراء الثلاثة في المقام.

الرأي الأوّل: أكّدت غالبيّة مصادر أهل السنّة على حصول زواج أمّ كلثوم بعمر كما في ( تاريخ مدينة دمشق، ج19، ص 486. وطبقات ابن سعد، ج8، ص 464؛ والمصنّف، ج6، ص 163)؛ حتّى ذكروا مقدار المهر وعدد أولادهما، إذْ روى الطبري في تاريخه (ج3 ص270 ): أنّ عمر خطب في البداية أمّ كلثوم بنت أبي بكر من عائشة، غير أنّ أم كلثوم رفضت هذا العرض لقساوة عمر بالتعامل مع النساء، فتوسّلت عائشة بعمرو بن عاص لينسحب عمر من خطوبته، فاقترح بن العاص على عمر أمّ كلثوم بنت الإمام بدعوى مصاهرته لرسول الله صلّى الله عليه وآله كما في (الكامل في التاريخ ج3 ص54 و55 ؛البداية والنهاية ج7 ص157.). وقد نقلت بعض مصادر أهل السنة أنّ الخطوبة تمّت دون وساطة أحد وجاءت فيها: أنّ عمر خطب أمّ كلثوم لنفسه من عليّ (ع) فردّ عليه بأنّها صغيرة، فأعقب عمر أنّها ليست صغيرة بل لا تريد أن تزوّجها لي. إذنْ: أرسلها لي حتّى أراها، فأرسلها الإمام عليّ (ع) لعمر. بعد أن اطّلع عمر على أمّ كلثوم قال لها: ارجعي إلى أبيك وقولي له عنّي: إنّه ليس كما قلت. ثمَّ وافق عليّ (ع) على زواجها كما في (طبقات ابن سعد، ج8، ص 463).

ونقلت بعض النصوص الروائيّة لأهل السنّة أنّ عمر عمد إلى لمس ساق رجلها أو ساقها أو ضمّها إليه ، فواجهته أمّ كلثوم بحدّة وقالت: لولا أنّك أمير المؤمنين لعميتك وكسرت أنفك. ثمّ خرجت من عنده وعادت إلى أبيها فأخبرته بما جرى وقالت: أرسلتني إلى شيخ سوء.كما في (الاصابة، ج 8، ص 464؛ سير أعلام النبلاء، ج3، ص 501؛ الاستيعاب، ج4، ص 1955.)، فعلّق سبط ابن الجوزيّ على هذه الرواية فقال: هذا قبيح. والله، لو كانت أَمَةً لما فعل بها هذا، ثمَّ بإجماع المسلمين، لا يجوز لمس الأجنبيّة، فكيف ينسب إلى عمر هذا، فكذّب الخبر وضعّف الرواية كما في (تذكرة الخواصّ، ص 321.). 

ثُمَّ إنّ بعض علماء الشيعة سلّم بوقوع هذا الزواج كما في ( قاموس الرجال، ج12، ص 216؛ الرسائل، ج3، ص 149؛ الكافي ج5، ص 346.) . فروى الكلينيّ في كتابه (الكافي، ج 6، ص 114، 115.): أنّ الإمام عليّاً (ع) بعد أن توفّي عمر أخذ بيد ابنته أمّ كلثوم، وذهب بها إلى بيته. وقد جاءت في المصادر أنّ من تولّى زواج أمّ كلثوم هو نفس الإمام عليّ (ع) كما في (طبقات ابن سعد، ج8، ص 463)، والبعض منها ذكر عباس بن عبد المطلب والبعض الآخر يروي أنّ الحسن والحسين (عليهما السلام) هما من زوّجا أختهما للخليفة الثاني عمر بن الخطاب.

وقد سلّم بعض علماء الشيعة بوقوع الزواج المذكور استناداً للروايات، وعَـدّ حصوله بالإكراه والقهر. فمثلاً يقول السيّد المرتضى: اضطرّ الإمام عليّ (ع) تقيةً بواسطة عمّه إلى زواج أمّ كلثوم لعمر. وفي معرض سؤال له حول زواج أمّ كلثوم بعمر يقول السيّد المرتضى: تمَّ هذا الزواج بعيداً عن رغبة الإمام (ع) ورضاه، بل تمّ الأمر بعد طلبات متكررّة وبتعسّف واضطهاد شديدين مورسا على الإمام (ع) حتّى أوشك وقوع شجار ومرافعة لهذه القضيّة كما في (الرسائل، ج3، ص 149.)،وقد دلّت على ذلك روايات عديدة؛ فمثلاً سُئل الإمام الصادق (ع) حول تزويج أمّ كلثوم بعمر فيقول (ع): ذلك فرج غصبناه أو غصبنا عليه كما في (الكافي، ج5، ص 346.). وورى أيضاً في كتاب الكافي  (ج5، ص 346.): أنّ أمير المؤمنين (ع) رفض طلب عمر للزواج وقال له: إنّها (أمّ كلثوم) صبيّة. ذهب عمر إلى عباس بن عبد المطلب عمّ الإمام (ع)، فقال: خطبت إلي ابن أخيك فردّني، فوالله لأطمطم بئر زمزم، ولا أدع لكم (بني هاشم) مكرمة إلّا هدمتها، ولأقيمنَّ عليه [أي على الإمام عليّ (ع)] شاهدين أنّه سرق ولأقطعنَّ يمينه! فأتى العباس أمير المؤمنين (ع) فأخبره، وسأله أن يجعل أمر زواج أمّ كلثوم إليه، فجعله (ع) إليه.

الرأي الثاني: احتمل بعض العلماء من الفريقين أنّ أمّ كلثوم التي تزوّجت عمر بن الخطاب هي بنت أبي بكر وليست بنت الإمام عليّ (ع). فمال النوويّ أحد علماء أهل السنّة إلى هذا الرأي في كتابه تهذيب الأسماء (ج2، ص 630)، وذهب آية الله المرعشيّ النجفيّ إلى هذا القول في هامش كتابه إحقاق الحقّ (ج 2، ص 490) ، ورأى أنّ أمّ كلثوم التي تزوّجت عمر هي بنت أسماء بنت عميس من أبي بكر التي أصبحت ربيبة الإمام عليّ (ع) بعد وفاة أبي بكر وزواج الإمام (ع) بأسماء، وأمّ كلثوم المعنيّة في روايات تزويج عمر هي ابنة أبي بكر. ولأنّ أمّ كلثوم هي ربية الإمام عليّ (ع)، فلهذا أخطأ المؤرّخون وعرّفوا أمّ كلثوم أنّها بنت الإمام (ع).

الرأي الثالث: نفى بعض علماء الشيعة أصل وقوع الزواج جملة وتفصيلاً. قال الشيخ المفيد: إنّ الخبر الوارد بتزويج أمير المؤمنين (ع) ابنته من عمر لم يثبت لدينا، وطريقته من الزبير بن بكار ولم يكن موثوقا به في النقل، وكان متّهما فيما يذكره من بغضه لأمير المؤمنين (ع) وغيرمأمون كما في (المسائل السروية، ص 86و87)، في حين سلّم الشيخ المفيد نفسه في كتاب آخر له بثبوت الزواج كما في (المسائل العكبرية، ص 60). وهناك قول آخر في المقام نقله ابن شهر آشوب عن أبي محمّد النوبختيّ جاء فيه: حصل عقد قران أمّ كلثوم بعمر، لكنّها كانت صغيرة وصبر عمر حتّى كبرت، لكنّ عمر فارق الحياة قبل زفافها إليه كما في (المناقب، ج3، ص 189). 

وقد كتب ذبيح الله محلاتي قائلاً: ولو تأمّلنا قليلا لوجدنا يقينا عدم حدوث هذا الزواج من أصله كما في (رياحين الشريعة، ج3، ص 245.)، كما فنّد بعض المعاصرين أصل وقوع الزواج مع ذكر بعض الأدلّة النافية له، إذْ أورد الآغا بزرك الطهرانيّ مؤلّفات في شأن إنكار حصول زواج أمّ كلثوم بنت الإمام عليّ (ع) في موسوعته، منها.

1-إفحام الأعداء والخصوم في نفي عقد أمّ كلثوم تأليف ناصر حسين بن أمير حامد حسين.

2- تزويج أمّ كلثوم وإنكار وقوعه لمحمّد جواد البلاغيّ.

3- رسالة في تزويج عمر لأمّ كلثوم لسليمان الماحوزيّ بنت عليّ (ع)، إذْ أنكر حدوث الزواج.

4- العجالة المفحمة في إبطال رواية نكاح أمّ كلثوم للسيّد مصطفى دلدار النقويّ.

5- قول محتوم في عقد أمّ كلثوم للسيّد كرامة عليّ الهنديّ.

6- كنزٌ مكتوم في حلِّ عقد أمّ كلثوم للسيّد علي أظهر الهنديّ.

7- تزويج أمّ كلثوم من عمر للسيّد عليّ الميلانيّ

8- ظلامة أمّ كلثوم للسيّد جعفر مرتضى العامليّ.هذا ما لدينا باختصار عن هذا الموضوع، وأمّا قضيّة جمع القرآن فقد أجبنا عن هذه المسالة المكرّرة كثيراً وبإمكانك الرجوع  إلى موقعنا لتعرف ذلك. ودمتم سالمين.