من المفاهيم القرآنية المرتبطة بالمعاد وتطلق على مكان يقع بين أهل الجنة وأهل النار. وقد استعملت هذه الكلمة مرّتين في القرآن الكريم وبالتحديد في سورة الأعراف الآيات 46 و48. ويفهم من هذه الآيات أن على الأعراف رجالاً من المقرّبين يشفعون بأذن الله تعالى.
الأعراف في اللغة جمع عرف بمعنى المحل والموضع المرتفع وعُرْفُ الديك لحمة مستطيلة في أعلى رأسه يشبه به بظر الجارية وعُرْفُ الدابة الشعر النابت في محدب رقبتها(1).
الأعراف في الاصطلاح: هو حجاب مرتفع بين الجنة والنار يشرف عليهما، وعليه رجال يعرفون أهل الجنة وأهل النار معرفة تامة. قال تعالى: ((وبينهما حجاب وعلى الأعراف رجال يعرفون كلاً بسيماهم)).
وقد اختلفت كلمة الأعلام في خصوص المراد من الأعراف في القرآن الكريم فذكر المفسّرون آراء مختلفة في ذلك(2)، يشترك أكثرها في معنى واحد وهو جدار بين أهل الجنة وأهل النار(3).
يرى السيد العلامة الطباطبائي، أن المراد بالأعراف أعالي الحجاب الذي بين الجنة والنار وهو المحل المشرف على الفريقين أهل الجنة وأهل النار جميعا، فأصحاب الأعراف هناك مطلين على أهل الجنة وأهل النار معاً(4)، وبما أن ظهر الأرض في القيامة مستوٍ فيكون المراد من الارتفاع - بطبيعة الحال – مقام الأفراد المرتفع وهو مقام الشفاعة.
وعن مجاهد وهو من مفسّري التابعين، إن الأعراف سور كالذي يحيط بالمدن القديمة وله أبواب. وفي صعيد هذا التفسير يرى بعض العلماء المتأخرين أن الأعراف هو نفس الحائل المذكور في سورة الحديد(5)، الذي يجعله الله سبحانه بين المؤمنين والمنافقين في الآخرة وله باب تشرّف من الباطن على الجنة ومن الظاهر على النار.
نقل عن الحسن البصري والزجاج بأنهما فسّرا الأعراف بالمعرفة، أي يوجد في يوم القيامة رجال مطلعون على حال الناس و يعرفون أهل الجنة والنار من خلال سيمائِهم(6)، وهذا ما ذهب إليه صدر المتأهلين متخذا من قوله تعالى: ((يَعْرِفُونَ كُلاً بِسيماهُمْ))(7)، شاهداً على هذا المعنى(8).
__________________
(1) معجم تهذيب اللغة، ج3، ص2404، لسان العرب، ج9، ص241.
(2) الميزان، ج8، ص126.
(3) تصحيح الاعتقادات، المفيد، ص223، المفردات، الأصفهاني، ص332.
(4) الميزان، ج8، ص121.
(5) سورة الحديد، الآية (13).
(6) التفسير الكبير، الرازي، ج14، ص87، جامع البيان، الطبري، ج5، ص241.
(7) سورة الأعراف، الآية (46).
(8) العرشية، صدر الدين الشيرازي، ج1، ص90