الإِمَامَةُ هِيَ امْتِدَادٌ لِلنُّبُوَّةِ.

نَصِيرٌ كَاظِمٌ صَالِحٌ العِصَامِي:       كُلُّ شَيْءٍ فِي هَذَا الكَوْنِ يَبْدَأُ كَمَا نَعْلَمُ بِأَمْرِ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وَعَلَيْهِ فَبِدَايَةُ النُّبُوَّةِ انْتَهَتْ بِالوَفَاةِ وَهُوَ الخَاتَمُ، فَهَلْ انْتَهَتْ الرِّسَالَةُ المُحَمَّدِيَّةُ؟ هَلْ انْقِطَاعُ الوَحْيِ أَوْقَفَ الرِّسَالَةَ عَنْ مُوَاصَلَةِ مَهَامِّهَا؟ إِنَّ الإمَامَةَ لَا زَالَتْ مَوْجُودَةً وَحَتْمِيَّةً عَمَلُهَا وَاضِحٌ لِلعَيَانِ بِقَائِمِ آلِ مُحَمَّدٍ (عَجَّلَ اللهُ فَرَجَهُ الشَّرِيفَ)، فَالخَاتَمُ كَشَخْصٍ هُوَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) خَاتَمُ الأَنْبِيَاءِ وَالمُرْسَلِينَ، الخَاتِمِيَّةُ لِلرِّسَالَةِ الإِسْلَامِيَّةِ أَنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الإِسْلَامُ، وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلَامِ دِينًا فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ، وَلِذَلِكَ اسْتَمَّرَتْ النُّبُوَّةُ بِالإِمَامَةِ لَا بِالخِلَافَةِ وَالسُّلْطَةِ الحَاكِمَةِ؟

: اللجنة العلمية

     الأَخُ نَصِيرٌ المُحْتَرَمُ.. السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ.

     مِنْ المَعْرُوفِ أَنَّ لِلنُّبُوَّةِ مَهَامًّا إِضَافَةً لِتَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ، فَقَدْ كَانَتْ مِنْ مَهَامِّ النَّبِيِّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) إِضَافَةً لِتَبْلِيغِ الوَحْيِ:

     1- بَيَانُ آيَاتِ القُرْآنِ الكَرِيمِ، وَتَوْضِيحُ مَقَاصِدِهِ، وَهُوَ مَا يُشِيرُ إِلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ) النَّحْلُ 44.       

     2- بَيَانُ أَحْكَامِ المَوْضُوعَاتِ، فَعِنْدَ نُزُولِ قَوْلِهِ تَعَالَى: (أَقِيمُوا الصَّلَاةَ)، لَمْ يَعْرِفِ المُسْلِمُونَ كَيْفَ يُقِيمُونَهَا فَقَالَ لَهُمْ (ص): (صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي).

      3 - الرَّدُّ عَلَى الحَمَلَاتِ التَّشْكِيكِيَّةِ بِالإِسْلَامِ، وَالتَّصَدِّي لِلمُغْرِضِينَ وَأَهْلِ الشُّبُهَاتِ، وَقَدْ ذَكَرَ القُرْآنُ الكَرِيمُ بَعْضَ هَذِهِ المَوَاقِفِ مِنْ التَّصَدِّي لِلمُشْرِكِينَ وَنَصَارَى نَجْرَانَ وَغَيْرِهِمْ.

     4 - صِيَانَةُ الدِّينِ مِنَ التَّحْرِيفِ وَالدَّسِّ، وَمُرَاقَبَةُ تَطْبِيقِهِ حَتَّى لَا تَنْحَرِفَ الشَّرِيعَةُ عَنْ مَسَارِهَا.

     فَهَذِهِ المَهَامُّ لِلنَّبِيِّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ)، وَهِيَ بَعِيدَةٌ عَنْ مَوْضُوعِ التَّبْلِيغِ، وَأَكْثَرُهَا أُمُورٌ عَمَلِيَّةٌ فِي تَطْبِيقِ الشَّرِيعَةِ وَالمُحَافَظَةِ عَلَيْهَا، كَانَ يَقُومُ بِهَا الرَّسُولُ (ص)، فَهَلْ تَرَاهُ تَنْقَطِعُ الحَاجَةُ إِلَيْهَا بِمَوْتِهِ (ص) وَغِيَابِهِ؟!!

     لَا يُمْكِنُ لِعَاقِلٍ أَنْ يَقُولَ بِذَلِكَ، فَحَاجَةُ الأُمَّةِ إِلَى بَيَانِ آيَاتِ القُرْآنِ مَا زَالَتْ مُسْتَمِرَّةً بَعْدَ مَوْتِ النَّبِيِّ (ص)، وَكَذَلِكَ الحَاجَةُ إِلَى بَيَانِ أَحْكَامِ المَوْضُوعَاتِ مَا زَالَتْ مُسْتَمِرَّةً، وَكَذَلِكَ التَّصَدِّي لِشُبُهَاتِ التَّشْكِيكِ وَالنَّيْلِ مِنْ الإِسْلَامِ مَا زَالَ مُلِحًّا وَمَطْلُوبًا، وَكَذَلِكَ الوُقُوفُ بِوَجْهِ الوَضَّاعِينَ وَالكَذَّابِينَ الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِالشَّرِيعَةِ مِنْ خِلَالِ الدَّسِّ وَالوَضْعِ مَا زَالَ مَطْلُوبًا وَقَائِمًا.. فَمَنْ تَرَاهُ يَقُومُ بِهَذِهِ المُهِمَّاتِ العَظِيمَةِ بَعْدَ النَّبِيِّ (ص)؟!!

     لَابُدَّ مِنْ وُجُودِ شَخْصٍ مُؤَهَّلٍ لِلقِيَامِ بِهَذِهِ المُهِمَّاتِ العَظِيمَةِ، أَوْ عِدَّةِ أَشْخَاصٍ يَتَوَلَّوْنَ القِيَامَ بِهَذِهِ المَهَامِّ عَلَى التَوَالِي، وَهُوَ المَعْنَى الَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ حَدِيثُ الثَّقَلَينِ بِشَكْلٍ وَاضِحٍ وَصَرِيحٍ حِينَ قَالَ:

     {إِنِّي تَارِكٌ فِيكُمْ خَلِيفَتَيْنِ: كِتَابَ اللهِ، حَبْلٌ مَمْدُودٌ مَا بَيْنَ الأَرْضِ وَالسَّمَاءِ، وَعِتْرَتِي أَهْلَ بَيْتِي، وَإِنَّهُمَا لَنْ يَتَفَرَّقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الحَوْضَ} [صَحِيحُ الجَامِعِ الصَّغِيرِ لِلأَلْبَانِيِّ 1: 482].

     وَحِينَ قَالَ:

     {إنِّي تَارِكٌ فِيكُمْ مَا إِنْ تَمَسَّكْتُمْ بِهِ لَنْ تَضِلُّوا بَعْدِي، أَحَدُهُمَا أَعْظَمُ مِنْ الآخَرِ: كِتَابَ اللهِ، حَبْلٌ مَمْدُودٌ مِنْ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ، وعِتْرَتِي أَهْلَ بَيْتِي، وَلَنْ يَتَفَرَّقَا حَتَّى يَرِدَّا عَلَيَّ الحَوْضَ، فَانْظُرُوا كَيْفَ تَخْلُفُونَنِي فِيهِمَا} [مُخْتَصَرُ صَحِيحِ الجَامِعِ الصَّغِيرِ للسُّيُوطِيِّ وَالأَلْبَانِيِّ، رَقْمُ الحَدِيثِ 1726 - 2458]. 

     وَدُمْتُمْ سَالِمِينَ.