بَيَانُ مَعنَى كَلِمَةِ (البِدَاءِ) الوَارِدَةِ فِي زِيَارَةِ الإمَامَينِ العَسكَريّينِ (ع).

Hassnain Al-Zaim: السَّلَامُ عَلَيكُم وَرَحمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ .. وَرَدَ فِي زِيَارَةِ الإمَامَينِ العَسكَرِيَّينِ (عَلَيهِمَا السَّلَامُ): (....اَلسَّلامُ عَلَيْكُمَا يَا مَنْ بَدَا للهِ فِي شَأْنِكُمَا.....) فَمَا المَقصُودُ بِهَذِهِ الجُمْلَةِ؟

: اللجنة العلمية

الأخُ المُحتَرَمُ، السَّلَامُ عَليكُم وَرَحمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ

بَادِئَ ذِي بِدءٍ لَا بُدَّ أنْ نَتَكَلَّمَ عَنْ أصْلِ الزِّيَارَةِ الَّتِي وَرَدَ فِيهَا المَقطَعُ المَذكُورُ ثُمَّ نُعَرِّجُ بَعدَ ذَلِكَ عَلى بَيَانِ المَقطَعِ الوَارِدِ فِيهَا، فَنَقُولُ:

إنَّ الزِّيَارَةَ الَّتِي جَاءَ فِيهَا (اَلسَّلامُ عَلَيْكُمَا يَا مَنْ بَدَا للهِ فِي شَأْنِكُمَا) ذَكَرَهَا صَاحِبُ كَامِلِ الزِّيَارَاتِ صَفحَة 520 رِوَايَة رَقَم ( 802 )، وَغَيرُهُ، فِي حِينِ أنَّ غَيرَ وَاحِدٍ مِنَ العُلَمَاءِ نَقَلَهَا وَلَيسَ فِيهَا المَقطَعُ المَذكُورُ، مِنهُمُ الشَّيخُ الصَّدُوقُ رَحِمَهُ اللهُ حَيثُ ذَكَرَ الزِّيَارَةَ بِعَينِهَا فِي الفَقِيهِ [ج ٢ ص ٣٦٨]، وَلَمْ يَرِدْ فِيهَا (اَلسَّلامُ عَلَيْكُمَا يَا مَنْ بَدَا للهِ فِي شَأْنِكُمَا)، هَذَا فَضْلَاً عَنْ كَونِ الزِّيَارَةِ مُرسَلَةً وَلَا سَندَ لَهَا يُذكَرُ أصلَاً، حَيثُ أورَدَهَا صَاحِبُ كَامِلِ الزِّيَارَاتِ كَذَلِكَ، قَائِلَاً: (رُويَ عَنْ بَعضِهِمْ أنَّهُ قَالَ ... )، إذَنْ فَهَذِهِ الزِّيَارَةُ لَا يُعْلَمُ صِحَّةُ صُدُورِهَا عَنِ المَعْصُومِ (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وُكُلُّ مَنْ نَقَلَهَا مِنَ الأعلَامِ لَمْ يَذكُرْ سَنَدَاً لَهَا.

وَلَو سَلَّمْنَا بِصِحَّةِ الزِّيَارَةِ وَصِحَّةِ صُدُورِهَا عَنِ المَعصُومِ (عَليهِ السَّلَامُ) فَإنَّ مَعنَى المَقطَعِ المَذكُورِ الوَارِدِ فِيهَا هُوَ: أنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ أظهَرَ أمْرَاً مِنْ أُمُورِ وَشُؤُونِ الإمَامَينِ العَسكَرِيَّيْنِ كَانَ خَافِيَاً عَنِ النَّاسِ غَيرَ بَيِّنٍ عِندَهُمْ، إذْ كَانَ يَبدُو لَهُمْ أنَّ الإمَامَ بَعدَ الهَادِيْ (عَلَيهِ السَّلَامُ) هُوَ إبنُهُ السَّيِّدُ مُحَمَّدٌ سَبعُ الدُّجَيلِ.

وَلَيسَ لَفظُ (البِدَاءِ) الوَارِدُ فِي المَقطَعِ المَذكُورِ بِالمَعنَى الَّذِي يُفتَرَى بِهِ عَلَى الشِّيعَةِ الإمَامِيَّةِ، فَالإمَامَةُ لَيسَتْ مَورِدَاً لِلبِدَاءِ، يَقُولُ الشَّيخُ المُفِيدُ رَحِمَهُ اللهُ: (وَأمَّا الإمَامَةُ فَإنَّهُ لَا يُوصَفُ اللهُ فِيهَا بالبِدَاءِ، وَعَلى ذَلِكَ إجْمَاعُ فُقَهَاءِ الإمَامِيَّةِ، وَمَعَهُمْ فِيهِ أثَرٌ عَنهُمْ -عَلَيهِمُ السَّلَامُ- أَنَّهُمْ قَالُوا: "مَهمَا بَدَا للهِ فِي شَيءٍ فَلا يَبدُو لَهُ فِي نَقلِ نَبيٍّ عَنْ نُبُوَّتِهِ وَلا إِمَامٍ عَنْ إمَامَتِهِ، وَلَا مُؤمِنٍ قَدْ أخَذَ عَهدَهُ بالإيمَانِ عَنْ إيمَانِهِ" ... ). [الفُصُولُ المُختَارَةُ، ص309].

وَدُمتُمْ سَالِمِينَ.