لِماذا السُّجُودُ على تُربةِ كربلاءَ والتُّربةِ الحسينيَّةِ؟
Zain AI Abdeen: خُدَّامُ أَهلِ البيت ﴿عَلَيهِمُ السَّلَامُ﴾ آلِ رسولِ ٱلله﴿ﷺ﴾: السَّلامُ عَلَيكُم:- لماذا نَخُصُّ أَرضَ كربلاءَ بالسُّجُودِ عليها دونَ أَرضِ مكَّةَ والمدينةِ مثلاً، هل هِي أَطهرُ مِنهُما؟ 1-هل يُوجَدُ دليلٌ مِنَ القرآنِ الكريمِ في السُّجُودِ على التُّرابِ أَو على الأَرضِ؟ 2-لماذا الشِّيعةُ يَسجُدونَ على التُّربةِ الحسينيَّةِ؟
الأَخُ المحترمُ:
السَّلامُ عَلَيكُم وَرَحمَةُ ٱللهِ وَبَرَكَاتُهُ:
1. الأَصلُ عِندَنا في شرطِ صَحَّةِ السُّجُودِ إِنَّما هُو السُّجُودُ على الأَرضِ وما أَنبتَت مِن غيرِ المأكولِ أَوِ الملبوسِ. فهذهِ هِي الضَّابِطةُ المُصحِّحةُ لِلسُّجُودِ الواجبِ في الصَّلواتِ الواجبةِ ولا نَشترطُ تخصيصَ السُّجُودِ بشيءٍ مخصوصٍ كتُربةِ كربلاءَ وغيرِها.
2. إِنَّ تخصيصَ السُّجودِ على تربةِ كربلاءَ لا يُلازمُ كونها أَفضلُ مِن غيرِها فالخُصوصيَّاتُ محفوظةٌ لِصاحبِ الخُصوصيَّةِ مِن جهةٍ معينةٍ دونَ القولِ بأَفضليَّتِهِ مِن جميعِ الجهاتِ. كما في الخِضرِ وموسى ﴿عَلَيهِما السَّلَامُ﴾ كون أَحدِهِما أَعلمَ في علمِ الباطنِ والآخرِ أَعلمَ في علمِ الظَّاهرِ وكما في كونِ موسى﴿ع﴾ كليمَ ٱلله وإِبراهيمَ﴿ع﴾ خليلَ ٱللهِ فهذا لا يَجعلُهُم أَفضلَ مِن رسولِ ٱلله محمَّدِ﴿ﷺ﴾ كما هو واضحٌ.
3. لا يُوجَدُ ذِكرٌ صَريحٌ في القرآنِ الكريمِ على وُجوبِ السُّجُودِ على الأَرضِ أَو خِلافِ ذلكَ، ولكن يُمكنُ أَن يُستفادَ السُّجودُ على الأَرضِ لكونِهِ هوَ الأصلَ في السُّجودِ حيثُ ذُكِرَ السُّجُودُ في القرآنِ الكريمِ في مواضعَ فيها مثلُ هذهِ الإِشاراتِ والمعاني ويُؤيِّدُهُ مثلُ:
قوله تعالى: ﴿فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا﴾ الأَعراف/ 143.
وكذا قوله تعالى: ﴿وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ﴾. البقرة/ 125. والمسجدُ منذُ زمنِ إبراهيمَ﴿ع﴾ وإِسماعيلَ﴿ع﴾ ومُحَمَّدٍ﴿ﷺ﴾ وإِلى يَومِنا هذا هُو أَرضٌ لم تُفرشْ.
وكذا قوله تعالى: ﴿وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ﴾ البقرة/ 58.
وكذا يُشير إِلى السُّجُودِ على الأَرضِ دونَ الفراشِ مثلُ قوله تعالى: ﴿إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى﴾ طه/ 12. فالوادي قَطعاً غيرُ مَفروشٍ.
4. أَمَّا خُصوصيَّةُ كربلاءَ فلِلرُّواياتِ الَّتِي تُفَضِّلُ السُّجُودَ على تُربتِها ولعلَّها غيرُ ناظرةٍ لِآَفضليَّةِ الأَرضِ بما هِي أَرضٌ مقدَّسةٌ وعدمُ مقارنتِها بغَيرِها وإِنَّما لِرمزيَّةٍ فيها اكْتَسَبَتْهَا مِن خُصوصيَّةِ تَضحيةِ الإمام الحُسَين﴿ع﴾ فوقَها وما لاقاهُ مِن تعذيبٍ وتقتيلٍ في سبيلِ ٱللهِ ودينِهِ القويمِ عندَها وقوَّةِ إِرادتِهِ وكرامتِهِ وصبرِهِ العظيم في سبيلِ تحقيقِ هذا الهدفِ فخصَّتْهُ الرُّواياتُ بالفضلِ والمَزِيَّةِ بأن السُّجُودَ على تربتِهِ تَخرُقُ الحُجُبَ وجُعِلَ الشفاءُ في تربتِهِ ويُجابُ عندَه الدُّعاءُ وهذا لا يُنافِي أَشرفيَّةِ مكَّةَ والمدينةِ وقدْسيَّتَيهِمَا وإِجابةُ الدُّعاءِ عندَها أَبداً وبالتَّأكيدِ لا تُتصوَّرُ الأَطهريَّةُ عليهما.
5. لقد وردَت رواياتٌ كثيرةٌ تكادُ تبلغُ التَّواترَ عندَ العامَّةِ - بالإضافة إِلى رُواياتِ الخاصَّةِ عندَنا - تُبَيِّنُ وتُشير إِلى خُصوصيَّةِ تُربةِ كربلاءَ واهتمامِ ٱللهِ تعالى بها دونَ غيرِها فقد يكونُ في هذه الرُّوَايَاتِ ومُؤَدَّاها مِنَ الإِشاراتِ الكافيةِ والواضحةِ لِأَفْضَليَّتِها وخُصوصيَّتِها وسِرِّ تَخصِيصِها بالسُّجُودِ والتَّعظِيمِ.
فقد روى الهَيثَمِيُّ في مَجمعِ زوائدِهِ(9/ 185) أَكثرَ مِن عشرِ رواياتٍ - سنَذكُرُ بعضَها وبعضَ أَلفاظِها - مِمَّا يَدُلُّ على اهتمامِ ٱللهِ تعالى بها وتعظيمِها مِنها:
عن أَنَسِ بنِ مالك إِنَّ مَلكَ القطْرِ استأذَنَ أَن يأتيَ النبيّ﴿ﷺ﴾ فأُذِنَ لهُ فقال لِأُمِّ سلمةَ إِمْلِكِ علينا البابَ لا يدخلُ علينا أَحدٌ قال وجاءَ الحُسَينُ بنُ عَلَيٍّ؛ لِيدخلَ فمنعتْهُ فَوَثَبَ فدخلَ فجعلَ يَقْعُدُ على ظهرِ النبيّ﴿ﷺ﴾ وعلى مَنكبِهِ وعلى عاتقِهِ قال: فقالَ المَلَكُ لِلنَّبِيِّ﴿ﷺ﴾ أَتُحِبُّهُ؟ قال نَعَمْ قال إِنَّ أُمَّتَكَ سَتَقْتُلُهُ وإِنْ شِئتَ أَرَيتُكَ المكانَ الَّذِي يُقتَلُ به، فَضَرَبَ بِيَدِهِ فجاءَ بَطِينَةٍ حمراءَ فأَخَذَتْها أُمُّ سَلَمَة فَصَرَّتْهَا في خِمَارِها قال ثابتٌ بَلَغَنَا أَنَّهَا كربلاءُ. رواهُ أَحمدُ وأَبو يَعلَىٰ والبَزَّارُ والطَّبْرَانِيُّ بِأَسَانيدَ وفِيها عِمارةُ بْنُ زاذان وَثَّقَهُ جماعةٌ وفيهِ ضَعْفٌ، وبَقِيَّةُ رجالِ أَبِي يَعلَىٰ رجالُ الصَّحِيحِ.
أ. وعن نَجِي الحَضْرَمِيّ أَنَّهُ سارَ مع عَلِيٍّ وكانَ صاحبَ مَطهرَتِهِ فلمًّا حاذى نَينَوى وهو مُنطلِقٌ إِلَى صِفِّينَ فنادَى عَلِيٌّ: إِصبِر أَبَا عبدِ ٱللهِ إِصبِر أَبَا عبدِ ٱللهِ بِشَطِّ الفُراتِ قلتُ: وما ذاكَ؟ قال دخلتُ على النبيّ﴿ﷺ﴾ ذاتَ يومٍ وإِذا عيناهُ تَذرِفانِ قلتُ: يا نَبِيَّ ٱلله أَغْضَبَكَ أحدٌ؟ ما شأنُ عينَيكَ تَفيضانِ؟ قال: بل قامَ مِن عندِي جبريلُ﴿ع﴾ قيلَ: فَحَدَّثَنِي أَنَّ الحُسَينَ يُقتَلُ بِشَطِّ الفُراتِ، قال، فقال: هل لَكَ أًن أَشَمًّكَ مِن تُربتِهِ؟ قلتُ: نَعَمْ، قال: فمدًّ يدَهُ فقبضَ قبضةً مِن تُرابٍ فأَعطَانِيها فلم أَملِكُ عَينيَّ أَنْ فاضتا. رواهُ أَحمدُ وأُبو يَعلَىٰ والبزارُ والطَّبَرَانِيُّ ورجالُهُ ثِقاتٌ ولم يًنفردْ نَجِيُّ بهَذا.
ب. وعن عائِشَةَ أَو أُمِّ سلمة أَنَّ النبيّ﴿ﷺ﴾ قال لِإِحْدَاهُما: لَقَد دَخَلَ عَلَيَّ البيتَ مَلَكٌ فلم يَدخلْ عَلَيَّ قبلَها قال: إِنَّ ٱبنَكَ هذا حُسَينَ مَقتولٌ، وإِنْ شِئتَ أَريتُكَ مِن تُربةِ الأَرضِ الَّتِي يُقتَلُ بهَا، قال فأَخرَجً تربةً حمراءَ. رَواهُ أَحمدُ ورجالُهُ رجالُ الصَّحيحِ.
ت. وعن عائِشَةَ قالت: دخل الحُسَينُ بنُ عَلِيٍّ على رسولِ ٱللهِ﴿ﷺ﴾ وهُو يُوحَىٰ إِليهِ فَنَزَا عَلَى رسولِ ٱلله﴿ﷺ﴾ وهُو مُنْكَبٌ عَلَى ظهرِهِ، فقالَ جِبريلُ لِرسولِ ٱلله﴿ﷺ﴾: أَتُحِبُّهُ يا مُحَمَّدُ؟ قال: يا جِبريلُ ومالي لا أُحِبُّ ٱبنِي قال: فإِنَّ أُمَّتَكَ سَتَقْتُلُهُ مِن بَعدِكَ فمَدَّ جِبريلُ﴿ع﴾ يَدَهُ فأَتَاهُ بِتُربةٍ بَيضاءَ فقالَ في هذهِ الأَرضِ يُقتَلُ ٱبْنُكَ هذا وٱسْمُها الطَّفُّ فلمَّا ذَهَبَ جِبريل﴿ع﴾ مِن عندِ رسولِ ٱلله﴿ﷺ﴾ خَرَجَ رسولُ ٱلله﴿ﷺ﴾ والْتَزَمَهُ في يدِهِ يَبكي فقالَ يا عائِشَةُ إِنَّ جبريلَ أَخبرنِي أَنَّ ٱبنِي حُسَينَ مَقتولٌ في أَرضِ الطَّفِّ وأَنًّ أُمَّتِي سَتُفْتَنُ بعدِي ثُمَّ خَرَجَ إِلَىٰ أَصحابِهِ فيهم عَلِيٌّ وأَبو بكرَ وعُمَرُ وحُذيفةُ وعَمَّارُ وأَبو ذَرٍّ وهُو يَبكي فقالوا: ما يُبكِيكَ يا رسولَ ٱلله؟ فقال: أًخبرنِي جِبريل﴿ع﴾ أَنَّ ٱبنِي الحُسَينَ يُقتَلُ بعدِي بأَرضِ الطُّفِّ وجاءني بهذِهِ التُّربةِ وأَخبرنِي أَنَّ فيها مَضْجَعُهُ. رَواهُ الطَّبْرَانِيُّ في الكبيرِ والأَوسطِ بٱختصارٍ كثيرٍ وأَوَّلُهُ، إِنَّ رسولَ ٱلله﴿ﷺ﴾ أَجْلَسَ حُسيناً على فخذِهِ فجاءَهُ جِبريلُ، وفي إِسنادِ الكبيرِ ٱبْنِ لُهَيعَة وفي إِسنادِ الأَوسطِ مَن لم أَعرفْهُ.
ث. وعن زينبَ بنتِ جَحش أَنَّ النبيّ﴿ﷺ﴾ كانَ نائِمَاً عندَها وحُسينُ يَحبُو في البيتِ فَغَفَلَتْ عنه فجاءَ حَتَّى أ َتى النبيّ﴿ﷺ﴾. فلمًّا قضى الصَّلاةُ قلتُ: يا رسولَ ٱللهِ لقد رأيتُكُ تصنعُ اليومَ شيئاً ما رأيتُكَ تصنعُهُ قال: إِنَّ جِبريلَ أَتانِي فأَخبرنِي أَنَّ ٱبنِي يُقتَل،ُ قلتُ: فأَرِنِي إِذاً فأَتانِي بتُربةٍ حمراءَ. رَواهُ الطَّبْرَانِيّ بإِسنادينِ وفيهما مُن لم أَعرفْهُ.
ج. وعن أُمِّ سَلَمَة قالت: كانَ رسولُ ٱلله﴿ﷺ﴾ جالساً ذاتَ يومٍ في بيتي قال: لا يدخلُ عَلَيَّ أُحدٌ فٱنتظَرتُ فدخلَ الحُسَينُ فَسَمِعتُ نشيجَ رسولِ ٱلله﴿ﷺ﴾ يبكي فأَطْلَلتُ، فإِذا حُسينُ في حِجرِهِ والنَّبِيُّ﴿ﷺ﴾ يَمسحُ جَبينَهُ وهُو يبكي فقلتُ: وٱللهِ ما علمتُ حينَ دَخَلَ فقال: إِنَّ جِبريل ﴿ع﴾ كانَ معنا في البيتِ قال: أَفَتُحِبُّهُ قلتُ: أَمَا في الدُّنيا فَنَعَمْ، قال: إِنُّ أُمَّتَكَ ستَقتلُ هذا بأَرضِ يُقالُ لها كربلاءُ فتناولَ جِبريلُ مِن تُربتِها فأَراها النبيّ﴿ﷺ﴾ فلمَّا أُحيطَ بحُسينٍ حينَ قُتِلَ قال ما ٱسمُ هذهِ الأَرضُ؟ قالوا: كربلاءُ، فقال: صَدَقَ ٱللهُ ورسولهُ كَرْبٌ وَبَلَاءُ. رواه الطَّبْرَانِيُّ بأَسانيدَ ورجالُ أَحدِها ثِقاتٌ.
ح. وعن أُمِّ سَلَمَة قالت: كانَ الحَسَن والحُسَينُ يَلعبانِ بينَ يَدَي رسولِ ٱلله﴿ﷺ﴾ في بيتي فنزلَ جبريلُ فقال: يا مُحَمَّدُ إِنَّ أُمَّتَكَ تَقتِلُ ٱبنَكَ هذا مِن بعدِكً وأَومَأَ بيدِهِ إِلى الحُسَينِ فبكى رسولُ ٱلله﴿ﷺ﴾ وضَمَّهُ إِلَى صدرِهِ ثُمَّ قال رسولُ ٱلله﴿ﷺ﴾: يا أُمَّ سَلَمَة وَديعةٌ عندَكِ هذهِ التُّربةَ فشمَّها رسولُ ٱلله﴿ﷺ﴾، وقال: وَيحَ كَربٍ وَبَلَاءَ، قالت: وقال رسولُ ٱلله﴿ﷺ﴾ يا أُمَّ سَلَمَة إِذا تَحَوَّلَتْ هذهِ التُّربةُ دَمُاً فٱعلمِي أَنُّ ٱبنِي قد قُتِلَ قال: فَجَعَلَتْها أُمُّ سَلَمَة في قارورةٍ، ثُمَّ جعلت تَنظُرُ إِليها كُلَّ يومٍ وتقولُ: إِنَّ يوماً تَحَوَّلِينَ دَمًاً لِيومٍ عظيمٍ. رَواهُ الطَّبْرَانِيُّ وفيهِ عَمرو بنُ ثابتٍ النَّكري وهو مَتروكٌ.
خ. وعن أَبِي أُمامةَ قال: قال رسولُ ٱلله﴿ﷺ﴾ لِنِسَائِهِ لا تَبكُوا هذا الصَّبِيُّ يعني حُسَيناً، قال: وكانَ يومُ أُمِّ سَلَمَة فنزلَ جبريلُ فدخلَ رسولُ ٱلله﴿ﷺ﴾، فلمَّا اشْتَدَّ في البكاءِ خَلَّيتُ عنهُ فدخلَ حَتَّى جلسَ في حجرِ النبيّ﴿ﷺ﴾، فقال جبريل لِلنَّبِيِّ﴿ﷺ﴾: إِنَّ أُمَّتَكَ ستَقتلُ ٱبنَكَ هذا فقال: النبيّ﴿ﷺ﴾ يَقتلونَهُ وهُم مُؤمنونَ بي؟ قال: نَعَمْ يَقتلونُهُ، فتناولَ جبريلُ تُربةً، فقال: بمكانِ كذا وكذا، فخرجَ رسولُ ٱلله﴿ﷺ﴾ قدِ احْتَضَنَ حُسيناً كاسِفَ البالِ مَغموماً فظنَّت أُمَّ سَلَمَة أَنَّهُ غَضِبَ مِن دُخولِ الصَّبِيَّ عليهِ فقالت: يا نَبِيَّ ٱللهِ جُعِلْتُ لَكَ الفداءَ إِنَّكَ قلتَ لنا لا تَبكُوا هذا الصَّبِيُّ وأَمرْتَنِي أُن لا أَدَعَ أَحداً يدخلُ عليكَ فجاءَ فَخًلَّيتُ عنهُ، فلم يَرُد عليها فخرجَ إِلى أَصحابِهِ وهُم جلوسٌ فقال: إِنَّ أُمَّتِي يَقتلونَ هذا وفي القومِ أَبو بكر وعُمر كانا أَجْرَأُ القومِ عليهِ فقالا يا نَبِيَّ ٱلله وهُم مؤمنون؟ قال: نَعَمْ وهذه تُربتُهُ وأَراهُم إِيُّاها. رَواهُ الطَّبْرَانِيّ ورجالُهُ موثقونَ وفي بعضِهم ضَعفٌ.
د. وعن مَعاذ بنِ جبل قال: خرج علينا رسولُ ٱلله﴿ﷺ﴾ متغيَّرَ الَّلونِ، فقال: أَنا مُحَمَّدُ أُوتِيتُ فواتحَ الكلامِ وخواتمَهُ، فأَطِيعُوني ما دُمتُ بينَ أَظهُرِكم... أَمسِكْ يا معاذُ واحْصِ قال فلمٌّا بلغتُ خَمساً قال: يزيدُ لا باركَ ٱللهُ في يزيدَ، ثُمًّ ذَرَفَت عيناهُ﴿ﷺ﴾ ثُمًّ قال: نُعِيَ إِلَيًّ حُسينٌ وأُتِيتُ بتربتِهِ وأُخبِرتُ بقاتلِهِ والَّذِي نفسي بيدِهِ لا يقتلوهُ بينَ ظهراني قومٌ لا يمنعونهُ إِلَّا خالفَ ٱللهُ بينَ صدورِهم وقلوبِهم وسَلَّطَ عليهم شرارُهُم وأَلبسَهم شِيَعَاً قال: واهاً لِفِراخِ آلِ مُحَمَّدٍ مِن خليفةٍ يُستخلفُ مُترفٍ يَقتلُ خَلَفِي وخَلَفً الخًلَفِ أَمسِكْ يا معاذُ... رُواهُ الطَّبْرَانِيّ وفيهِ مجاشعُ بنُ عمرو وهُو كذَّابٌ.
ذ. وعن أَبي الطُّفَيلِ قال: إُستأذنَ مَلَكُ القَطْرِ أَن يُسلِّمَ على النبيّ﴿ﷺ﴾ في بيتِ أُمِّ سَلَمَة فقال: لا يَدخلُ علينا أَحدٌ فجاءَ الحُسَينُ بنُ عَلِيٍّ فدخلَ، فقالت أُمُّ سَلَمَة: هُو الحُسَين، فقال النبيّ﴿ﷺ﴾: دَعِيهِ، فجعلَ يعلُو رقبةَ النبيّ﴿ﷺ﴾ ويَعبَثُ بهِ والمَلَكُ ينظرُ فقال المَلَكُ: أَتُحِبُّهُ يا مُحَمَّدُ؟ قال: إيْ وٱللهِ إِنِّي لَأُحِبُّهُ، قال: أَمًّا إِنًّ أُمَّتَكَ ستقتلُهُ وإِن شِئتَ أَريتُكَ المكانَ، فقال بيدِهِ فتناولَ كَفَّاً مِن تُرابٍ فأَخذتْ أُمُّ سَلَمَة التُّرابَ فَصَرَّتْهُ في خِمارِها فكانوا يَرونَ أَنَّ ذلكَ التُّرابَ مِن كربلاءَ. رُواهُ الطَّبْرَانِيّ وإِسنادُهُ حَسَنٌ.
ر. وعن عَلِيٍّ قال: لَيُقْتَلَنَّ الحُسَينُ وإِنِّي لَأَعرفُ التُّربةَ الَّتِي يُقتَلُ فيها قريباً مِنَ النَّهرَينِ. رَواهُ الطَّبْرَانِيّ ورجالُهُ، ثِقاتٌ.
ز. وعن شيان بنِ محرمَ وكانَ عُثمَانِيَّاً، قال: إِنِّي لَمَعَ عَلَيّ إِذ أَتَىٰ كربلاءَ فقال: يُقتَلُ بهذا الموضعِ شهيدٌ ليسَ مثلُهُ شهداءٌ إِلَّا شهداءَ بدرٍ فقلتُ بعضَ كِذْبَاتِهِ، وثُمَّ رِجْلَ حِمارٍ ميِّتٍ، فقلتُ لِغُلَامِي خُذْ رِجْلَ هذا الحِمارِ فأَوتِدْها في مَقْعَدِهِ وغَيِّبْها، فَضَرَبَ الظَّهْرَ ضربةً، فلمَّا قُتِلَ الحُسَينُ بنُ عَلِيٍّ انْطَلَقْتُ ومَعِيَ أَصْحُابي فإِذا جُثَّةُ الحُسَينِ بنِ عَلِيٍّ على رِجْلِ ذلكَ الحِمارِ وإِذا أَصحابُهُ رَبَضَةٌ حَولَهُ. رَواهُ الطَّبْرَانِيّ وفيهِ عَطاءُ بنُ السَّائبِ وهُو ثِقةٌ ولكنَّهُ اخْتَلَطَ، وبقيَّةُ رِجالِهِ ثِقاتٌ.
س. وعن أَبي هُريمَة قال: كنتُ مع عَلِيٍّ بِنَهْرِ كربلاءَ فَمَرَّ بشجرةٍ تحتَها بَعْرَ غزلان فأَخَذَ منهُ قبضةً فَشَمَّهَا، ثُمَّ قال يُحشَرُ مِن هذا الظَّهْرِ سُبعونَ أَلفَاً يَدخلونَ الجَّنَّةَ بغيرِ حِسابٍ. رَواهُ الطَّبْرَانِيّ ورجالُهُ ثِقاتٌ.
ش. وعن ابْنِ عبَّاس قال كانَ الحُسَينُ جالِساً في حِجْرِ النبيِّ ﴿ﷺ﴾ فقال جِبريلُ ﴿ع﴾ أَتُحِبُّهُ؟، فقال: وكيفَ لا أُحِبُّهُ وهُو ثَمَرَةُ فُؤادي فقال: أَمَا إِنَّ أُمَّتَكَ ستَقتلهُ أَلَا أُرِيكُ مِن مَوضعِ قبرِهِ؟ فَقَبَضً قبضةً، فإِذا تُربةٌ حمراءُ. رُواهُ البزار ورِجالُهُ ثِقاتٌ وفي بعضِهم خِلافٌ.
وَبَعدَ كُلِّ مَا قَدَّمناهُ مِن رواياتٍ تُؤكِّدُ على اهْتِمامِ وتَقدِيسِ ٱللهِ تعالى ورسولِهِ الكريمِ﴿ﷺ﴾ وملائكتِهِ الكرامِ لِتُربةِ قَبرِ الحُسَين﴿ع﴾ وكربلاءَ دُونَ الاهْتِمامِ بِغًيرِها مِن تُربةِ أًحَدِ المعصومينَ﴿ع﴾ يَتَبَيَّنُ أَنَّ هذهِ التُّربةَ لم تَخُصْهَا الشِّيعَةُ بِبِدْعَةٍ أَو هَوَىٰ أَو بٱجْتهادٍ في مُقابلِ نَصٍّ، بلِ العكسُ هُو الصَّحِيحُ وأَنَّ الشَّارِعَ هُو مَنِ اهْتَمَّ بها وعَظَّمَها وبَيَّنَ مَزِيَّتَها ومنزِلَتَها بالإِضافةِ إِلَى تَواتُرِ الأَخبارِ عنِ الأُئَمَّةِ الطَّاهِرينَ الَّتِي تُبَيِّنُ هذا المعنى وتَحُثُّ عَلَى السُّجُودِ عليها وفَضلِ ذلكَ، والحَمدُ للهِ عَلَى فضلِهِ وتَوفيقِهِ لَنا وإِكرامِنا بِحُبِّ الحُسَين﴿ع﴾ وأَهلِ البيتِ صلواتُ ٱللهِ وسلامُهُ عليهِم خير الوَرَى.
ودُمتُم سَالِمِينُ
اترك تعليق