المُحالُ العَقليُّ والمُحالُ العاديّ.
حَسَن كَريم: السَّلامُ عَليكُم.. ما هوَ الفَرقُ بَينَ المُحالِ العَقليّ والمُحالِ غيرِ العَقليّ؟
الأَخُ حسن المُحْتَرَمُ، السَّلَامُ عَلَيْكُمُ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتِهِ
عِنْدَمَا يَقُولُ الْمُتَكَلِّمُ: إنَّ هَذَا الأمرَ مُحَالٌ، إِمَّا أَنْ يَكُونَ مَنْظُورُهُ إِلَى الْوَاقِعِ الْخَارِجِيِّ الَّذِي يَسْتَحِيلُ فِيهِ تُحَقُّقُ هَذَا الأمرِ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مَنْظُورُهُ إِلَى الْفَاعِلِ أي أَنَّ الْإِنْسَانَ فِي حَالِ كَوْنِهِ عَاقِلاً لَا يَفْعَلُ هَذَا الأمرَ مَعَ إمكانِ تُحَقُّقِهِ فِي الْخَارِجِ، وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ هُنَاكَ مُحَالٌ عَقْلِيٌّ وَيُسَمَّى أَيْضًا بِالْمُحَالِ الذَّاتِيِّ، وَهُنَاكَ مُحَالٌ عَادِيٌّ وَيُسَمَّى الْمُحَالُ بِالْغَيْرِ كَمَا يُمْكِنُ أَنْ نَصْطَلِحَ عَلَيْهِ بِالْمُحَالِ الْعُقَلَائِيِّ.
الْمُحَالُ الْعَقْلِيُّ: هُوَ مَا يَلْزَمُ مِنْ فَرْضِ وُقُوعِهِ (أَمْراً مُحالاً) مِثْلَ: فَرْضِ وُجُودِ شَرِيكٍ لِلْبَارِئِ، فَهَذَا مُحالٌ بالذّات لِأَنَّهُ يَسْتَلْزِمُ مِنْهُ أَمْراً مُحَالاً وَهُوَ إجْتِمَاعُ النَّقِيضَيْنِ، فَالشَّرِيكُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ خَالِقَاً وَمَخْلُوقَاً فِي نَفْسِ الْوَقْتِ.
أَمَّا الْمُحَالُ الْعَادِيُّ: هُوَ مَا يَكُونُ مُمْكِنًا بِذاتِهِ إِلَّا أَنَّهُ مُمْتَنِعٌ بِحُكْمِ الْعَادَةِ، فَالْعَقْلُ لَا يَحْكُمُ بِاِسْتِحَالَتِهِ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَلْزِمُ مِنْ فَرْضِ وُقُوعِهِ أَمْراً مُحالاً ذَاتًا، وَذَلِكَ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ الْقَائِلُ: مِنَ الْمُحَالِ أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ إِنْسَانٌ لَهُ أَرْبَعَةٌ وَأَرْبَعونَ قَدَماً، مَعَ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَسْتَلْزِمُ مُحالاً عَقْلِيّاً إِلَّا أَنَّهُ مُحَالٌ بِحُكْمِ الْعَادَةِ.
وَلَكِنْ يَبْدُو أَنَّ الْعُرْفَ عِنْدَما يَسْتَخْدِمُ الْمُحَالَ الْعَادِيَّ فِي خِطَابَاتِهِ يَقْصِدُ بِهَا إسْتِحَالَةَ صُدُورِ الْفِعْلِ مِنَ الْعَاقِلِ، وَذَلِكَ مِثْلُ أَنْ يَرْمِيَ الْإِنْسَانُ نَفْسَهُ مِنْ شَاهِقٍ عَالٍ، فَهَذَا مُحَالٌ فِي الْعَادَةِ لِكَونِهِ تَصَرُّفاً يُخَالِفُ تَصَرُّفَ الْعُقَلَاءِ، وَكَذَلِكَ مُحَالٌ أنْ يُمسِكَ الْإِنْسَانُ سِلْكَ الْكَهْرَبَاءِ مِنْ دُونِ مَانِعٍ، فَهُوَ مُحَالٌ فِي الْعَادَةِ مَعَ إِمْكَانِيَّةِ حُدوثِهِ.
وَدُمْتُمْ سَالِمِيْنَ.
اترك تعليق