أقوالُ أميرِ المؤمنينَ (ع) تجاهَ منصبهِ ومظلوميّتهِ متواترةٌ لا ريبَ فيها.

محمد الامير/: هلْ توجدُ روايةٌ لعليٍّ رضيَ اللهُ عنهُ صحيحةٌ حسبَ مبانيكُم يقولُ فيها أبو بكرٍ إغتصبَ الخلافةَ صراحةً؟

: اللجنة العلمية

الأخ محمد المحترم, السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

سنَكتفي في المقامِ بإبرازِ بعضِ كلماتِ أميرِ المؤمنينَ (ع) كما وردتْ في كتابِ نهجِ البلاغةِ وغيرهِ ممّا تواترَ معناهُ في بيانِ حقِّهِ(ع) وكذا غصبِهم له، ناهيكَ عن وجودِ نصوصٍ ورواياتٍ متواترةٍ مقطوعٍ بها في كتُبِنا الأخرى من الكلامِ في إمامتِهم(ع) وعددِ الائمّةِ(ع) فضلاً عن كتبِ أهلِ الخلافِ فلا ندري بعد ذلكَ كيفَ يثبتُ الإغتصابُ والتَّقَمُّصُ لحقٍّ أوجبَهُ اللهُ تعالى فمَثلاً: قال (ع) في خطبةِ 144: إِنَّ الأَئِمَّةَ مِنْ قُرَيْشٍ غُرِسُوا فِي هَذَا الْبَطْنِ مِنْ هَاشِمٍ لَا تَصْلُحُ عَلَى سِوَاهُمْ، ولَا تَصْلُحُ الْوُلَاةُ مِنْ غَيْرِهِمْ. أَيْنَ الَّذِينَ زَعَمُوا أَنَّهُمُ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ دُونَنَا، كَذِباً وبَغْياً عَلَيْنَا، أَنْ رَفَعَنَا اللهُ ووَضَعَهُمْ، وأَعْطَانَا وحَرَمَهُمْ، وأَدْخَلَنَا وأَخْرَجَهُمْ. بِنَا يُسْتَعْطَى الْهُدَى، ويُسْتَجْلَى الْعَمَى.

وقال(ع) في «الكتبِ والرّسائل» 62: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ بَعَثَ مُحَمَّداً -صَلَّى الله عَلَيْهِ وآلِهِ وسلم- نَذِيراً لِلْعَالَمِينَ، ومُهَيْمِناً عَلَى الْمُرْسَلِينَ . فَلَمَّا مَضَى عَلَيهِ السَّلَام تَنَازَعَ الْمُسْلِمُونَ الأَمْرَ مِنْ بَعْدِهِ. فَوَاللهِ مَا كَانَ يُلْقَى فِي رُوعِي ، ولَا يَخْطُرُ بِبَالِي، أَنَّ الْعَرَبَ تُزْعِجُ هَذَا الأَمْرَ مِنْ بَعْدِهِ -صَلَّى الله عَلَيْهِ وآلِهِ وسلم- عَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ، ولَا أَنَّهُمْ مُنَحُّوهُ عَنِّي مِنْ بَعْدِهِ فَمَا رَاعَنِي إِلَّا انْثِيَالُ النَّاسِ عَلَى فُلَانٍ يُبَايِعُونَهُ، فَأَمْسَكْتُ يَدِي حَتَّى رَأَيْتُ رَاجِعَةَ النَّاسِ قَدْ رَجَعَتْ عَنِ الإِسْلَامِ، يَدْعُونَ إِلَى مَحْقِ دَيْنِ مُحَمَّدٍ صَلَّى الله عَلَيْهِ وآلِهِ وسلم....

وقال(ع) في «الحِكَمِ وقُصارى الكلامِ» 147: اللَّهُمَّ بَلَى لَا تَخْلُو الأَرْضُ مِنْ قَائِمٍ للهِ بِحُجَّةٍ، إِمَّا ظَاهِراً مَشْهُوراً، وإِمَّا خَائِفاً مَغْمُوراً، لِئَلَّا تَبْطُلَ حُجَجُ اللهِ وبَيِّنَاتُهُ. وكَمْ ذَا وأَيْنَ أُولَئِكَ أُولَئِكَ -واللهِ- الأَقَلُّونَ عَدَداً، والأَعْظَمُونَ عِنْدَ اللهِ قَدْراً.

وقال(ع) في خطبة172: وقَدْ قَالَ قَائِلٌ: إِنَّكَ عَلَى هَذَا الأَمْرِ يَا ابْنَ أَبِي طَالِبٍ لَحَرِيصٌ فَقُلْتُ: بَلْ أَنْتُمْ واللهِ لأَحْرَصُ وأَبْعَدُ، وأَنَا أَخَصُّ وأَقْرَبُ، وإِنَّمَا طَلَبْتُ حَقّاً لِي وأَنْتُمْ تَحُولُونَ بَيْنِي وبَيْنَهُ، وتَضْرِبُونَ وَجْهِي دُونَهُ. فَلَمَّا قَرَّعْتُهُ بِالْحُجَّةِ فِي الْمَلأِ الْحَاضِرِينَ هَبَّ كَأَنَّهُ بُهِتَ لَا يَدْرِي مَا يُجِيبُنِي بِهِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَعْدِيكَ عَلَى قُرَيْشٍ ومَنْ أَعَانَهُمْ فَإِنَّهُمْ قَطَعُوا رَحِمِي، وصَغَّرُوا عَظِيمَ مَنْزِلَتِيَ، وأَجْمَعُوا عَلَى مُنَازَعَتِي أَمْراً هُوَ لِي. ثُمَّ قَالُوا: أَلَا إِنَّ فِي الْحَقِّ أَنْ تَأْخُذَهُ ، وفِي الْحَقِّ أَنْ تَتْرُكَهُ.

وفي كتابٍ لهُ (ع) أرسلهُ جواباً على معاويةَ لع في«الكتبِ والرّسائل» 28: ... وهُوَ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ وتَعَالَى «وأُولُوا الأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ الله» وقَوْلُهُ تَعَالَى: «إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وهذَا النَّبِيُّ والَّذِينَ آمَنُوا والله وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ» فَنَحْنُ مَرَّةً أَوْلَى بِالْقَرَابَةِ، وتَارَةً أَوْلَى بِالطَّاعَةِ. ولَمَّا احْتَجَّ الْمُهَاجِرُونَ عَلَى الأَنْصَارِ يَوْمَ السَّقِيفَةِ بِرَسُولِ اللهِ -صَلَّى الله عَلَيْهِ وآلِهِ- فَلَجُّوا عَلَيْهِمْ، فَإِنْ يَكُنِ الْفَلَجُ بِهِ فَالْحَقُّ لَنَا دُونَكُمْ، وإِنْ يَكُنْ بِغَيْرِهِ فَالأَنْصَارُ عَلَى دَعْوَاهُمْ. وزَعَمْتَ أَنِّي لِكُلِّ الْخُلَفَاءِ حَسَدْتُ، وعَلَى كُلِّهِمْ بَغَيْتُ، فَإِنْ يَكُنْ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَلَيْسَتِ الْجِنَايَةُ عَلَيْكَ، فَيَكُونَ الْعُذْرُ إِلَيْكَ. * وتِلْكَ شَكَاةٌ ظَاهِرٌ عَنْكَ عَارُهَا *

ثم قال(ع): وقُلْتَ (يا معاوية) إِنِّي كُنْتُ أُقَادُ كَمَا يُقَادُ الْجَمَلُ الْمَخْشُوشُ حَتَّى أُبَايِعَ ولَعَمْرُ اللهِ لَقَدْ أَرَدْتَ أَنْ تَذُمَّ فَمَدَحْتَ، وأَنْ تَفْضَحَ فَافْتَضَحْتَ ومَا عَلَى الْمُسْلِمِ مِنْ غَضَاضَةٍ فِي أَنْ يَكُونَ مَظْلُوماً مَا لَمْ يَكُنْ شَاكَّاً فِي دِينِهِ، ولَا مُرْتَاباً بِيَقِينِهِ وهَذِهِ حُجَّتِي إِلَى غَيْرِكَ قَصْدُهَا، ولَكِنِّي أَطْلَقْتُ لَكَ مِنْهَا بِقَدْرِ مَا سَنَحَ مِنْ ذِكْرِهَا.

وفي خطبة 73 قال(ع): لَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنِّي أَحَقُّ النَّاسِ بِهَا مِنْ غَيْرِي ووَاللهِ لأُسْلِمَنَّ مَا سَلِمَتْ أُمُورُ الْمُسْلِمِينَ ولَمْ يَكُنْ فِيهَا جَوْرٌ إِلَّا عَلَيَّ خَاصَّةً، الْتِمَاساً لأَجْرِ ذَلِكَ وفَضْلِهِ، وزُهْداً فِيمَا تَنَافَسْتُمُوهُ مِنْ زُخْرُفِهِ وزِبْرِجِهِ.

ومنْ كلامٍ لهُ (ع) 6: فَوَاللهِ مَا زِلْتُ مَدْفُوعاً عَنْ حَقِّي، مُسْتَأْثَراً عَلَيَّ ، مُنْذُ قَبَضَ اللهُ نَبِيَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ حَتَّى يَوْمِ النَّاسِ هَذَا.

وكذا قالَ (ع) في الخطبةِ الشقشقيّة 3: أَمَا واللهِ لَقَدْ تَقَمَّصَهَا فُلَانٌ وإِنَّهُ لَيَعْلَمُ أَنَّ مَحَلِّي مِنْهَا مَحَلُّ الْقُطْبِ مِنَ الرَّحَى. يَنْحَدِرُ عَنِّي السَّيْلُ، ولَا يَرْقَى إِلَيَّ الطَّيْرُ فَسَدَلْتُ دُونَهَا ثَوْباً، وطَوَيْتُ عَنْهَا كَشْحاً. وطَفِقْتُ أَرْتَئِي بَيْنَ أَنْ أَصُولَ بِيَدٍ جَذَّاءَ ، أَوْ أَصْبِرَ عَلَى طَخْيَةٍ عَمْيَاءَ، يَهْرَمُ فِيهَا الْكَبِيرُ، ويَشِيبُ فِيهَا الصَّغِيرُ، ويَكْدَحُ فِيهَا مُؤْمِنٌ حَتَّى يَلْقَى رَبَّهُ، فَرَأَيْتُ أَنَّ الصَّبْرَ عَلَى هَاتَا أَحْجَى، فَصَبَرْتُ وفِي الْعَيْنِ قَذًى، وفِي الْحَلْقِ شَجًا، أَرَى تُرَاثِي نَهْباً، حَتَّى مَضَى الأَوَّلُ لِسَبِيلِهِ، فَأَدْلَى بِهَا إِلَى فُلَانٍ بَعْدَهُ - ثُمَّ تَمَثَّلَ بِقَوْلِ الأَعْشَى-: شَتَّانَ مَا يَوْمِي عَلَى كُورِهَا * ويَوْمُ حَيَّانَ أَخِي جَابِرِ. فَيَا عَجَباً بَيْنَا هُوَ يَسْتَقِيلُهَا فِي حَيَاتِهِ إِذْ عَقَدَهَا لِآخَرَ بَعْدَ وَفَاتِهِ - لَشَدَّ مَا تَشَطَّرَا ضَرْعَيْهَا - ...

ومن كلامٍ لهُ عليهِ السّلام 162 لبعضِ أصحابهِ وقد سألهُ كيفَ دفعكُم قومكُم عن هذا المقامِ وأنتُم أحقُّ بهِ؟ فقال: يَا أَخَا بَنِي أَسَدٍ، إِنَّكَ لَقَلِقُ الْوَضِينِ، تُرْسِلُ فِي غَيْرِ سَدَدٍ، ولَكَ بَعْدُ ذِمَامَةُ الصِّهْرِ وحَقُّ الْمَسْأَلَةِ، وقَدِ اسْتَعْلَمْتَ فَاعْلَمْ: أَمَّا الِاسْتِبْدَادُ عَلَيْنَا بِهَذَا الْمَقَامِ ونَحْنُ الأَعْلَوْنَ نَسَباً، والأَشَدُّونَ بِالرَّسُولِ الله -صَلَّى الله عَلَيْهِ وآلِهِ- نَوْطاً، فَإِنَّهَا كَانَتْ أَثَرَةً شَحَّتْ عَلَيْهَا نُفُوسُ قَوْمٍ، وسَخَتْ عَنْهَا نُفُوسُ آخَرِينَ والْحَكَمُ اللهُ، والْمَعْوَدُ إِلَيْهِ الْقِيَامَةُ:

ودَعْ عَنْكَ نَهْباً صِيحَ فِي حَجَرَاتِهِ * ولَكِنْ حَدِيثاً مَا حَدِيثُ الرَّوَاحِلِ.

وغيرُها الكثيرُ الكثيرُ من التّصريحِ والإشارةِ والكنايةِ ووو ما تقومُ به الحجّةُ البالغةُ لكلِّ طالبٍ للحقِّ فلا يستهوينَّكَ قولُ الذينَ لا يعلمون والحمدُ للهِ ربِّ العالَمين.