النيابة العامة
أنّ أئمة أهل البيت (عليهم السلام) لم يتركوا الأمة بلا أن يدلوهم إلى من يرجعون إليه بغيابهم أو حتى بحضورهم (صلوات الله عليهم)، ولقد حان الوقت لرسم صفات من ترجع إليه الأمة، لأنّكم تعلمون خطورة المناصب القياديّة، فليس من المعقول أن يدعوا أئمة أهل البيت (عليهم السلام) الى قيادة بديلة ولا يضعون ضوابط لمن تنطبق عليه هذه الصفة، حتى لا يتلبس بذلك المنصب من هو مخادع. أنّ أهم الصفات التي يجب أن تتوفر في القائد هي صفتان:
الأولى: هي التدين وما يتبعه من الورع وتقوى الله تبارك وتعالى.
الثانية: هي الفقاهة (فأما من كان من الفقهاء صائنا لنفسه، حافظا لدينه مخالفا على هواه، مطيعا لأمر مولاه، فللعوام أن يقلدوه)(1).
وهنا يظهر الشرطان جليان.
عن إسحاق بن يعقوب قال: سألت محمد بن عثمان العمري أن يوصل لي كتابا قد سألت فيه عن مسائل أشكلت علي، فورد التوقيع بخط مولانا صاحب الزمان (عليه السلام): أمّا ما سألت عنه أرشدك الله وثبّتك - إلى أن قال: - وأمّا الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا، فإنّهم حجتي عليكم وأنا حجة الله(2).
وهذه الرواية هي واحدة من عشرات الروايات ومن أراد المزيد فليراجع ما كتبناه من مقالات في أدلة التقليد. اذ ليس من المعقول أن يكون أمرا في غاية من الأهمية وهو أمر القيادة في زمن الغيبة ولا يرصد له العشرات من الروايات. إنّ هذا غير معقول في نفسه، لقد اهتمت الشريعة بذلك الأمر جدا كما أسلفت حتى بلغ بها الأمر توصيف الفقهاء بأنّهم سياج وحصن الأمة.
((إذَا مَاتَ الْمُؤْمِنُ بَكَتْ عَلَيْه الْمَلَائِكَةُ وبِقَاعُ الأَرْضِ الَّتِي كَانَ يَعْبُدُ اللَّه عَلَيْهَا، وأَبْوَابُ السَّمَاءِ الَّتِي كَانَ يُصْعَدُ فِيهَا بِأَعْمَالِه، وثُلِمَ فِي الإِسْلَامِ ثُلْمَةٌ لَا يَسُدُّهَا شَيْءٌ، لأَنَّ الْمُؤْمِنِينَ الْفُقَهَاءَ حُصُونُ الإِسْلَامِ كَحِصْنِ سُورِ الْمَدِينَةِ لَهَا)) (3).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 - وسائل الشيعة (الإسلامية) - الحر العاملي - ج 18 - ص 95
2 - وسائل الشيعة (آل البيت) - الحر العاملي - ج 27 - ص 140
3 - الكافي (مُشَكَّل) - الشيخ الكليني - ج 1 - ص 38
اترك تعليق