هل من الممكن إعطاء ادلة على أن الواجب في الوضوء مسح الأرجل وليس الغسل؟

السلام عليكم ورحمة الله : أمّا الإماميّةُ فهُم قاطبةً يقولونَ بالمسحِ على الأرجلِ طِبقاً للآيةِ الكريمةِ (وامسحوا برؤوسِكُم وأرجلِكُم إلى الكعبينِ) الظّاهرةِ في هذا المعنى, وكذلكَ لعدّةِ أحاديثَ في المقامِ تُؤيّدُ ذلكَ, وقَد إخترنا لكَ منها حديثينِ: الأوّلُ: ما رواهُ الشّيخُ الطّوسيّ في كتابِه (تهذيبُ الأحكامِ) (ج1/ص63), قالَ: أخبرني بهِ الشّيخُ أيّدَهُ اللهُ تعالى [يعني بهِ المفيدَ قدّس] قالَ: أخبرني أحمدُ بنُ محمّدٍ بنِ الحسنِ عَن أبيهِ عنِ الحُسينِ بنِ الحسنِ بنِ أبّانٍ ومحمّدٍ بنِ يحيى عَن أحمدَ بنِ مُحمّدٍ جميعاً عنِ الحُسينِ بنِ سعيدٍ عَن فُضالةَ عَن حمّادٍ بنِ عثمانَ عَن سالمٍ وغالبٍ بنِ هذيلٍ قالَ: سألتُ أبا جعفرٍ عليهِ السّلام : عنِ المسحِ على الرّجلينِ فقالَ : هوَ الذي نزلَ بهِ جبرئيلُ عليهِ السّلام. والحديثُ الثّاني: ما رواهُ الشّيخُ الطّوسيُّ أيضاً في كتابِه (تهذيبُ الأحكامِ) (ج1/ص63), بإسنادِه عنِ الحُسينِ بنِ سعيدٍ عَن أحمدَ بنِ محمّدٍ قالَ سألتُ أبا الحسنِ عليهِ السّلام : عنِ المسحِ على القدمينِ كيفَ هوَ ؟ فوضعَ كفَّهُ على الأصابعِ ثُمَّ مسحَها إلى الكعبينِ، فقلتُ لهُ لو أنّ رجُلاً قالَ بإصبعينِ مِن أصابعِه هكذا إلى الكعبينِ قالَ : لا إلّا بكفِّه كلّها .  

قلتُ: ومِـمّا يُؤيّدُ صحّةَ مذهبِ الشّيعةِ الإماميّةِ في هذهِ المسألةِ هوَ ورودِ رواياتٍ أُخرى مِن طُرقِ العامّةِ عَن بعضِ الصّحابةِ والتّابعينَ توافقُ مذهبَنا في أنَّ المسحَ على الأرجلِ هوَ  الذي يُحقّقُ الوضوءَ في الآيةِ الكريمةِ, وقَد إخترنا لكَ عدّةَ رواياتٍ في هذا المقامِ, فمنها: ما أوردَها الحافظُ الكبيرُ إبنُ أبي شيبةَ في كتابِه المُصنّفِ (1/30) في المسحِ على القدمينِ, إذ قالَ: 1 - حدّثنا إبنُ عُليّةَ عَن أيّوبَ قالَ : رأيتُ عكرمةَ يمسحُ على رجليهِ وكانَ يقولِ به. 2 –وقالَ أيضاً: حدّثنا إبنُ عليّةَ عَن يونسَ عنِ الحسنِ أنّهُ كانَ يقولُ إنّما هوَ المسحُ على القدمينِ. 3- وقالَ أيضاً: حدّثنا إبنُ عُليّةَ عَن داودَ عنِ الشّعبيّ قالَ : إنّما هوَ المسحُ على القدمينِ, ألا ترى أنَّ ما كانَ عليهِ الغسلُ جُعلَ عليهِ التّيمّمُ, وما كانَ عليهِ المسحُ أُهملَ فلَم يُجعَل عليهِ التّيمّمُ . 4 – وقالَ أيضاً: حدّثنا إسماعيلُ بنُ عليّةَ عَن حميدٍ قالَ : كانَ أنسٌ إذا مسحَ على قدميهِ بلّهُما . 5 – وقالَ أيضاً: حدّثنا وكيعٌ عنِ الأعمشِ عَن أبي إسحاقَ عَن عبدِ خيرٍ عَن عليٍّ قالَ : لو كانَ الدّينُ بالرّأي كانَ باطنُ القدمينِ أحقّ بالمسحِ مِن ظاهرهِما, ولكِن رأيتُ رسولَ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وآله مسحَ ظاهرهُما .  6- وقالَ أيضاً: حدّثنا ابنُ عليّةَ عَن مالكٍ بنِ مغولٍ عَن زبيدٍ الياميّ عنِ الشّعبيّ قالَ : نزلَ جبرائيلُ بالمسحِ على القدمينِ. 

قلتُ: وروى أبو عُبيدةَ في غريبِ الحديثِ, والزّمخشريُّ في الفائقِ أنَّ النّبيَّ صلّى اللهُ عليهِ وآله أتى كظامةَ قومٍ فتوضّأ ومسحَ على قدميهِ ، ونحوهُ عَن إبنِ عبّاسٍ وعليٍّ عليهِ السّلام. وعَن عُثمانَ أيضاً, وإنّما الحجّاجُ خطبَ وقالَ : أقربُ شيءٍ مِن ابنِ آدمَ خبثُ قدميهِ ، فاغسلوا ، فقالَ أنسٌ : صدقَ اللهُ وكذبَ الحجّاجُ . 

قلتُ: وفي تفسيرِ الطّبريّ (6/177): قالَ: حدّثنا أبو كريبٍ ، قالَ : ثنا محمّدٌ بنُ قيسٍ الخراسانيّ ، عَن إبنِ جريجٍ ، عَن عمرو بنِ دينارٍ ، عَن عكرمةَ ، عَن إبنِ عبّاسٍ ، قالَ : الوضوءُ غسلتانِ ومسحتانِ . 

وقالَ الطّبريُّ أيضاً: حدّثنا حميدٌ بنُ مسعدةَ ، قالَ : ثنا بشرٌ بنُ المُفضّلِ ، عَن حميدٍ . ح ، وحدّثنا يعقوبُ بنُ إبراهيمَ ، قالَ : ثنا ابنُ عليّةَ ، قالَ : ثنا حميدٌ ، قالَ : قالَ موسى بنُ أنسٍ لأنسٍ ونحنُ عندَه : يا أبا حمزةَ إنَّ الحجّاجَ خطبَنا بالأهوازِ ونحنُ معهُ ، فذكرَ الطّهورَ ، فقالَ : إغسلوا وجوهَكُم وأيديكُم وامسحُوا برؤوسِكُم وأرجلِكُم ، وإنّهُ ليسَ شيءٌ مِن إبنِ آدمَ أقربُ إلى خُبثِه مِن قدميهِ ، فاغسلوا بطونَهما وظهورَهما وعراقيبَهما. فقالَ أنسٌ : صدقَ الله ُوكذبَ الحجّاجُ ، قالَ اللهُ: وامسحُوا برؤوسِكُم وأرجلِكُم قالَ : وكانَ أنسٌ إذا مسحَ قدميهِ بلّهُما . 

وقالَ الطّبريُّ أيضاً: حدّثنا ابنُ حميدٍ، قالَ : ثنا هارونُ ، عَن عنبسةَ ، عَن جابرٍ ، عَن أبي جعفرٍ  [يعني الباقرَ ع]، قالَ : إمسَح على رأسكَ وقدميكَ . 

وقالَ الطّبريُّ أيضاً: حدّثنا أبو بشرٍ الواسطيّ إسحاقُ بنُ شاهين ، قالَ : ثنا خالدٌ بنُ عبدِ اللهِ ، عَن يونسَ ، قالَ : ثني مَن صحبَ عكرمةَ إلى واسطَ ، قالَ : فما رأيتُه غسلَ رجليهِ ، إنّما يمسحُ عليهِما حتّى خرجَ منها .

وقالَ الطّبريُّ أيضاً: حدّثنا بشرٌ ، قالَ : ثنا يزيدُ ، قالَ : ثنا سعيدٌ ، عَن قتادةَ ، قولُه : يا أيُّها الذينَ آمنوا إذا قمتُم إلى الصّلاةِ فاغسلوا وجوهكُم وأيديكُم إلى المرافقِ وامسحُوا برؤوسِكُم. إفترضَ اللهُ غسلتينِ ومسحتينِ. وفي ما قدّمناهُ مِن أدلّةٍ كفايةٌ لمَن كانَ لهُ قلبٌ أو ألقى السّمعَ وهوَ شهيدٌ. ودمتُم سالِمين.