ما هو سبب اخفاء قبر الزهراء (عليها السلام)؟
السلام عليكم ورحمة الله : هناكَ عدّةُ أمورٍ ذكرَها علماؤنا في سببِ إخفاءِ قبرِ الزّهراءِ عليها السّلام, منها:
1- أنّ الزّهراءَ (عليها السّلام) قد أوصَت أميرَ المؤمنينَ (عليه السّلام) في أن يخفي قبرَها (عليها السّلام) ، إذ رويَ عنِ الإمامِ الحُسينِ (عليه السّلام) أنّه قالَ: ( لـمّا مرضَت فاطمةُ بنتُ رسولِ اللهِ (صلّى اللهُ عليه وآله) وصَّت إلى عليٍّ بنِ أبي طالب (عليه السّلام) أن يكتمَ أمرَها ويُخفي خبرَها, ولا يؤذنَ أحداً بمرضِها, ففعلَ ذلكَ وكانَ يمرّضُها بنفسِه وتعينُه على ذلكَ أسماءٌ بنتُ عميس رضيَ اللهُ عنها كما وصَّت به. فلمّا حضرَتها الوفاةُ, وصَّت أميرَ المؤمنينَ (عليه السّلام) أن يتولّى أمرَها, ويدفنَها ليلاً ويُعفي قبرَها, فتولّى ذلكَ أميرُ المؤمنينَ (عليه السّلام) ودفنَها وعفى موضعَ قبرِها... ). (ينظر: أمالي المفيدِ ص 281 ح 7 , أمالي الطّوسي ح 1 ص 107).
2- عَن ابنِ نباتةَ قال: سُئلَ أميرُ المؤمنينَ (عليه السّلام) عَن علّةِ دفنِه لفاطمةَ بنتِ رسولِ الله (صلّى اللهُ عليه وآله) ليلاً؟ فقالَ (عليه السّلام): ( إنّها كانَت ساخطةً على قومٍ كرهَت حضورَهم جنازتَها وحرامٌ على مَن يتولّاهُم أن يُصلّي على أحدٍ مِن ولدِها ) (ينظر: أمالي الصّدوق ص 523.(
3- عَن إبنِ البطائنيّ عَن أبيهِ قالَ: سألتُ أبا عبدِ الله (عليهِ السّلام): لأيّ علّةٍ دُفنَت فاطمةُ عليها السّلام باللّيلِ ولم تُدفَن بالنّهارِ؟ قالَ: ( لأنّها أوصَت أن لا يُصلّي عليها الرّجلانِ الأعرابيّانِ) (عللُ الشّرائعِ للصّدوقِ ج 1 ص 185.(
4- يُنبّهُ علماؤنا ولا يزالونَ على أنَّ دفنَ الزّهراءِ (عليها السّلام) سرّاً وإخفاءَ قبرِها يكشفُ عَن أكثر مِن حقيقةٍ:
أ- حتّى يتساءلَ المسلمونَ عنِ السّببِ الذي لأجلِه لم تحظَ الزّهراءُ (عليها السّلام) بما حظيَت بهِ نساءُ عصرِها مِن أن يكونَ لها قبرٌ معَ أنّها المرأةُ الأولى في الكونِ فضلاً وتقوى وهُدى.
ب- حتّى يتبيّنَ موقفُها تجاهَ الذينَ ظلموها وغصبوا حقّها وباعوا آخرتَهم بدُنياهم.
جـ - لبيانِ التّعبيرِ الحقيقيّ عَن مرارةِ الأحداثِ التي تجرّعَتها ممَّن ظلمَها.
ويؤيّدُ ذلكَ ما رواهُ العلّامةُ المجلسيُّ في البحارِ ج43 ص192، عَن (روضةِ الواعظينَ) للفتّالِ النّيسابوريّ. في إعفاءِ قبرِها، ودفنِها سرّاً، وعدمُ إخبارِ الصّحابةِ أو النّاسِ بموضعِ قبرِها، معَ معرفةِ ومعلوميّةِ كلِّ قبورِ الصّحابةِ وأمّهاتِ المؤمنينَ وأبناءِ النّبيّ (صلّى اللهُ عليه وآله) غايةٌ عُظمى كانَت تهدفُ إليها الزّهراءُ (عليها السّلام), وهيَ بيانُ مظلوميّتِها للأجيالِ على مرِّ التّأريخِ, ليلتفتِوا إلى ما جرى على آلِ الرّسولِ (صلّى اللهُ عليهِ وآله).
فقضيّةُ الزّهراءِ عليها السّلام - إذنْ - تُعَـدُّ الكاشفَ الأهمَّ والمفتاحَ الأتمَّ لبيانِ حقيقةِ الأحداثِ التي جرَت بعدَ رحيلِ النّبيّ (صلّى اللهُ عليهِ وآله) عَن هذهِ الدّنيا الفانيةِ, وكيفَ تعاملَ الصّحابةُ معَ ذلكَ الحدثِ الجليلِ. ودمتُم سالِمين.
اترك تعليق