هل صحيح بان اصحاب النبي (ص) ارتدوا من بعده وخذلوا الامام علي (ع) الا اربعة ابي ذر وسلمان ومقداد وعمار اذا اين بقية الاصحاب امثال حجر بن عدي الكندي وعمرو بن حمق الخزاعي وجابر بن عبد الله و...الخ
السلام عليكم ورحمة الله : نعَم, إرتدَّ أصحابُ النّبيّ صلّى اللهُ عليهِ وآله بعدَ وفاتِه إلّا ثلاثةً, وبعضُ الأصحابِ مِـمّن ذكرتَهم في منطوقِ السّؤالِ لحقوا بالثّلاثةِ فيما بعد. على أنّهُ ينبغي التّنبيهُ سلفاً على أنَّ الإرتدادَ الواردَ في هذهِ الأخبارِ لا يُرادُ بهِ الرّجوعُ عنِ الإسلامِ إلى الكُفرِ, وإنّما يُرادُ بهِ العدولُ عنِ الحقِّ الذي أوجبَه الرّسولُ (صلّى اللهُ عليهِ وآله) على أمّتِه التي لَم تفِ بما إلتزمَت به بشأنِ بيعةِ أميرِ المؤمنينَ عليه السّلام في غديرِ خُمٍّ, والمشهورُ عندَ علماءِ الإماميّة أنَّ الصّحابةَ ومنهُم الخلفاءُ الثلاثةُ هُم على الإسلامِ ظاهراً, إذ بيّنوا أنّ الإمامَ عليّاً وأهلَ بيتِه عليهم السّلام كانُوا يتعاملونَ معَ الصّحابةِ على هذا الأساسِ. (ينظرُ كتابُ أضواءُ على عقائدِ الشّيعةِ الإماميّةِ للشّيخِ السّبحانيّ, ص526, وكتابُ الثقلانِ للسّيّدِ مُحسن الحائريّ, ص48, وجواهرُ التّاريخِ للشّيخِ عليّ الكورانيّ ج1/ص27, وج4/ص238, وكتابُ كشفِ الحقائقِ للشّيخِ عليّ آل محسن, ص173), ففيها مزيدُ بيانٍ لهذا الأمرِ. فإذا عرفتَ ذلكَ, فالآن نعودُ إلى أصلِ السّؤالِ لنُبيّنَ أنّ إرتدادَ الصّحابةِ قد وردَ في عدّةِ رواياتٍ مُعتبرةٍ منها ما رواهُ الكشّيُّ في رجالِه (ص38) بإسنادِه عَن مُحمّدٍ بنِ مسعود ، قالَ حدّثني عليٌّ بنُ الحسنِ بنِ فضّالٍ ، قالَ حدّثني العبّاسُ بنُ عامر ، وجعفرٌ بنُ محمّدٍ بنِ حكيم ، عَن أبان بنِ عثمان ، عنِ الحارثِ النّصريّ بنِ المُغيرة ، قالَ سمعتُ عبدَ الملكِ بنَ أعينٍ ، يسألُ أبا عبدِ اللهِ عليهِ السّلام قالَ: فلم يزَل يسألهُ, حتّى قالَ له : فهلكَ النّاسُ إذن؟ قالَ : أي واللهِ يا بنَ أعين هلكَ النّاسُ أجمعونَ . قلتُ : مَن في الشّرقِ ومَن في الغربِ ؟ قالَ ، فقالَ : إنّها فُتحَت على الضّلالِ أي واللهِ هلكوا إلّا ثلاثةً, ثُمَّ لحقَ أبو ساسانَ وعمّارٌ وشتيرةُ وأبو عُمرة فصاروا سبعةً .
وفي حديثٍ ثانٍ ذكرَهُ الكشيُّ أيضاً بإسنادِه عَن حمدويه ، قالَ حدّثنا أيّوبُ عَن محمّدٍ بنِ الفضلِ وصفوانَ ، عَن أبي خالدٍ القمّاطِ ، عَن حمرانَ ، قالَ : قلتُ لأبي جعفرٍ عليه السّلام ما أقلّنا لو اجتمعنا على شاةٍ ما أفنيناها ! قالَ ، فقال : ألا أخبرُكَ بأعجبَ مِن ذلك ؟ قالَ ، فقلتُ : بلى . قالَ : المُهاجرونَ والأنصارُ ذهبوا ( وأشارَ بيدِه ) إلّا ثلاثةً .
وفي حديثٍ ثالثٍ بإسنادِه عَن مُحمّدٍ بنِ إسماعيل ، قالَ حدّثني الفضلُ بنُ شاذان ، عَن إبنِ أبي عُميرٍ عَن إبراهيمَ بنِ عبدِ الحميدِ ، عَن أبي بصيرٍ ، قالَ : قلتُ لأبي عبدِ اللهِ ارتدَّ النّاسُ إلّا ثلاثةٌ أبو ذرٍّ وسلمانُ والمقدادُ قالَ : فقالَ أبو عبدِ الله عليه السّلام : فأينَ أبو ساسانَ وأبو عمرةَ الأنصاريّ ؟
وفي حديثٍ رابعٍ بإسنادِه عَن عليٍّ بنِ الحكمِ ، عَن سيفٍ بنِ عميرةَ ، عَن أبي بكرٍ الحضرميّ ، قالَ : قالَ أبو جعفرٍ عليه السّلام إرتدَّ النّاسُ : إلّا ثلاثةُ نفرٍ سلمانُ وأبو ذرٍّ والمقدادُ قالَ : قلتُ فعمّارٌ ؟ قالَ : قد كانَ حاصَ حيصةً ثمَّ رجعَ.
وفي حديثٍ خامسٍ بإسنادِه عَن محمّدٍ بنِ إسماعيل ، قالَ حدّثني الفضلُ بنُ شاذان ، عن إبنِ أبي عُميرٍ عن وهيبٍ بنِ حفصٍ ، عَن أبي بصيرٍ ، عَن أبي جعفرٍ عليه السّلام ، قالَ : جاءَ المُهاجرونَ والأنصارُ وغيرُهم بعدَ ذلكَ إلى عليٍّ عليه السّلام فقالوا لهُ : أنتَ واللهِ أميرُ المؤمنينَ وأنتَ واللهِ أحقُّ النّاسِ وأولاهُم بالنّبيّ عليهِ السّلام هَلُمَّ يدكَ نُبايعُكَ, فواللهِ لنموتنَّ قدّامكَ ! فقالَ عليٌّ عليه السّلام : إنْ كنتُم صادقينَ فاغدوا غداً عليَّ مُحلّقينَ فحلقَ عليٌّ عليه السّلام وحلقَ سلمانُ وحلقَ مقدادٌ وحلقَ أبو ذرٍّ ولَم يحلُق غيرُهم . ثُمَّ إنصرفوا فجاؤوا مرّةً أُخرى بعدَ ذلكَ ، فقالوا لهُ أنتَ واللهِ أميرُ المؤمنينَ, وأنتَ أحقُّ النّاسِ وأولاهُم بالنّبيّ عليه السّلام هَلُمَّ يدكَ نبايعُك فحلفوا فقالَ : إنْ كنتُم صادقينَ فاغدوا عليّ مُحلّقينَ؛ فما حلقَ إلّا هؤلاءِ الثّلاثةُ قلتُ : فما كانَ فيهم عمّار ؟ فقالَ : لا . قلتُ : فعمّارٌ مِن أهلِ الرّدّةِ ؟ فقالَ : إنَّ عمّاراً قَد قاتلَ معَ عليٍّ عليه السّلام بعد. وقد تسالمَ على هذهِ الأخبارِ علماؤنا الأعلامُ منَ المُتقدّمينَ والمُتأخّرينَ والمُعاصرينَ, فانظُر (كتابُ الإختصاصِ للشّيخِ المُفيد ,ص6), (والتّحريرُ الطّاووسيّ للسّيّدِ إبنِ طاووس,ص393), (وخلاصةُ الأقوالِ في معرفةِ الرّجالِ للعلّامةِ الحلّيّ),(وبحارِ الأنوارِ للمجلسيّ ج22/ص352), (ومُستدركُ الوسائلِ للنّوريّ ج7/ص207), وغيرُها منَ الكُتبِ التي ذكرَت هذهِ الحادثةَ, ودمتُم سالمينَ.
اترك تعليق