كيف يبكي الامام علي (ع) خوفاً من النار؟ وهو قسيم الجنة والنار ؟
بحسب رواياتنا ان الأئمة عليهم السلام يشفعون لشيعتهم في غفران ذنوبهم ودخولهم الجنة، بل ورد أن أمير المؤمنين عليه السلام هو قسيم الجنة والنار، ومن كان هذا حاله فكيف يبكي خوفاً من النار؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
إن للإنسان في سيره التكاملي مراتب وجودية مختلفة، وفي كل مرتبة منها له احتياجات ومتطلبات تناسب تلك المرتبة، فأول تلك المراتب هي المرتبة الحيوانية التي يكون عليها الإنسان منذ ولادته، والتي يناسبها احتياجه الغذاء ورعاية والديه ونحوها، ثم مرتبة الشباب التي تظهر فيها حاجته الجنسية بالإضافة الى احتياجات المرتبة السابقة، ثم المرتبة العقلية والتي تنمو فيها مدركاته العقلية والفكرية، ثم المرتبة الروحية وتتجلى اعلى مراتبها في الأنبياء والأئمة عليهم السلام، ونتيجة لتلك المرتبة فإنهم ينصرفون عن الاهتمام بالدنيا ولا يهمهم بعد ذلك من أمرها شيء غير الأنس بالله والخلوة بالمعبود، هذا الأمر يجعلهم يشعرون بالألم والحزن لاضطرارهم الى الاشتغال بالأمور الدنيوية والارتباط بالناس والحديث معهم، والحرمان من توفيق النجوى مع معبودهم، بل نراهم يعتبرون كل انشغال وإن كان واجباً من الواجبات حرمان لهم من توفيق الخلوة بمعبودهم ونيل لذة مناجاته؛ ولذلك نراهم يسعون للتخلص من معاناة الانشغال بغير الله فنجد مثلاً رسول الله صلى الله عليه واله يخاطب بلالاً طالباً من الأذان للصلاة: أرحنا يا بلال.
فبلوغ تلك المراتب العالية له لوازم منها ان يُعد التوجه الى غير الله تبارك وتعالى ذنباً وإن لم يكن ذلك التوجه اختيارياً، بل ترى هؤلاء يرون ان مجرد التفكير في غير معبودهم ذنباً يُلام عليه، فتجده يشعر بالخجل أمام ربه، لأنه يعرف مقام ربه، ويعلم أمام من يقف، وأن مجرد الغفلة عنه ولو كانت بغير اختياره خطأ يحتاج الى التضرع والبكاء والاستغفار.
مع ملاحظة أن بعض المقامات التي قد يصل اليها بعض أولياء الله تعد عند غيرهم مما يقتضي الاستغفار والاعتذار، لذا قيل "حسنات الأبرار سيئات المقربين".
اترك تعليق