ماهو رأي المذهب الشيعي في صفات الله الخبرية
لقد قسم علماء الكلام صفات الله تعالى إلى ثبوتية وسلبية وهنا قد أُبتدع امر اخر وهو الصفات الخبرية والمنسوب إلى بعضهم والسؤال هو عن رأي المذهب الحق من ذلك وشكرا
السلام عليكم ورحمة الله
منهجُ الشّيعةِ الإماميّةِ تِبعاً لأئمّةِ أهلِ البيتِ (عليهم السّلام) هوَ تأويلُ هذهِ الظّواهرِ وصرفُها عَن معانيها الظّاهريّةِ المُتبادرةِ إلى الأذهانِ للوهلةِ الأولى ، المُوهمةِ تشبيهاً للهِ بخلقِه ، فهيَ آياتٌ مُتشابهةٌ ، يجبُ تفسيرُها على ضوءِ المُحكماتِ التي هيَ أمُّ الكتابِ ، إذ العملُ بالمُتشابهاتِ وفصلُها عنِ المُحكماتِ إنحرافٌ وزيغٌ وضلالٌ ، قالَ تعالى : ﴿هُوَ الَّذي أَنزَلَ عَلَيكَ الكِتابَ مِنهُ آياتٌ مُحكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الكِتابِ وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ فَأَمَّا الَّذينَ في قُلوبِهِم زَيغٌ فَيَتَّبِعونَ ما تَشابَهَ مِنهُ ابتِغاءَ الفِتنَةِ وَابتِغاءَ تَأويلِهِ وَما يَعلَمُ تَأويلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرّاسِخونَ فِي العِلمِ يَقولونَ آمَنّا بِهِ كُلٌّ مِن عِندِ رَبِّنا وَما يَذَّكَّرُ إِلّا أُولُو الأَلبابِ﴾ [آلُ عمران: ٧] .
وتسميتُها بالصّفاتِ الخبريّةِ تسميةٌ خاطئةٌ لا يقولُ بها إلّا المُشبّهةُ والمُجسّمةُ ، وإنّما هيَ إضافاتٌ ، وليسَت كلُّ إضافةٍ صفةً للهِ ، فقَد وردَ إضافةُ النّسيانِ إلى اللهِ ، قالَ تعالى : ﴿المُنافِقونَ وَالمُنافِقاتُ بَعضُهُم مِن بَعضٍ يَأمُرونَ بِالمُنكَرِ وَيَنهَونَ عَنِ المَعروفِ وَيَقبِضونَ أَيدِيَهُم نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُم إِنَّ المُنافِقينَ هُمُ الفاسِقونَ﴾ [التّوبة: ٦٧] .
فهَل اللهُ ينسى ؟! وهَل مُجرّدُ الإضافةِ يُبرّرُ لنا توصيفَ اللهِ بالنّاسي ؟!
وقَد وردَ في الرّواياتِ المُتواترةِ عَن أئمّتِنا عليهم السّلام تفسيرُ هذهِ المُتشابهاتِ والظّواهرِ على خلافِ ما يتبادرُ الى أذهانِ العوامِّ منَ التّشبيهِ والتّجسيمِ ، ونحنُ نُوردُ بعضَها :
روى الصّدوقُ بسندِه عَن أبي حمزةَ قالَ : قلتُ لأبي جعفرٍ عليهِ السّلام : قولُ اللهِ عزَّ وجلَّ ( كلُّ شيءٍ هالكٌ إلّا وجهَهُ ) ؟ قالَ (عليه السّلام) : فيهلكُ كلُّ شيءٍ ويبقى الوجهُ ؟! إنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ أعظمُ مِن أن يُوصَفَ بالوجهِ ، ولكنَّ معناهُ كلُّ شيءٍ هالكٌ إلّا دينُه والوجهُ الذي يُؤتى منه . التّوحيدُ للشّيخِ الصّدوق ص ١٤٩ .
وروى بإسنادِه عَن مُحمّدٍ بنِ مُسلمٍ ، قالَ : سألتُ أبا جعفرٍ عليه السّلام فقلتُ : قولَه عزَّ وجلَّ : ( يا إبليسُ ما منعكَ أن تسجُدَ لِما خلقتُ بيدي ) ؟ فقالَ : اليدُ في كلامِ العربِ القوّةُ والنّعمةُ ، قالَ : ( واذكُر عبدَنا داودَ ذا الأيدِ ) وقالَ : ( والسّماءُ بنيناها بأيدٍ ) أي بقوّةٍ وقالَ : ( وأيّدَهُم بروحٍ منه ) أي قوّاهُم ويقالُ : لفلانٍ عندي أيادٍ كثيرةً أي فواضلَ وإحساناً ، وله عندي يدٌ بيضاء أي نعمةٌ . التّوحيدُ للشّيخِ الصّدوقِ ص ١٥٣ .
وروى بإسنادِه عَن عليٍّ بنِ الحسنِ بنِ عليٍّ بنِ فضّالٍ ، عَن أبيهِ ، قالَ : سألتُ الرّضا عليّ بن مُوسى عليهِما السّلام ، عَن قولِ اللهِ عزَّ وجلَّ : ( كلا إنّهم عَن ربِّهم يومئذٍ لمحجوبونَ ) فقالَ : إنَّ اللهَ تباركَ وتعالى لا يوصفُ بمكانٍ يحلُّ فيهِ فيحجبُ عنهُ فيه عبادَه ، ولكنّهُ يعني ، إنّهم عَن ثوابِ ربِّهم لمَحجوبونَ . التّوحيدُ للشّيخِ الصّدوق ص ١٦٢ .
وروى بإسنادهِ عن عليّ بن الحسن بن عليّ بن فضّال ، عن أبيهِ ، قال : سألتُ الرّضا عليّ بن موسى عليهما السًلام ، عن قول اللهِ عزّ وجلّ ( وجاءَ ربّكَ والملكُ صفّاً صفا ) فقال : إنّ اللهَ عزّ وجلّ لا يوصفُ بالمجئ والذّهاب تعالى عن الانتقال ، إنّما يعني بذلكَ وجاءَ أمرُ ربّكَ والملكُ صفّاً صفا . التوحيدُ للشيخ الصّدوق ص ١٦٢. .
وروى بإسنادِه عَن عبدِ اللهِ بنِ قيسٍ عَن أبي الحسنِ الرّضا عليهِ السّلام قالَ : سمعتُه يقولُ : ( بَل يداهُ مبسوطتانِ ) فقلتُ : لهُ يدانِ هكذا ، وأشرتُ بيدي إلى يدِه ، فقالَ: لا ، لو كانَ هكذا لكانَ مخلوقاً . التّوحيدُ للشّيخِ الصّدوق ص ١٦٨ .
وروى بإسنادِه عَن مُحمّدٍ بنِ مُسلمٍ ، قالَ: سألتُ أبا جعفرٍ عليهِ السّلام عَن قولِ اللهِ عزَّ وجلَّ : ( ونفختُ فيهِ مِن روحي ) قالَ : روحٌ إختارَهُ اللهُ واصطفاهُ وخلقَهُ وأضافَهُ إلى نفسِه وفضّلَهُ على جميعِ الأرواحِ ، فأمرَ فنفخَ منهُ في آدمَ . التّوحيدُ للشّيخِ الصّدوق ص ١٧٠ .
وروى بإسنادِه عَن حنانٍ بنِ سديرٍ ، قالَ : سألتُ أبا عبدِ اللهِ عليهِ السّلام عنِ العرشِ والكُرسيّ، فقالَ: إنَّ للعرشِ صفاتٍ كثيرةً مُختلفةً ، لهُ في كلِّ سببٍ وُضعَ في القرآنِ صفةٌ على حدةٍ فقولُه : ( ربُّ العرشِ العظيمِ ) يقولُ : المُلكُ العظيمُ ، وقولَه : ( الرّحمنُ على العرشِ إستوى ) يقولُ: على المُلكِ إحتوى ... إلخ . التّوحيدُ للشّيخِ الصّدوقِ ص ٣٢١ .
وروى بإسنادِه عَن حفصٍ بنِ غياثٍ ، قالَ: سألتُ أبا عبدِ اللهِ عليه السّلام عَن قولِ اللهِ عزَّ وجلَّ : ( وسعَ كُرسيُّه السّماواتِ والأرضَ ) قالَ : علمُه . التّوحيدُ للشّيخِ الصّدوقِ ص ٣٢٧ .
وبعضُ الأحاديثِ التي رواها أبناءُ العامّةِ نالَتها يدُ التّحريفِ كما بيّنَهُ أئمّتُنا عليهمُ السّلام ، روى الصّدوقُ بسندِه عنِ الحُسينِ بنِ خالدٍ ، قالَ : قلتُ للرّضا عليهِ السّلام: يا ابنَ رسولِ اللهِ إنَّ النّاسَ يروونَ أنَّ رسولَ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وآلِه وسلّم قالَ : إنَّ اللهَ خلقَ آدمَ على صورتِه ، فقالَ : قاتلَهُم اللهُ ، لقَد حذفوا أوّلَ الحديثِ ، إنَّ رسولَ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وآلِه وسلّم مرَّ برجُلينِ يتسابّانِ ، فسمعَ أحدَهُما يقولُ لصاحبِه : قبّحَ اللهُ وجهكَ ووجهَ مَن يُشبهكَ ، فقالَ صلّى اللهُ عليهِ وآلِه وسلّم : يا عبدَ اللهِ لا تقُل هذا لأخيكَ ، فإنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ خلقَ آدمَ على صورتِه . التّوحيدُ للشّيخِ الصّدوقِ ص ١٥٣ . وروى بإسنادِه عَن إبراهيمَ بنِ أبي محمودٍ ، قالَ : قلتُ للرّضا عليهِ السّلام : يا ابنَ رسولِ اللهِ ما تقولُ في الحديثِ الذي يرويهِ النّاسُ عَن رسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وآلِه وسلّم أنّهُ قالَ : إنَّ اللهَ تباركَ وتعالى ينزلُ كلَّ ليلةٍ إلى السّماءِ الدّنيا ؟ فقالَ عليهِ السّلام : لعنَ اللهُ المُحرّفينَ الكلمَ عَن مواضعِه ، واللهِ ما قالَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وآلِه وسلّمَ كذلكَ ، إنّما قالَ صلّى اللهُ عليهِ وآلِه وسلّم : إنَّ اللهَ تباركَ وتعالى يُنزلُ ملكاً إلى السّماءِ الدّنيا كلَّ ليلةٍ في الثّلثِ الأخيرِ، وليلةِ الجمعةِ في أولِ اللّيلِ فيأمرُه فيُنادي هَل مِن سائلٍ فأُعطيهِ؟ هَل مِن تائبٍ فأتوبَ عليهِ ؟ هَل مِن مُستغفرٍ فأغفرَ لهُ ؟ يا طالبَ الخيرِ أقبِل ، يا طالبَ الشّرِّ أقصِر ، فلا يزالُ يُنادي بهذا حتّى يطلعَ الفجرُ ، فإذا طلعَ الفجرُ عادَ إلى محلِّه مِن ملكوتِ السّماءِ ، حدّثني بذلكَ أبي عَن جدّي ، عَن رسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وآلِه وسلّم . التّوحيدُ للشّيخِ الصّدوقِ ص ١٧٦ .
وإن أردتَ البيانَ التّفصيليَّ لرواياتِنا فعليكَ بمراجعةِ بحارِ الأنوارِ الجزءِ الثّالثِ والرّابعِ ، بابُ : نفي الجسمِ والصّورةِ والتّشبيهِ والحلولِ والإتّحادِ ، وبابُ : نفيُ الزّمانِ والمكانِ والحركةِ والإنتقالِ عنهُ تعالى ، وأبوابُ تأويلِ الآياتِ الموهمةِ لخلافِ ما سبقَ .
أقوالُ بعضُ علماءِ الإماميّةِ :
قالَ الشّيخُ الصّدوقُ في كتابِه الإعتقادات : ((ومَن قالَ بالتّشبيهِ فهوَ مُشركٌ ومَن نسبَ إلى الإماميّةِ غيرَ ما وصفتُ في التّوحيدِ فهوَ كاذبٌ .
وكلُّ خبرٍ يخالفُ ما ذكرتُ في التّوحيدِ فهوَ موضوعٌ مُخترَعٌ وكلُّ حديثٍ لا يوافقُ كتابَ اللهِ فهوَ باطلٌ وإن وُجدَ في كتابِ علمائنا فهوَ مُدلّسٌ .
والأخبارُ التي يتوهّمُها الجُهّالُ تشبيهاً للهِ تعالى بخلقِه فمعانيها محمولةٌ على ما في القرآنِ مِن نظائرِها . لأنَّ في القرآنِ : ( كلُّ شيءٍ هالكٌ إلّا وجهَهُ ) ومعنى الوجهِ : الدّينُ ، والدّينُ هوَ الوجهُ الذي يُؤتى اللهُ منهُ ويُتوجّهُ بهِ إليه . وفي القُرآنِ : ( يومَ يُكشَفُ عَن ساقٍ ويُدعونَ إلى السّجودِ ) والسّاقُ : وجهُ الأمرِ وشدّتُه . وفي القُرآنِ : ( أن تقولَ نفسٌ يا حسرَتا على ما فرّطتُ في جنبِ اللهِ ) والجنبُ : الطّاعةُ . وفي القُرآنِ : ( ونفختُ فيهِ مِن روحي ) والرّوحُ هيَ روحٌ مخلوقةٌ جعلَ اللهُ منها في آدمَ وعيسى عليهمَا السّلامُ وإنّما قالَ روحي كمَا قالَ بيتي وعبدي وجنّتي وناري وسمائِي وأرضي . وفي القُرآنِ ( بَل يداهُ مبسوطتانِ ) يعني نعمةَ الدّنيا ونعمةَ الآخرةِ . وفي القرآنِ : ( والسّماءُ بنيناها بأيدٍ ) والأيدي : القوّةُ ومنهُ قولُه تعالى : ( واذكُر عبدَنا داودَ ذا الأيدِ ) يعني ذا القوّةِ . وفي القُرآنِ : ( يا إبليسُ ما منعكَ أن تسجُدَ لِما خلقتُ بيدي ) يعني بقُدرتي وقوّتي . وفي القُرآنِ : ( والأرضُ جميعاً قبضتُه يومَ القيامةِ ) يعني ملكُه لا يملكُه معهُ أحدٌ . وفي القُرآنِ : ( والسّماواتُ مطويّاتٌ بيمينِه ) يعني بقُدرتِه . وفي القُرآنِ : ( وجاءَ ربُّكَ والملكُ صفّاً صفّاً ) يعني وجاءَ أمرُ ربّكَ . وفي القُرآنِ : ( كلا إنّهُم عَن ربِّهم يومئذٍ لمحجوبونَ ) يعني عَن ثوابِ ربِّهم . وفي القرآنِ : ( هَل ينظرونَ إلّا أن يأتيهم اللهُ في ظللٍ منَ الغمامِ والملائكةِ ) أي عذابُ اللهِ . وفي القرآنِ : ( وجوهٌ يومئذٍ ناضرةٌ * إلى ربّها ناظرةٌ ) يعني مُشرّفةٌ تنظرُ ثوابَ ربّها . وفي القرآنِ : ( ومَن يحلُل عليهِ غضبِي فقَد هوى ) وغضبُ اللهِ عقابُه ، ورضاهُ ثوابُه . وفي القرآنِ : ( تعلمُ ما في نفسي ولا أعلمُ ما في نفسِكَ ) أي تعلمُ غيبي ولا أعلمُ غيبكَ . وفي القُرآنِ : ( ويحذّرُكم اللهُ نفسه ) يعني إنتقامَهُ . وفي القُرآنِ : ( إنَّ اللهَ وملائكتَهُ يُصلّونَ على النّبيّ ) وفي القُرآنِ : ( هوَ الذي يُصلّي عليكُم وملائكتَه ) والصّلاةُ منَ اللهِ رحمةٌ ومنَ الملائكةِ تزكيةٌ ومنَ النّاسِ دُعاءٌ . وفي القُرآنِ : ( ومكروا ومكرَ اللهُ واللهُ خيرُ الماكرينَ ) وفي القرآنِ : ( يُخادعونَ اللهَ وهوَ خادعُهم ) وفي القرآنِ : ( اللهُ يستهزئُ بهم ) وفي القرآنِ : ( سخرِ اللهُ منهُم ) وفي القرآنِ : ( نسوا اللهَ فنسيَهم ) . ومعنى ذلكَ كلِّه أنّهُ عزَّ وجلَّ يُجازِيهم جزاءَ المكرِ وجزاءَ المُخادعةِ ، وجزاءَ الإستهزاءِ وجزاءَ السّخريةِ وجزاءَ النّسيانِ وهوَ أن يُنسيهِم أنفُسهم كما قالَ عزَّ وجلَّ : ( ولا تكونوا كالذينَ نسوا اللهَ فأنساهُم أنفُسَهم ) لأنّهُ عزَّ وجلَّ في الحقيقةِ لا يمكرُ ولا يُخادعُ ولا يستهزئُ ولا يسخرُ ولا ينسى تعالى اللهُ عزَّ وجلَّ عَن ذلكَ علوّاً كبيراً .
وليسَ يردُ في الأخبارِ التي يُشنّعُ بها أهلُ الخلافِ والإلحادِ إلّا مثلُ هذهِ الألفاظِ ومعانيها معاني ألفاظِ القُرآنِ .)) الإعتقاداتُ للشّيخِ الصّدوقِ ص3 ، البابُ الأوّلُ : بابٌ في صفةِ إعتقادِ الإماميّةِ في التّوحيدِ .
وأنظُر أيضاً ما ذكرَهُ الشّيخُ المُفيدُ في تصحيحِ الإعتقادِ ص116 وما بعد ، فإنّهُ حملَ هذهِ الآياتِ على خلافِ ظواهرِها الموهمةِ تشبيهاً وتجسيماً .
وقالَ الشّيخُ الطّوسيّ : والمُتشابهُ ما كانَ المرادُ بهِ لا يُعرَفُ بظاهرِه بَل يحتاجُ إلى دليلٍ وذلكَ ما كانَ مُحتمِلاً لأمورٍ كثيرةٍ أو أمرينِ ولا يجوزُ أن يكونَ الجميعُ مُراداً فإنّهُ مِن بابِ المُتشابهِ .
وإنّما سُمّيَ مُتشابِهاً لإشتباهِ المُرادِ منهُ بما ليسَ بمُرادٍ وذلكَ نحوَ قولِه : [ يا حسرةً على ما فرّطّتُ في جنبِ اللهِ ] وقولِه : [ والسّماواتُ مطويّاتٌ بيمينِه ] وقولُه : ( تجري بأعيُننا ) وقولُه ( يُضلُّ مَن يشاء ) وقولُه : ( فأصمّهُم وأعمى أبصارَهُم وطبعَ على قلوبِهم ) ونظائرُ ذلكَ منَ الآياتِ التي المُرادُ مِنها غيرُ ظاهرِها . التّبيانُ في تفسيرِ القرآنِ للشّيخِ الطّوسي ج ١ ص ٨٤ .
وقالَ أيضاً : وقولُه { الرّحمنُ على العرشِ إستوى } معناه إستولى عليهِ لِما خلقَهُ ، كما قالَ الشّاعر :
قد إستوى بشرٌ على العراقِ * مِن غيرِ سيفٍ ودمٍ مهراق
وقولُه : { لِما خلقتُ بيدي } معناهُ أنّهُ تولّى خلقَهُ بنفسِه ، كما يقولُ القائلُ " هذا ما عملَت يداكَ " أي أنتَ فعلتَه . وقيلَ: معناهُ لِما خلقتُ لنِعمتِي الدّينيّةِ والدّنيويّةِ .
وقولُه : { في جنبِ اللهِ } معناهُ في ذاتِ اللهِ وفي طاعتِه .
وقولُه : { والسّماواتُ مطويّاتٌ بيمينِه } أي بقُدرتِه ، كما قالَ الشّاعرُ :
إذا ما رايةٌ رُفعَت لمجدٍ * تلقّاها عرابةُ باليمينِ
وقولُه : { تجري بأعيُنِنا } أي ونحنُ عالمونَ . الإقتصادُ للشّيخِ الطّوسي ص ٦٢
ولاحِظ ما ذكرَهُ المقدادُ السّيوريّ في كتابِه اللّوامعُ الإلهيّةُ في المباحثِ الكلاميّةِ ص165 وما بعد .
وفيما ذكَرنا كفايةٌ لمعرفةِ إتّجاهِ ومنهجِ أئمّةِ أهلِ البيتِ (عليهم السّلام) وموقفهم تجاهَ هذهِ الظّواهرِ القُرآنيّةِ .
اترك تعليق