مصطلح اللطف

: اللجنة العلمية

اللطف لغة:

إنّ للطف لغوياً عدّة معاني، منها: الرفق، واللين، والدنو. فيقال: لطَفَ به، أي: رفق به. وألطف الله بالعبد، أي: أرفق به، وأوصل إليه ما ينفعه برفق، ووفقه وعصمه، فهو لطيف.

ومن معاني اللطف في اللغة أيضاً: الدقة والظرافة، فهو ضد الضخامة والكثافة، والإسم: اللطافة. فيقال: لطف الشيء، أي: صغرُ ودق، ولطف الله بهذا المعنى، أي: دقته وظرافته في خلق الأشياء(1).

اللطف اصطلاحاً:

اللطف: ما يدعو المكلف إلى فعل الطاعة وترك المعصية بحيث يجعله أقرب إلى امتثال أوامر الله تعالى وأبعد عن ارتكاب نواهيه(2).

الشرط الأساس في اللطف بمعناه العقائدي:

إنّ الشرط الأساس في اللطف: أنْ لا يبلغ حدّ القهر والإلجاء، بل يكون المكلف مع وجود هذا اللطف مختاراً في فعل الطاعة وترك المعصية.

ودليل ذلك: ان (الإختيار) هو الشرط الأساس للتكليف، وبما أنّ بلوغ اللطف حدّ القهر والإلجاء ينافي الإختيار، فلهذا يُشترط أنْ لا يبلغ اللطف حدَاً يُنافي الإختيار(3).

تنبيهات مهمة:

1ـ إنّ الهدف الأساس من اللطف هو تقويّة الدواعي إلى فعل الخير.

2ـ تقوية الصوارف ـ كلُّ ما يَصرف ـ عن فعل الشر.

3ـ التشجيع على فعل الخير وإزاحة العقبات أمام الإنسان ليكون أقرب إلى فعل الطاعة.

4ـ التنفير من فعل الشر وجعل العقبات أمام الإنسان ليكون أبعد عن فعل المعصية.

الصلة بين اللطف وبين (التوفيق)، و(العصمة):

إنّ اللطف هو ما يبعث ويحفّز على فعل الطاعة ويزجر عن فعل المعصّية، وفي هذه الحالة يتبين لنا أمور مهمة هي(4):

1ـ إذا استجاب الإنسان لهذا البعث والتحفيز واختار فعل الطاعة؛ فسيطلق على هذا (اللطف) اسم (التوفيق)؛ لأنّ الإنسان استطاع في ظلّ هذا اللطف أنْ ينال التوفيق في فعل الطاعة.

2ـ إذا استجاب الإنسان لهذا البعث والتحفيز، وترك فعل المعصية فسيطلق على هذا اللطف اسم (العصمة)؛ لأنّ الإنسان استطاع في ظلّ هذا اللطف أنْ يعصم نفسه من فعل المعصية.

أقسام اللطف:

ينقسم اللطف باعتبار فاعله إلى(5):

1ـ ما يكون من فعل الله تعالى.

كـ: أ ـ بعث الأنبياء ونصب الحُجج ودعمهم بالمعاجز والكرامات وغيرها مما تجعل المكلفين أقرب إلى فعل الطاعة وأبعد عن فعل المعصية.

ب ـ جعل الشريعة سمحاء بعيدة عن التعقيد أو الغموض.

جـ ـ الوعد والوعيد واستخدام اسلوب الترغيب والترهيب من أجل إثارة رغبة المكلف إلى فعل الطاعة وإثارة الرهبة إزاء فعل المعصية.

دـ التدّخل الإلهي لإزالة العوائق والحواجز الموجودة في طريق الطاعة وجعل الموانع في طريق المعصية.

هـ ـ الآلام التي جعلها الله تعالى في بعض الأحيان وسيلة لاستيقاظ الغافلين وعودتهم إلى الإيمان بعد الابتعاد عنه.

2ـ ما يكون من فعل المكلف في حق نفسه.

كـ: أ ـ تعلّم الأحكام الشرعّية وغيرها من الأمور التي يبينها الله تعالى للمكلفين، ليكونوا أقرب إلى امتثال أوامره والإنتهاء عن نواهيه.

ب ـ توفير الإنسان لنفسه الأرضية والأجواء المناسبة التي تحفّزه على فعل الطاعة وترك المعصية.

3ـ ما يكون من فعل المكلف في حق غيره.

كـ: أ ـ تبليغ الأنبياء للرسالة الإلهية، وبذلهم المزيد من الجهد من أجل دعوة الناس إلى الهداية وسبيل الحق.

ب ـ قيام بعض الناس بمهمة تلقي العلوم والمعارف الإلهية من أجل توعية الناس ورفع مستواهم الديني، وهذه المهمة هي الملقاة على عاتق العلماء والدعاة.

جـ ـ فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التي أوجبها الله تعالى على جميع المكلفين، ليكونوا في ظلها أقرب إلى فعل الطاعة وأبعد عن فعل المعصية.

د ـ المبادرة إلى أي عمل يؤدي إلى توفير الأجواء المناسبة لامتثال الأوامر الإلهية والابتعاد عن نواهيه، من قبيل: بناء الأماكن التي تُقرّب العباد إلى الله تعالى، أو دعم المشاريع التي تهيء الأرضية لفعل الطاعات وترك المعاصي.

وجوب اللطف:

إنّ حكمة الله تعالى وجودِهِ وكرمه تقضي منه اللطف بالعباد، ودليل وجوب اللطف هو: ان غرض الله تعالى من تكليف العباد هو أن يبلغوا الكمال عن طريق فعل الطاعة وترك المعصية، فإذا كان هناك شيء يؤدي فعله إلى:

1ـ أنْ يختار المكلف فعل الطاعة ويترك فعل المعصية.

2ـ أنْ يكون المكلف أقرب إلى فعل الطاعة وأبعد عن فعل المعصية.

فإن الحكمة الإلهية تقتضي فعل ذلك الشيء، لأنّ عدم فعله يستلزم نقض الغرض من تكليف العباد، ونقض الغرض قبيح ومنافٍ للحكمة، والله تعالى منزه عن ذلك، فنستنتج: بأن الحكمة الإلهية تقتضي فعل اللطف(6).

___________________________

(1) المصباح المنير، مادة (لطف)، المعجم الوسيط، مادة (لطف)، المنجد، مادة (لطف).

(2) الذخيرة، الشريف المرتضى، ص186، الاقتصاد، الطوسي، ص130.

(3) كشف المراد، العلامة الحلي، ص444.

(4) الذخيرة، الشريف المرتضى، ص186، المنقذ من التقليد، سديد الدين الحمصي، ج1، ص306، ارشاد الطالبين، العلامة الحلي، ص277.

(5) الاقتصاد، الطوسي، ص132، قواعد المرام، البحراني، ص118، كشف المراد، ص254، إرشاد الطالبين، السيوري، ص276، اللوامع الإلهية، السيوري، ص227.

(6) الذخيرة، الشريف المرتضى، ص194.