في حديث للشيخ محمد الشعراوي يقول "لاعذاب إلا بعد حساب" يقول انقطع عمل إبن آدم إلا من ثلاث ولد صالح يدعو له صدقة جارية اوعلم ينتفع به ؟ ممكن توضيح الحديث
السلام عليكم ورحمة الله
هذا الحديث يُعَـدٌّ من الأحاديث الصحيحة المتّفق عليها بين الفريقين (السنّة والشيعة الإماميّة), وكذلك ترويهِ بقيّة الفرق الإسلاميّة, وإليكَ طائفة من الرواياتِ الواردة عن أهل بيت العصمة سلام الله عليهم أجمعين.
في كتاب مرآةِ العقول في شرح أحاديث أخبار آل الرسول (صلى الله عليه وآله) للمجلسيّ _ج23/ص93), بابُ مَا يَلحقُ المَيِّتَ بَعْدَ مَوتِه
1 – الكلينيّ عن عِدَّةٌ مِن أَصْحَابِنَا عَن أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَن مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَن مَنْصُورٍ عَن هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَن أَبِي عَبْدِ اللَّه ع قَالَ لَيْسَ يَتْبَعُ الرَّجُلَ بَعْدَ مَوْتِه مِنَ الأَجْرِ إِلَّا ثَلَاثُ خِصَالٍ صَدَقَةٌ أَجْرَاهَا فِي حَيَاتِه فَهِيَ تَجْرِي بَعْدَ مَوْتِه وسُنَّةُ هُدًى سَنَّهَا فَهِيَ يُعْمَلُ بِهَا بَعْدَ مَوْتِه أَوْ وَلَدٌ صَالِحٌ يَدْعُو لَه
2 - الكلينيّ عن عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَن أَبِيه عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَن حَمَّادٍ عَنِ الحَلَبِيِّ عَن أَبِي عَبْدِ اللَّه ع قَالَ لَيْسَ يَتْبَعُ الرَّجُلَ بَعْدَ مَوْتِه مِنَ الأَجْرِ إِلَّا ثَلَاثُ خِصَالٍ صَدَقَةٌ أَجْرَاهَا فِي حَيَاتِه فَهِيَ تَجْرِي بَعْدَ مَوْتِه وصَدَقَةٌ مَبْتُولَةٌ لَا تُورَثُ أَو سُنَّةُ هُدًى يُعْمَلُ بِهَا بَعْدَه أَو وَلَدٌ صَالِحٌ يَدعُو لَه
والكلينيّ عن مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنِ الفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ عَن صَفْوَانَ عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَن مُحَمَّدٍ الْحَلَبِيِّ عَن أَبِي عَبْدِ اللَّه ع مِثلَه إِلَّا أَنَّه قَالَ أَو وَلَدٌ صَالِحٌ يَسْتَغْفِرُ لَه
3 - الكلينيّ عن عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَن أَبِيه عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَن إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ عَن أَبِي عَبْدِ اللَّه ع قَالَ لَا يَتبَعُ الرَّجُلَ بَعْدَ مَوْتِه إِلَّا ثَلَاثُ خِصَالٍ صَدَقَةٌ أَجْرَاهَا لِلَّه فِي حَيَاتِه فَهِيَ تَجْرِي لَه بَعْدَ مَوْتِه وسُنَّةُ هُدًى سَنَّهَا فَهِيَ يُعْمَلُ بِهَا بَعْدَ وَفَاتِه ووَلَدٌ صَالِحٌ
يَدْعُو لَه.
4 - الكلينيّ عن مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنِ الفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ عَن صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى عَن مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ قَالَ قُلْتُ لأَبِي عَبْدِ اللَّه ع مَا يَلحَقُ الرَّجُلَ بَعْدَ مَوْتِه فَقَالَ سُنَّةٌ سَنَّهَا يُعْمَلُ بِهَا بَعْدَ مَوْتِه فَيَكُونُ لَه مِثلُ أَجْرِ مَن عَمِلَ بِهَا مِن غَيْرِ أَن يَنْتَقِصَ مِن أُجُورِهِم شَيْءٌ والصَّدَقَةُ الجَارِيَةُ تَجْرِي مِن بَعْدِه والوَلَدُ الصَّالِحُ يَدْعُو لِوَالِدَيْه بَعْدَ مَوْتِهِمَا ويَحُجُّ ويَتَصَدَّقُ عَنْهُمَا ويُعْتِقُ ويَصُومُ ويُصَلِّي عَنْهُمَا فَقُلتُ أُشْرِكُهُمَا فِي حَجِّي قَالَ نَعَمْ
5 - عِدَّةٌ مِن أَصْحَابِنَا عَن أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّه عَن يَعْقُوبَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ شُعَيْبٍ عَن أَبِي كَهْمَسٍ عَن أَبِي عَبْدِ اللَّه ع قَالَ سِتَّةٌ تَلْحَقُ الْمُؤْمِنَ بَعْدَ وَفَاتِه وَلَدٌ يَسْتَغْفِرُ لَه ومُصْحَفٌ يُخَلِّفُه وغَرْسٌ يَغْرِسُه وقَلِيبٌ يَحْفِرُه وصَدَقَةٌ يُجْرِيهَا وسُنَّةٌ يُؤْخَذُ بِهَا مِن بَعْدِه. وهذه الأحاديث صحيحةٌ ومعتبرةٌ حسب قواعد علمي الحديث والرجال عند مدرسة أهل البيت (ع).وأمّا شرح الحديث, فنقول:
هذا الحديث فيه حثٌّ على أنْ يفكّر الإنسانُ في الأعمال التي تنفعه قبل الموت وبعد الموت, فعليه المبادرة إلى الأعمال الصالحة لأنّه لا يدري متى يفاجئه الموت, فليبادر قبل أن ينقطع عمله الصالح الذي يزدادُ به رفعة عند الله سبحانه وتعالى وثواباً, ومن المعلوم أنّ كلّ واحد منّا لا يعلم متى يموت ولا يعلم أين يموت كما قال الله تعالى: وما تدري نفسٌ ماذا تكسب غداً وما تدري نفسٌ بأيّ أرض تموت, فإذا كان الأمر كذلك فإنّ العاقل ينتهز فرص العمر في طاعة الله عزّ وجلّ قبل أن يأتيه الموت وهو بعد لم يتب ولم يستغفر من ذنوبه, وقولنا انقطعَ عمله يشمل كلّ عمل لا يكتب له ولا عليه إذا مات, لأنّه انتقلَ من دار الدنيا التي دار العمل إلى دار الجزاء والحساب, لكن في هذا الحديث استثناءٌ مهمٌّ ينبّه فيه ابن آدم على أمور ثلاثة إن فعلها في دار الدنيا فثوابُ عمله سيستمرُّ وسينتفع به بعد موته مادامت أعماله الخيريّة التي كان قد أسّسها في حياته, ثُمَّ تركها بعد مماته وهي لا تزال مستمرّةً ونافعة ينتفع بها المسلمون, فهو لا يعذّب لأنّ حسابه معلّقٌ بانتهاء أعماله الخيريّة التي خلّفها وراءه, فإذا انتهت أعماله الخيريّة فحينها يبدأ حسابه, فيعذّب على ما ارتكبه من ذنوب, ويحسنُ إليه ويؤجر على ما فعله من أعمال الخير والبرّ. وهذه الأمور هي: صدقة جارية يعني أن يتصدّق الإنسان بشيء وتستمرُّ منفعته حتّى بعد موته مثل بناء المساجد , لأنّ أجر الباني مستمرٌّ مادام هذا المسجد قائماً ليلاً ونهاراً والمسلمون يمكثون في المساجد في صلاتهم وقراءتهم وتعلّمهم العلم وتعليمهم العلم وغير ذلك ومن الصدقات الجارية أن يوقفَ الإنسان وقفاً من عقار أو بستان أو نحوه على الفقراء والمساكين أو على طلبة العلم أو على المجاهدين في سبيل الله أو ما أشبه ذلك, ومن الصدقات الجارية أن يطبعَ الإنسان كتبا نافعة للمسلمين يقرؤون فيها وينتفعون بها سواء كانت من مؤلّفين في عصره أو من مؤلّفين سابقين, فالمهمّ أن تكون كتباً نافعة ينتفع بها المسلمون من بعده ومن الصدقات الجارية إصلاح الطرق فإنّ الإنسان إذا أصلح الطرق وأزال عنها الأذى واستمرَّ الناس ينتفعون بهذا فإنّ ذلك من الصدقات الجارية. وأيضاً من الصدقات الجارية أنْ يبني مشروعاً يستفيد منه فقراء المسلمين ويبقى هذا المشروع مستمراً في العمل حتّى بعد وفاته فإنّ ذلك مِـمّا ينفعه بعد موته. والقاعدة في الصدقة الجارية كلُّ عمل صالح يستمرُّ للإنسان بعد موته.
أمّا الثاني فعلمٌ ينتفع به وهذا أعمُّها وأشملها وأنفعها أن يترك الإنسان وراءه علماً ينتفع المسلمون به سواء ورث من بعده بالتعليم الشفويّ أو بالكتابة فتأليف الكتب وتعليم الناس وتداول الناس لهذه المعلومات مادام مستمرّاً فأجر المعلّم مستمرُّ, لأنّ الناسَ ينتفعون بهذا العلم الذي ورثه .
والثالث ولدٌ صالح يدعو له, والولد يشمل الذكر والأنثى يعني ابن أو بنت يشمل ابنك لصلبكَ وابنتكَ لصلبك وأبناء أبنائك وأبناء بناتك وبنات أبنائك وبنات بناتك إلى آخره, ولدٌ صالح يدعو للإنسان بعد موته هذا أيضاً يثاب عليه الإنسان. ودمتم سالمين.
اترك تعليق