ممكن مصدر قصة يوشع بن لاوي مع الياس؟!

: السيد رعد المرسومي

السلام عليكم ورحمة الله : أنّ قصّة يوشع بن لاوي مع إلياس ذكرها بعضُ علماء الإماميّة حين عرض لقصّة موسى والخضر عليهما السلام, إذ يَقولُ الشَّيخ ناصِر مَكارِم الشّيرازي في تَفسيرهِ الأمثَل (ج7/ ص563), مطبعة نكارش, الطبعة الحديثة, الناشر: دار النشر الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام, سنة النشر 1433 هـ : بعد أنْ فرض في بادئ الأمر سؤالاً نصّه ما يلي: هل ذُكرت قصّة موسى وهذا العالم الكبير [أي الخضر عليه السلام] في مصادر اليهود والمسيح؟ فيقول الشيخ ناصر حفظه الله: إذا كان المقصودُ هو كتب العَهْدَينِ (التوراة والإنجيل), فإنّ ذلك غير مذكور فيهما, أمّا بَعضُ كُتبِ عُلماءِ اليَهود الّتي تَمَّ تَدوينُها في القَرنِ الحادي عشر الميلادي، ففيها قِصّةُ تَشبَهُ إِلى حَدٍّ كَبيرٍ حادِثَةَ موسى (عليهِ السّلام) وعالِمُ زَمانهِ، بالرَّغم مِنْ أنّها تَذكُرُ أنَّ أبطالَ تِلكَ القِصّة هما (إِلياس) و (يوشع بن لاوي) وهُما مِنْ مُفسّري (التلمود) في القَرنِ الثّالثِ الميلادي، وتَختلِفُ مِنْ خِلالِ عِدّةِ أُمورٍ عَن قِصّة موسى والخِضر، والقِصَّةُ هذه هي: ((وهوَ (أي يوشع) يَطلُبُ مِنَ اللهِ أنْ يَلقىٰ إلياس، وبِمُجرّدِ أنْ يُستجابَ دُعاؤهُ ويَحظىٰ بِلقاءِ إلياس فإِنَّه يَرجوهُ أنْ يُطلِعَهُ على بَعضِ الأسرار.فيُجيبهُ إلياس: إِنّكَ لا طاقَةَ لَكَ على تَحَمّل ذلك، إلاَّ أنَّ يوشع يُصِرُّ ويُلحُّ في طَلبِهِ فيَستجيبُ لهُ إلياس مُشترطاً عليهِ أن لا يَسألَ عن أيّ شيءٍ يَراهُ، وإِذا تَخلّفَ يُوشع عن هذا الشَّرط فإنَّ الياسَ حُرٌّ في الإنفصالِ عَنه وتَركِهِ، وعلى أساسِ هذا الإتّفاقِ يَترافَقُ يوشع وإلياسُ في السَّفَر. وأثناءَ سَفَرِهما يَدخلانِ إِلى بَيتٍ فيَستقبِلُهما صاحِبُ البَيتِ أحرَّ إستقبالٍ ويُكرِمُ وِفادهما. وكانَ لإهلِ ذلكَ البَيتِ بَقرَةٌ هِيَ كُلُّ ما يَملكونَ مِن حُطامِ الدُّنيا حَيثُ كانوا يُوفّرونَ لأنفُسِهم لُقمَةَ العَيشِ مِن بَيعِ لَبَنِها. فيَأمرُ إلياسُ صاحِبَ البَيتِ أن يَذبَحَ تِلكَ البَقرة، ويَستَولي على يُوشَعَ العُجُبُ والإستغرابُ مِن هذا التَّصَرِّف ويَدفَعهُ ذلكَ لأن يَسأله عَنِ المُبرّر لهذا الفِعل. فَيُذكّرهُ إلياسُ بما إتّفقا عَليهِ ويُهدّدهُ ِبمُفارَقَتِه لَهُ فَيَصمُتُ يوشع ولا يَنبِسُ بِكَلِمة.

ومِن هُناكَ يُواصِلانِ سَفرَهُما إِلى قَريَةٍ أُخرى فَيَدخُلانِ إِلى بَيتِ شَخصٍ ثَريٍّ ويَنهَضُ إلياسُ إِلىٰ جِدارٍ في ذلكَ البَيتِ يُشرِفُ على السُّقوطِ فَيُرَمّمهُ ويُقيمُه. وَفي قَريَةٍ أُخرى يُواجِهانِ عَدَداً مِن سُكّانِ تِلكَ القَريَةِ مُجتَمِعِينَ في مَكانٍ مُعيّنٍ ولا يُعيرونَ هٰذينِ الشَّخصَينِ بالاً ولا يُواجِهونَهما بإحترام. فَيَقومُ إلياسُ بالدُّعاءِ لَهُم أن يَصِلُوا جميعاً إِلى الرِّئاسةِ. وفي قَريَةٍ رابِعَةٍ يُواجِههُما سُكّانُها بإحترامٍ فائقٍ فيَدعو لَهُم إلياسُ بأن يَصِلَ شخصٌ واحِدٌ مِنهُم فَحَسب إِلى الرِّئاسة. وبالتّالي فإِنّ يوشعَ بِن لاوي لا يطيقُ الصَّبرَ فيَسألُ عَنِ الوَقائعِ الأربَع، ويُجيبُهُ إلياس: بأنّهُ في البَيتِ الأوّلِ كانَت زَوجَةُ ربِّ الدّارِ مريضةً ولَو أنَّ تِلكَ البَقرَةَ لَم تُذبَح بِعنوانِ الصَّدَقةِ فإِنّ تِلكَ المَرأةَ تَموتُ ويُصابُ صاحِبُ الدّارِ بِخَسارَةٍ أفدَحَ مِنَ الخَسارَةِ الّتي تَلحَقُهُ نَتيجَةً لِذَبحِ البَقَرة، وفي البَيتِ الثّاني كانَ هناكَ كنزٌ يَنبغي الإحتفاظُ بهِ لِطِفلٍ يَتيم، وأمّا إِنَّهُ قد دعوتُ لأهلِ القَريَةِ الثّالثةِ بأنْ يَصِلوا إِلى الرِّئاسَةِ جَميعاً فذلِكَ لِكَي تَضطَرِبَ أُمورُهُم ويَختَلُّ النِّظامُ عِندَهُم. على العَكسِ مِن أهلِ القَريَةِ الرّابعَةِ فإِنّهم إِذا أسنَدوا زِمامَ أُمورِهِم إِلى شَخصٍ واحدٍ فإِنّ أُمورَهُم سَوفَ تَنتَظِمُ وتَسيرُ على ما يُرام».[إنتهت القصّة].

ثُمّ يُنَبّه الشيخ في نهاية المطاف على أمرٍ مهمٍّ يتعلّق بالموقف الصحيح من التطابق بين مضمون القصّتين بقوله: ويَجِبُ عَدَمُ التَّوَهُّمِ أنّنا نَرى بأنَّ القِصَّتَينِ هُما قِصَّةٌ واحدةٌ، بَل إِنَّ غَرَضَنا الإِشارَةُ إِلى أنَّ القِصّةَ الّتي يَذكُرُها عُلماءُ اليَهودِ يُمكِنُ أن تَكونَ قِصَّةً مُشابِهَةً أو مُحَرّفةً لمِا حَصَلَ أصلاً لموسى (عليهِ السَّلام) والخِضر، وَقَد تَغيَّرَتْ بِسَبَبِ طولِ الزَّمانِ وأصبَحَتْ على هذا الشَّكل. ودمتم سالمين.